عشرات الإصابات في الاحتجاجات على رفع أسعار المشتقات النفطية في الأردن

المتظاهرون يطالبون بالرجوع عن القرار أو رحيل الحكومة

الشرطة الأردنية تقتاد اشخاصا قطعوا الطريق في عمان امس احتجاجا على رفع الأسعار (أ.ب)
TT

خلفت الاحتجاجات التي اندلعت في مختلف المحافظات الأردنية، مساء أول من أمس وتواصلت أمس، عقب إعلان الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية، عشرات الإصابات في صفوف المواطنين وقوات الأمن ونحو 34 معتقلا بينهم 24 في عمان و6 في الطفيلة و4 في الكرك.

وقال المركز الإعلامي في مديرية الأمن العام الأردنية، في بيان صحافي، إن «أحداث الشغب خلفت أيضا أضرارا مادية متفرقة بعدد من المؤسسات الحكومية والأهلية وعدد من المركبات العسكرية والمدنية».

واعتبر المركز أن «هناك فئة استغلت إعلان الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية، وقامت بعمليات نهب وتخريب وحرق للمؤسسات الحكومية والخاصة في بعض المحافظات، وقامت تحت تلك الذريعة بارتكاب جرائمها في حق المجتمع لتحقيق مآرب مالية وشخصية خاصة بها». وأوضح أن عددا من الفعاليات والاحتجاجات التي شهدتها محافظات المملكة خرجت عن طابعها السلمي، الذي عرفت به خلال الفترة الماضية، واتسمت بالعنف والتخريب، والاعتداء على مقدرات الوطن.

ووفقا للمركز الإعلامي، فقد شهدت العاصمة عمان تجمعا لمئات الأشخاص بالقرب من ميدان جمال عبد الناصر المعروف بـ(دوار الداخلية) قاموا خلاله بإغلاق الدوار، مرددين هتافات وشعارات مخالفة للقانون والقيم والأعراف الأردنية. وأشار إلى أن رجال الدرك والأمن أغلقوا منافذ الدوار وطوقوا المحتجين وأوقفوا حركة السير على الدوار، حفاظا على سلمية الفعالية، وعدم تمكين الآخرين من الاحتكاك بهم، ليتم بعد ذلك فض الاعتصام وتفريق التجمع الذي لم يتجاوز 50 شخصا في نهايته، وباستخدام القوة البسيطة والمناسبة، دون إيقاع أية إصابات تذكر وفتح الطرقات أمام حركة السير النشطة.

وتابع القول إن مناطق أخرى في المملكة، بما فيها العاصمة، كمحافظات جرش والمفرق والرمثا وعجلون والبلقاء ومأدبا والزرقاء ومعان، شهدت إغلاقا للطرق باستخدام الحجارة وإضرام النار في الإطارات، ومحاولات لإحداث الفوضى العامة والإخلال بالأمن والنظام ومحاولة الاعتداء على المارة والمركبات والمؤسسات الرسمية والمحال التجارية.

وقال إن كثيرا من «المسيرات الاحتجاجية غير السلمية توجهت إلى مؤسسات حكومية وخاصة وحاولت اقتحامها وإلحاق الضرر بها، مستخدمة الأسلحة النارية والحجارة، مما أدى إلى إصابة عدد من رجال الدرك نقلوا على أثرها للمستشفى للعلاج، وصفت حالة عدد منهم بالسيئة».

وأكد المركز الإعلامي أن عددا من الاحتجاجات رافقها إطلاق للأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن العام والدرك، وإحراق ونهب وإلحاق أضرار جسيمة ببعض المؤسسات الحكومية، مشيرا إلى استغلال بعض الخارجين عن القانون لتلك الأحداث وقيامهم بعمليات سطو وسرقة ونهب لمحال تجارية وإغلاق الطرق وسلب مركبات المواطنين.

وأكد المركز الإعلامي «عودة الهدوء لجميع محافظات المملكة والمباشرة بحصر الأضرار الناتجة عن تلك الأعمال الخارجة عن القانون»، مؤكدا أنه ورغم الأحداث المؤسفة التي شهدتها جميع محافظات المملكة إلا أن رجال الأمن العام والدرك تعاملوا مع الحدث بأقصى درجات ضبط النفس واستخدام القوة المناسبة وتجنب استخدام الذخيرة الحية، رغم توجيهها من قبل بعض المحتجين باتجاههم بقصد إيذائهم.

وتواصلت أمس الاحتجاجات وأغلق المحتجون طرقا حيوية في المملكة، وانطلقت عدة مسيرات في حي الطفايلة في عمان، وأقدم محتجون على إغلاق طرق في منطقة جبل التاج، ووسط البلد، بالحاويات والإطارات المشتعلة.

واعتصم عشرات المحامين في قصر العدل بعمان، في الوقت الذي توقفوا فيه عن الترافع أمام المحاكم، كخطوة احتجاجية ضد قرار رفع أسعار المحروقات. ونقل عن نقيب المحامين مازن أرشيدات، قوله إن «التوقف عن العمل سيستمر ساعة واحدة»، ملوحا بإجراءات تصعيدية ستتخذها النقابة ما لم تتراجع الحكومة عن قرار الرفع.

وفي منطقة ناعور، جنوب غربي عمان أغلق المحتجون من قبل أصحاب السيارات الثقيلة طريق البحر الميت على الاتجاهين. وقام بعض الشباب بإغلاق منطقه دوار ناعور وإحراق الإطارات مما أثار حالة من الرعب والفزع بين سكان المنطقة. وبحسب شهود عيان انتقل المتظاهرون إلى منطقه السوق التجارية وقاموا بتحطيم السيارات والمحلات وحرقها.

ووقعت مناوشات خشنة في بلدة ذيبان المجاورة لمنطقة ناعور بين المواطنين وقوات الدرك التي أطلقن الغاز المسيل للدموع لتفريق المتجمهرين الذين اعتدوا على المركز الأمني وأحرقت 3 مركبات تابعة للأمن بعد أن رُشقت بوابل من الحجارة وهدم سور خارجي للمركز.

وفي الطفيلة استخدمت قوات الدرك الغاز المسيل للدموع لتفريق جموع المتجمهرين الغاضبين الذين حاولوا اقتحام مبنى المحافظة احتجاجا على رفع الأسعار. وأصيب عدد من المتظاهرين بسبب قنابل الغاز المسيلة للدموع التي ألقيت ونقلوا إلى مستشفى الأمير زيد العسكري للعلاج.

من جهته قال رئيس جامعة الطفيلة التقنية الدكتور يعقوب المساعفة أن الدوام في الجامعة مستمر وهذا قرار طلابي، محذرا من تطبيق التعليمات والأنظمة الداخلية على من يتغيب عن الدوام مشددا القول على أنه «لا نية لتعليق الدوام من قبل إدارة الجامعة».

وفي محافظة أربد شمال الأردن تجمهر غاضبون أمام دوار الشهيد وصفي التل في وسط المدينة، احتجاجا على رفع الأسعار وطالبوا بإسقاط الحكومة والتراجع فورا عن قرار رفع الأسعار، وأغلق مواطنون عددا من الطرق الرئيسية بالإطارات المشتعلة والحجارة في عدد من قرى أربد.

وفي مدينة معان، أشارت المصادر ذاتها إلى أن «قوات الدرك اشتبكت مع الآلاف من المواطنين المحتجين، الذين أغلقوا الطريق الرئيسي المؤدي إلى مدينة العقبة، ورشقوا الدرك بالزجاجات الحارقة والحجارة، في ما رد الأخير بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم».

وشهدت المدينة إضرابا مدنيا عاما، وتعطيل الدراسة في جامعة الحسين بن طلال وكلية مجتمع معان ومدارس المدينة، وامتناع موظفي الدوائر الحكومية عن العمل وإغلاق بعض المحال التجارية، استجابة لما دعا إليه المشاركون في الاعتصام، والذين هددوا باتخاذ إجراءات تصعيدية نوعية.

وكانت فعاليات شعبية وشبابية، بمشاركة من الحركة الإسلامية والحراك الشعبي، بدأت اعتصاما مفتوحا منذ مساء أول من أمس، على دوار العقبة في معان، مطالبة بإلغاء قرار رفع أسعار المحروقات، ورحيل حكومة النسور.

وسادت أجواء معان، بحسب شهود عيان، حالة من التوتر والقلق إثر القرار الحكومي، إذ أقدم محتجون على إغلاق الشوارع الرئيسية بالإطارات المطاطية المشتعلة والحجارة والحاويات، ومحاولة إحراق محكمة بداية معان والمؤسسة الاستهلاكية المدنية، إلا أن قوات الدرك سارعت إلى حماية الممتلكات العامة وتفريق المحتجين بإطلاق الغاز المسيل للدموع.

وعلى صعيد متصل، دعت مجموعة من الحركات الشبابية والشعبية والعشائرية، إلى المشاركة في مسيرة جماهيرية غدا، تحت اسم «رفع الأسعار لعب بالنار»، مجددة عزمها على الاستمرار في مطالبها بالإصلاحات السياسية والاقتصادية. وقالت في بيان لها أمس، إن الحركات تدارست الواقع السياسي والسيناريوهات المتوقعة، إلى جانب خيارات التعامل معها، وأكدت استمرار مطالبها بالإصلاحات التي دعت إليها سابقا. وأعلنت النقابات عن حزمة إجراءات بهدف الضغط على الحكومة للعودة عن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية. وقررت دعوة المهنيين إلى التوقف عن العمل ما بين 11.00 - 13.00 من ظهر يوم الأحد المقبل والمشاركة في الفعاليات الاحتجاجية على رفع الأسعار.

وقال رئيس مجلس النقباء نقيب المهندسين الزراعيين محمود أبو غنيمة في مؤتمر صحافي عقد في المجمع إن مجلس النقباء عقد اجتماعا طارئا استمر نحو ساعتين ناقش خلاله الأحداث التي شهدتها المملكة عقب قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات. وأضاف أن المجلس بحث النتائج الكارثية للقرار الذي أخذ بالحلول السهلة بالنسبة للحكومات وأغفل الحلول التي تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد السياسية والاجتماعية للقرار.

وأكد المجلس وفقا لأبو غنيمة ضرورة أن يبقى الحراك سلميا وبعيدا عن أعمال العنف وتخريب الممتلكات العامة والخاصة لأنها ملك للمواطنين أنفسهم المتضررين من القرار.