أبو وردة حاول استغلال «هدنة الساعات» خلال زيارة قنديل لغزة ففقد ابنه

بعد يومين من العزلة في منزله ببلدة جباليا

TT

استيقظت عائلة أبو وردة صباحا في حي النزلة ببلدة جباليا شمال قطاع غزة، أول من أمس، على إعلان اتفاق «هدنة» لمدة ثلاث ساعات، هي الساعات التي استغرقتها زيارة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل للقطاع المحاصر. وبعد يومين من البقاء داخل المنزل لتفادي الغارات الجوية الإسرائيلية، خرج رب العائلة عابد أبو وردة، للتسوق. وأخذ ابنه أيمن، البالغ من العمر 22 عاما، أنبوب الوقود لتزويده بغاز الطهي، بينما خرج الأطفال إلى الحارة للعب كرة القدم.

ومع ذلك ونحو الساعة 9.45 صباحا، وقع انفجار قرب منزل أبو وردة، أسفر عن مقتل الابن خلال عودته، ومحمود سعد الله ذي الأربعة أعوام، الذي يعيش في المنزل المجاور والذي رفض أن يصغي إلى نصيحة ابن عمه بعدم مغادرة المنزل، على حد قول أفراد الأسرة والجيران. وقال محمد، شقيق أيمن، البالغ من العمر 27 عاما، بعد ساعات قليلة من الحادث: «ما هذه الهدنة؟ ماذا تعني؟».

وتجمع عدد كبير من الرجال في جباليا، في سرادق على الجانب الآخر من الشارع الذي وقع فيه الانفجار، لتقديم التعازي في مقتل الاثنين، ووجدوا والدة أيمن، سماح أبو وردة، تنتحب على أرض الباحة في منزل العائلة المكون من ثلاثة طوابق. وأخذت تنوح بينما كانت نانسي، صغرى بناتها التي تبلغ من العمر 9 سنوات والتي كانت تجلس إلى جوارها، تصرخ: «أيمن، أيمن». وفي الخارج، ظل قميص أيمن المخضب بالدماء في مكان سقوط جسده. وكان منزل محمود، الطفل ذو الأربعة أعوام، على الجانب الآخر من الطريق مملوءا بركام الزجاج والخرسانة بسبب الانفجار، وتكسرت النافذة الأمامية وظهرت الفجوات في جدران غرفة الصالون.

وقال فارس سعد الله، ابن عم محمود، الذي يبلغ من العمر 11 عاما، إنه حاول مرتين إقناع الصبي بالدخول إلى المنزل، لكن لم يكن ذلك مجديا. وأوضح فارس الذي يلف رجله بضمادة جراء الإصابة: «لقد كنت خائفا بسبب القصف. لقد كنت أخشى من سقوط صواريخ».

وعلى بعد بضعة أميال من موقع الانفجار في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، حمل كل من قنديل وهنية جثمان محمد ياسر، طفل يبلغ عمره أقل من سنة، وكان من بين تسعة أطفال، قالت وزارة الصحة في حكومة حماس المقالة إنهم قتلوا منذ بداية القتال يوم الأربعاء. وارتفع إجمالي عدد القتلى من الفلسطينيين يوم الجمعة إلى 28. وليس من بينهم الخائن. ونصف هؤلاء من المدنيين، على حد قول مسؤولين في وزارة الصحة.

ليس من الواضح من المسؤول عن الهجوم على حي النزلة، فلم يصل الدمار إلى الحد الذي يجعل المرء يعتقد أنه بسبب صاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية. وربما يزيد هذا احتمالية أن يكون ناتجا عن صاروخ أطلقته جماعات مسلحة فلسطينية بطريق الخطأ. وما يبدو واضحا هو أن التوقعات بالهدنة اتخذت منحى مأساويا، على الأقل بالنسبة إلى أسرة واحدة.

وصرح الجيش الإسرائيلي بأنه أوقف الهجمات الجوية أثناء الزيارة رغم سماع دوي صاروخين أطلقتهما طائرة من طراز «إف 16» المألوف في مدينة غزة في التاسعة صباحا تقريبا. وبدأت الهدنة الفاشلة يوما متقلبا في غزة، التي اعتاد أهلها، البالغ تعدادهم مليون ونصف المليون، الاعتداءات الإسرائيلية. وظهر رئيس وزراء الحكومة المقالة، إسماعيل هنية، علنا للمرة الأولى منذ بداية الأعمال العدوانية ليرحب، مزهوا، برئيس الوزراء المصري هشام قنديل. وأكد هنية أمام حشد من الناس، في رواق مستشفى الشفاء بغزة، أنه بفضل القيادة الإسلامية الجديدة في مصر «انتهى زمن قيام الاحتلال الإسرائيلي بما يحلو له في غزة». وبعد بضع ساعات، أصدرت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، بيانا أعلنت فيه إسقاط طائرة حربية إسرائيلية، لكن متحدثا إسرائيليا نفى هذا الزعم، مؤكدا أنه محض أكاذيب. مع ذلك، تعالت التكبيرات من المساجد خلال صلاة المغرب. وتزايد عدد الناس الذين يجوبون شوارع مدينة غزة ومناطق شمالية أخرى من القطاع مساء الجمعة عن عددهم يوم الخميس، حيث كانوا يتسوقون أو يجلسون على الشرفات الصغيرة عند مداخل المباني احتفالا برأس السنة الهجرية.

وبحلول الليل، تزايدت الهجمات الجوية والصواريخ مجددا، وأشارت أنباء عاجلة عن قيام إسرائيل بالانتهاء من استعداداتها للقيام بعملية عسكرية برية. وقال سعيد شبت، (42 عاما)، الذي تهدم منزله، الواقع في بلدة بيت حانون الحدودية، جراء غارات أسفرت عن مقتل وإصابة 15: «لا بد أن يتوقفوا»، مشيرا إلى كل من إسرائيل وحماس. وتساءل شبت الذي كان يعمل داخل إسرائيل قبل انسحابها من غزة عام 2005: «ما النفع الذي عاد علينا من الصواريخ؟ ماذا قدمت لنا حركة حماس؟ لقد خسرنا عملنا».