وزير إسرائيلي: لم نخطط لإسقاط حماس.. وبديلها هو «الجهاد» وليس عباس

نتنياهو يهدد في العلن ويوافق على جهود التهدئة المصرية

TT

على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس، والاستعداد الإسرائيلي للتجاوب مع بعض مطالب حماس، وفي مقدمتها تخفيف الحصار، خرج رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بتصريحات حربية جديدة في مستهل جلسة حكومته أمس، وقال إن «العملية في قطاع غزة مستمرة ونحن نستعد إلى توسيع رقعتها».

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن أنه تمكن من تجنيد 40 ألف جندي في الاحتياط، وأن الحكومة صادقت له على تجنيد 35 ألفا آخرين، ليكون على أهبة الاستعدادات لاجتياح قطاع غزة. وقال نتنياهو أيضا، إنه يقدر «التجنيد السريع والمثير للانطباع لجنود الاحتياط الذين قدموا من كل أنحاء البلاد. إنهم أتوا من أجل تنفيذ المهمة. وجنود الاحتياط والجيش النظامي مستعدون لتنفيذ أي أوامر ستصدر لهم».

وتباهى نتنياهو بأن قواته استهدفت «حتى الآن، أكثر من ألف هدف في قطاع غزة تابعة للمنظمات الإرهابية وهو يواصل عملياته في هذه اللحظات. إنها تضرب الأسلحة التي توجه ضد مواطني إسرائيل وتضرب أيضا العناصر الذين يطلقونها، وأولئك الذين يقفون وراءهم. إننا نقوم بجباية ثمن باهظ من حماس والمنظمات الإرهابية وجيش الدفاع مستعد لتوسيع رقعة العملية بشكل ملموس. واليوم أيضا أواصل محادثاتي مع زعماء دوليين وأقدر التفاهم الذي يبدونه حول حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها. وفي محادثاتي هذه، أؤكد الجهود التي تبذلها إسرائيل من أجل تجنب المدنيين، وهذا عندما تبذل حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى كل جهد مستطاع من أجل ضرب أهداف مدنية في إسرائيل. إننا حكومة تتسم بالمسؤولية وأي حكومة مهما كانت ملتزمة فوق أي شيء آخر بتوفير الأمان لمواطنيها ونحن نعمل وفقا لهذا الالتزام».

واعتبر المراقبون هذه التصريحات محاولة ضغط على حماس لكي تخفف من شروطها في المفاوضات التي تديرها مصر بين الجانبين من أجل التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد. وحسب مصادر سياسية في تل أبيب، فإن هناك حديثا جديا عن اتفاق هدنة، وليس تهدئة فقط. وقد طرح نائب رئيس الوزراء، موشيه يعلون، عددا من الشروط التي اعتبرها أساسية لتوافق على التهدئة، هي: «أولا: وقف تام لعمليات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة نحو المدن والبلدات الإسرائيلية. ثانيا: عدم استهداف وحدات الجيش الإسرائيلي التي تنتشر على الحدود، وثالثا: التوقف التام عن العمليات العسكرية وبعث المجموعات لتنفيذ العمليات ضد إسرائيل، رابعا: تحمل حماس مسؤوليتها الكاملة على قطاع غزة وعدم السماح لأي مجموعة تنفيذ عمليات ضد إسرائيل. وأما حماس، فإنها تضع شروطا مضادة أبرزها: وقف سياسة الاغتيالات تماما، وقف الغارات والقصف بأي شكل من الأشكال، وإزالة الحصار البري والبحري عن قطاع غزة، والسماح للمزارعين الفلسطينيين بفلاحة أراضيهم المتاخمة للحدود مع إسرائيل». وقد أكدت المصادر المذكورة أن إسرائيل وافقت على تخفيف الحصار، بحيث يتاح نقل البضائع من معبر رفح، بشرط أن تتحمل مصر مسؤولية المعبر وكل ما يتم تمريره منه، وتتعهد بألا يتم استخدامه لدخول الأسلحة أو المسلحين. وأوضحت المصادر أن مصر التي امتنعت في أول يومين من الحرب عن القبول بأداء دور الوسيط، تبذل في الأيام الأخيرة جهودا كبيرة للتوصل إلى اتفاق، وعزت ذلك إلى طلب صريح بهذا الشأن للرئيس الأميركي، باراك أوباما، خلال محادثتين هاتفيتين مع الرئيس محمد مرسي. وحسب المصادر الإسرائيلية فإن مرسي استجاب لطلب أوباما، خصوصا بعد أن أكد له أنه، أي أوباما، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالامتناع عن توسيع دائرة الحرب إلى عملية اجتياح بري. ويدور الحديث اليوم عن هدنة مختلفة عن سابقاتها. وكما تسعى حركة حماس لاستغلال التدخل الإقليمي والدولي، خاصة التركي والمصري والقطري، وكذلك الولايات المتحدة، فإن إسرائيل تسعى لنفس الهدف وتريد التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة برعاية مصرية وتركية وأطراف أخرى للتوصل إلى تهدئة دون الحديث المباشر مع حركة حماس.

وكانت إسرائيل قد واصلت، أمس، غاراتها الجوية على قطاع غزة وقصفها المدفعي من البر والبحر، في إطار الضغط الميداني للتأثير على المفاوضات. وقال رئيس أركان الجيش، بيني غانتس، إنه لا يفكر في تهدئة ويواصل العمليات وفقا لقرار الحكومة. وفي المقابل، واصل الفلسطينيون قصف الصواريخ، متوسطة المدى على منطقة تل أبيب.

وعلى الرغم من أن قصف تل أبيب لم يسفر عن إصابات جدية، حيث إن منظومة «القبة الحديدة» تمكنت من تدمير معظم هذه الصواريخ، فإن سقوطها في مركز عصب إسرائيل بدا مقلقا لأوساط واسعة، سياسية وعسكرية، وارتفعت أصوات حتى من المعارضة الإسرائيلية تطالب بالرد القاسي عليها وتغيير أهداف الحرب ووضع هدف جديد هو إعادة احتلال القطاع وإسقاط حكم حماس. وطالب شاؤول موفاز، رئيس المعارضة الإسرائيلية الحكومة برفض جهود التهدئة و«استغلال الفرصة الناشئة لتصفية تنظيمات الإرهاب في القطاع». وطرح مطلبا مشابها كل من حايم رامون، المقرب من رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، ومن تسيبي ليفني نائبته. وكذلك فعل بنيامين بن أليعازر، وزير الدفاع الأسبق وهو من حزب العمل.

لكن وزير التعليم الإسرائيلي، جدعون ساعر، رفض هذا المطلب وقال إن الحكومة الإسرائيلية لم تضع لنفسها هدف إسقاط حماس، فهي لا تريد أن تتدخل في الشؤون الداخلية للفلسطينيين. وأضاف أن أحدا لا يعرف من سيحل محل حماس، لأن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لا يستطيع حكم هذه المنطقة، وربما يحتل مكان حماس تنظيم «الجهاد الإسلامي» المرتبط بإيران أو تنظيمات أخرى أسوأ وأشد تطرفا.