مصادر فرنسية: القوى الست تعد «مقترحات محسنة» لاستئناف المفاوضات مع إيران

طهران لم ترسل إشارات حول رغبتها في التفاوض

TT

كشفت مصادر فرنسية رسمية أن ممثلين عن مجموعة 5+1 للتفاوض مع إيران يعملون حاليا على بلورة «ورقة مقترحات محسنة» لطرحها على الجانب الإيراني في محاولة منها لمعاودة المفاوضات مع طهران حول برنامجها النووي. ورجحت هذه المصادر أن يعقد الاجتماع في مدينة إسطنبول في شهر يناير (كانون الثاني) القادم.

غير أن المصادر الفرنسية رفضت تفصيل ما تتضمنه المقترحات الجديدة مكتفية بالقول إنها تأتي في «سياق» ما طرحته المجموعة على طهران في بغداد في اجتماع مايو (أيار) الماضي مع إدخال بعض «التحفيزات» مثل الموافقة على خفض بعض العقوبات «غير الجوهرية» المعروضة على طهران مقابل تخليها أو قبولها تجميد تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%.

وتشكل نشاطات إيران التخصيبية بنسبة 20% إن في مجمع ناتانز أو في معمل فوردو القائم قرب مدينة قم أبرز مصادر القلق وربما العلامة التي من شأنها أن تدفع إسرائيل إلى السعي لضرب المنشآت النووية الإيرانية. ومن المتعارف عليه أن امتلاك إيران لكمية من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% تتراوح ما بين 220 و350 كلغم يقربها كثيرا جدا من إنتاج القنبلة النووية خصوصا أن امتلاكها لتكنولوجيا التخصيب يسهل عليها الانتقال من التخصيب السلمي «حتى نسبة 20%» إلى التخصيب العسكري «بنسبة 90%».

وبحسب الأرقام التي ذكرتها هذه المصادر نقلا عن الوكالة الدولية للطاقة النووية، فإن إيران توصلت إلى إنتاج نحو 225 كلغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%. غير أنها عمدت، في محاولة منها لخفض التوتر مع الغرب، إلى تحويل 90 كلغم منها إلى أكسيد اليورانيوم بغرض تحويلها إلى وقود نووي لمفاعله التجريبي في طهران. غير أن إيران أوقفت عملية التحويل منذ نهاية سبتمبر (أيلول) ما يعني أن مخزونها عاد إلى الارتفاع.

وترى باريس أن المسؤولين الإيرانيين يمتلكون عدة وسائل يمكنهم «تشغيلها» عندما يشاءون لخفض التوتر أو تحاشي تخطي السقف المذكور ومنها، إلى جانب تحويل اليورانيوم المخصب إلى أكسيد اليورانيوم، إبطاء التخصيب أو الامتناع عن تشغيل كافة الطاردات المركزية التي يمتلكونها كما أنهم، بالمقابل، يستطيعون الإسراع في إنتاج اليورانيوم متوسط التخصيب. غير أن هذه الطرق «لا يمكن أن تكون بأي حال جزءا من الحل» الذي تريده مجموعة 5+1 «دائما وموثوقا به».

وكانت إسرائيل تطالب بأن تسلم إيران كل مخزونها من اليورانيوم متوسط التخصيب وأن تمتنع عن معاودة إنتاجه وأن تعطل الطاردات المركزية المنصوبة لهذا الغرض. كما طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي برسم «خطوط حمراء» لإيران يكون تجاوزها المبرر لعمل عسكري. ورفضت المصادر الفرنسية هذا التعاطي ليست هناك جهة تستطيع تحديد هذه الخطوط كما أن تجاوزها يعني أحد أمرين: إما الذهاب إلى الحرب مباشرة أو التراجع المعيب.

ولا تبدو باريس «متفائلة» كثيرا إزاء ما يمكن أن تنتج عنه جولة المفاوضات الجديدة مع طهران لعدة أسباب أولها أنه لم يصدر عن إيران «مؤشرات تبين رغبتها في التفاوض مجددا» مع المجموعة المذكورة. والسبب الثاني اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمر الذي سيدفع قادتها إلى المزايدة وثالثها استفحال الأزمة السورية وانخراط إيران فيها الأمر الذي سيدفع بمسؤوليها إلى التشدد أكثر فأكثر في مواقفهم.

وتستدل المصادر الفرنسية على التشدد الإيراني بالاستقبال الفاتر جدا الذي لقيه المبعوث الروسي إلى طهران سيرغي ريابكوف الذي لم يلاق أي مؤشر «لانفتاح» إيراني علما بأن الجانب الروسي كان يلعب دائما ولمصلحة دور «المكبح» في إطار مجموعة 5+1.

وتبدو باريس متقبلة للذين يرون أن العقوبات الاقتصادية والمالية والنفطية المفروضة على إيران «لم توقف أو تبطئ» البرنامج النووي الإيراني وهو الموقف الذي عبر عنه مدير عام الوكالة الدولية للطاقة النووية أمانو لدى وجوده في العاصمة الفرنسية بحر الأسبوع الجاري. غير أنها، رغم ذلك، تعتقد أن العقوبات هي «الخيار الأنجع» وأنها «ستفعل فعلها بصدد البرنامج النووي» بعدما تبينت نجاعتها في إبطاء الاقتصاد الإيراني وحرمان طهران من جانب كبير من عائداتها النفطية.

وترى باريس أن اجتياز استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية «أوضح» المشهد الراهن مع إعادة انتخاب الرئيس أوباما الذي أكد أمام اللوبي الإسرائيلي «أيباك» أنه «لن يسمح» لإيران بامتلاك السلاح النووي وأنه «لا يستبعد» الخيار العسكري. أما بالنسبة للموقف الإسرائيلي وللمهلة الإضافية التي «أعطاها» نتنياهو لواشنطن والغربيين بشكل عام فقد اعتبرتها المصادر الفرنسية «مطاطة» ومرهونة بما سيكون عليه المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب.

وروت المصادر الفرنسية أنه خلال الاجتماعات السابقة كان الجانب الأميركي يسعى لفتح حوار جانبي مع سعيد جليلي. غير أنه «كلما اقتربت المبعوثة الأميركية ويندي شيرمان منه فإنه كان يتراجع إلى الوراء لقطع الطريق على المحاولات الأميركية». واستبعدت هذه المصادر أن تكون واشنطن تفاوض «من وراء ظهر الآخرين» مؤكدة الثقة التامة الموجودة بين الأطراف المولجة مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون التفاوض.