تفجيران في منطقة جرمانا ذات الغالبية الدرزية جنوب شرقي دمشق يوقعان أكثر من 50 قتيلا

ناشطون دروز لـ«الشرق الأوسط»: النظام يريد أن يشعل فتنة مذهبية مع السنة

TT

استفاق أهالي منطقة جرمانا (جنوب شرقي العاصمة) صباح أمس الأربعاء على أصوات انفجارات مدوية هزت وسط المدينة، حيث انفجرت سيارتان مفخختان كانتا مركونتين في ساحة الرئيس. وقد أسفرت التفجيرات، وفقا لوزارة الداخلية السورية، عن سقوط أكثر من 50 قتيلا، بينها أشلاء مجهولة الهوية تم وضعها في عشرة أكياس، وإصابة 120 شخصا بجروح، وإلحاق أضرار كبيرة بالمباني والممتلكات المجاورة.

من جانبه، قال المجلس العسكري الثوري لمدينة دمشق وريفها في بيان له إن «استمرار التفجيرات في هذه المدينة يكشف عن أن هناك من يحاول باستمرار إشعال تلك المنطقة من خلال تفجيرات متكررة؛ وبغض النظر عن المتسبب فإن النظام هو المستفيد الوحيد، والثورة هي المتضررة، وعليها رفع الضرر ومحاصرته»، لافتا إلى أن «المرجعيات الدرزية ووجهاء مناطق الغوطة المحيطة بجرمانا أظهروا كثيرا من الوعي في منع مخطط زرع الفتن بينهم».

كما وجه عدد من الناشطين الذين يقطنون في المنطقة - ويتحدرون من الطائفة الدرزية - الاتهام بتدبير التفجيرين إلى النظام السوري وأجهزته الأمنية، مؤكدين لـ«الشرق الأوسط» أن «نظام الأسد يسعى إلى إشعال فتنة مذهبية بين الدروز الذين يعيشون في جرمانا وبين محيطهم ذي الغالبية السنية».

وتعيش في ضاحية جرمانا التي تبعد عن دمشق نحو 5 كيلومترات غالبية درزية إضافة إلى عدد من المسيحيين. وتحيط بها من جهة الغرب مناطق عقربة وببيلا، أما من الشرق فتجاورها مناطق بيت سحنم والنشابية. ووفقا للناشطين فإن «معظم المناطق التي تحيط بجرمانا شبه محررة، ما دفع النظام بعدما فشل في إجهاض الثورة في تلك المناطق إلى تدبير تفجيرات بشكل متواتر داخل جرمانا، وإلصاق التهمة بأهالي المناطق المجاورة بهدف إشعال فتنة طائفية بين الموحدين الدروز وأهالي الغوطة المنتمين إلى الغالبية السنية».

ومنذ بداية الحراك الشعبي ضد النظام، كانت جرمانا من بين المناطق التي شهدت حراكا ملحوظا، خاصة في أوساط الشباب والشابات، حيث نظموا اعتصامات ولقاءات وجماعات مدنية هدفها دعم الثورة ومطالبها في الحرية والديمقراطية. غير أن الضغط الأمني الكبير على المدينة حد من هذه النشاطات وأوقفها تماما. ويشير ناشطون معارضون إلى أن «حملات تخويف الأقليات التي قادها نظام الأسد جعلت أهالي المدينة - التي ينتمي معظمها إلى الأقليات الدينية - يقفون ضد الثورة»، ويضيف الناشطون: «لقد قام النظام عبر أدواته المخابراتية بتسليح الشبيحة الذين نصبوا حواجز لتفتيش الناس وإهانتهم على مداخل المدينة، تحت حجة حمايتها من العصابات المسلحة، وتحت تسمية (اللجان الشعبية)».

وهذه الانفجارات ليست الأولى من نوعها في مدينة جرمانا، إذ انفجرت سيارة مفخخة في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في حي الروضة بالمدينة، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا والجرحى وخسائر مادية كبيرة.

يذكر أن عدد سكان جرمانا كان في عام 1959 نحو أربعة آلاف نسمة جميعهم من طائفة الدروز، وتزايد العدد حيث بدأت منذ ذلك الوقت الهجرة المكثفة من السويداء (معقل الدروز في سوريا) وبشكل أقل من باقي المحافظات السورية، إلى جرمانا لتصل الآن إلى أكثر من 650 ألف نسمة، أغلبهم من الدروز والمسيحيين. وبعد الحرب في العراق تزايد العدد مع وجود جالية عراقية كبيرة فيها. ويعمل السكان في شتى الأعمال، كالتجارة، حيث تمتد الأسواق بطول المدينة وعرضها، وتشكل حركة تجارية نشطة جدا، وهناك الكثير من المنشآت الصناعية والمعامل، إضافة للصناعات المعتمدة على الزراعة.