موسكو فصلت «الاختلاف السياسي» عن المصالح الاستراتيجية مع أنقرة

مسؤولون أتراك يخرجون من لقاءات بوتين بقناعة باقتراب «التغيير»

TT

خرج المسؤولون الأتراك من اللقاءات التي عقدوها مع الثنائي الروسي، رئيس البلاد فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، بانطباعين مختلفين. تشدد لافروف في دعم الأسد لقيادة «أي عملية انتقالية» في سوريا، بينما «انفتح» بوتين على «كل الأفكار والمقترحات»؛ كما قال مسؤول تركي شارك في جانب من اللقاءات لـ«الشرق الأوسط» أمس.

ويعتقد المسؤولون الأتراك على نطاق واسع، بأن لحظة التغيير الروسية قد اقتربت، وإن كانت ملامح هذا التغيير لم تظهر بعد. ويقول مصدر دبلوماسي تركي لـ«الشرق الأوسط» إن الجانب التركي كان واضحا في «توضيح» موقف بلاده، وموقف المجموعة الدولية الداعمة للشعب السوري، بالإضافة إلى موقف المعارضة السورية الموحدة، بأن الأسد لا يصلح لقيادة أي عملية انتقالية. وبينما كان رد لافروف أن «لا تغيير من دون الأسد»، قال بوتين إنه يرى أن الأسد «لا يزال قادرا على قيادة التغيير». وقال أحد مساعدي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لـ«الشرق الأوسط» إن الأخير بادر بالرد على بوتين بالقول إن «الأسد كان صالحا لقيادة العملية الانتقالية حتى يوليو (تموز) 2011 عندما بادر إلى استخدام مدفعيته ودباباته لقمع المتظاهرين، أما بعد ذلك فقد تراكمت الكثير من الأحزان والدماء التي تمنع الكثير من السوريين من مجرد النظر إليه حيا، فكيف رئيسا».

وعلى الرغم من أن البيانات الرسمية التي صدرت عن لقاءات بوتين في أنقرة، قد كرست «الاتفاق على الاختلاف» في مقاربة الملف السوري، إلا أن المسؤولين الأتراك لاحظوا أن روسيا لم تعد متمسكة بالأسد كما في الماضي، وأنهم لم يربطوا تطور علاقاتهم بتركيا بموقفها من الأزمة السورية على على الرغم من اختلافهم الكبير معها في المواقف المعلنة. وقال المسؤول التركي إن روسيا وافقت على تحييد علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع تركيا عن «الاختلاف السياسي»، مشيرا إلى أن الاختلاف السياسي قد يكون مؤقتا، لكن المصالح التي تجمع البلدين أكبر بكثير.

وتجمع المصادر التركية على أن اللقاءات التركية – الروسية لم تخرج بخطة عمل واضحة في ما خص الأزمة السورية، لكن المسؤولين الأتراك باتوا أكثر قناعة بإمكانية حصول تطور كبير في الموقف الروسي، معتبرين – كما قال المسؤول التركي – إن ما يقوم به الأسد من جرائم «أكبر من أن تستطيع روسيا تغطيتها».

وقال مسؤول تركي كبير إن روسيا وافقت على «نهج دبلوماسي جديد من شأنه أن البحث عن سبل لإقناع الرئيس بشار الأسد بالتنحي عن السلطة»، ملاحظا «تراجعا محتملا» في دعم روسيا الثابت لنظام الأسد.

وقال محلل سياسي روسي على علاقة وثيقة بدوائر الخارجية الروسية إن الأشخاص الذين بعثت بهم القيادة الروسية للقاء الرئيس الأسد قبل أسبوعين، وصفوا حاله بأنها حال «رجل فقد كل أمل في الانتصار أو الهروب». وقال فيودور لوكيانوف رئيس تحرير مجلة «الشؤون الخارجية» الروسية ورئيس فريق السياسات المؤثرة، في مقابلة تلفزيونية أن مبادرة جريئة وحدها قد تقنع الأسد بالرحيل حيا، فهو إن حاول الرحيل «إذا كان سيحاول أن يذهب، سوف يقتل على يد جماعته»، وقال لوكيانوف، إن قوات الأمن التي تهيمن عليها الأقلية من الطائفة العلوية لن تسمح له بالابتعاد وتركهم يواجهون الانتقام. وأضاف: «إذا كان سيبقى، سيقتل على يد خصومه. فهو واقع في فخ كبير، والمسألة ليست في يد روسيا أو غيرها، إنها مسألة بقائه الجسدي» وكانت روسيا قد أظهرت مؤخرا أولى إشارات «تزعزع الثقة» بالوضع السوري، عندما لمحت إلى استعدادها لإجلاء مواطنيها من هناك. وقال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية، إن روسيا مستعدة لتقديم المساعدة إلى أي من مواطنيها الراغبين في مغادرة سوريا. وهناك عشرات الآلاف من الروس يعيشون هناك، معظمهم من النساء المتزوجات من رجال سوريين بعد سنوات من التعاون بين البلدين. وأضاف بوغدانوف: «ونظرا لهذا الوضع، فإننا نوصي المواطنين الروس بعدم التوجه إلى سوريا».

وقال مسؤول تركي كبير، طلب عدم نشر اسمه، إن الخطط الروسية تتضمن البحث عن طرق لإقناع الأسد بالتنحي. وأشار المسؤول التركي إلى أن روسيا اليوم «أكثر حماسا لإيجاد بديل» وأضاف: «هناك بالتأكيد تخفيف لهجة السياسة الروسية»، مضيفا أن بوتين قد اعترف أن السيد الأسد يبدو غير راغب في الرحيل.