طرابلس تنفجر أمنيا بسبب قتلى تلكلخ

ميقاتي يدعو الأهالي للهدوء.. ووزير الداخلية يزور المدينة

TT

تدهور الوضع الأمني في طرابلس بعد عصر أمس، وتبادلت منطقتا جبل محسن وباب التبانة رصاص القنص والاستهداف بالأسلحة الرشاشة والقنابل، فيما تراشق «الحزب العربي الديمقراطي» و«تيار المستقبل» بالاتهامات، واعتبر كل طرف أن الجهة الأخرى هي «المسؤولة»، بل «المتآمرة» على أهالي طرابلس وأمنها.. وحذر الطرفان من أن طرابلس مقبلة على تفجير كبير لا محالة في حال لم يوضع حد للوضع القائم.

وكانت الخروقات الأمنية قد بدأت بين المنطقتين، مع وصول خبر (يوم الجمعة الماضي) عن وقوع ما يقارب عشرين شابا لبنانيا ما بين قتيل وجريح في كمين للجيش السوري النظامي، في منطقة تلكلخ بعد دخولهم الأراضي السورية. وإذ ساد غضب بين أهالي الشبان واحتجوا واعتصموا لمطالبة الدولة اللبنانية بالكشف عن مصير أولادهم، واستعادة جثثهم، تواصلت الاتصالات يوم أمس على أعلى مستوى. وأكد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أن «الحكومة لن توفر أي جهد من أجل كشف مصير المواطنين في تلكلخ»، داعيا أهالي المدينة «إلى الهدوء وعدم الانجرار والتنبه للشائعات ومحاولات تأجيج الحزن داخل طرابلس».

وفي هذه الأثناء كانت طرابلس قد بدأت تشتعل بالفعل، ووزير الداخلية والبلديات مروان شربل يعلن عن نيته التوجه إلى المدينة للاطلاع على الوضع الأمني هناك. فيما طمأن وزير الدولة مروان خير الدين إلى أن اتصالات وزير الخارجية عدنان منصور مع السفير السوري في لبنان، علي عبد الكريم، ستسفر قريبا عن «إعادة القتلى الذين سقطوا في تلكلخ إلى ذويهم». و«ستتم معرفة من حرض هؤلاء على الذهاب ولقاء حتفهم في سوريا».

على الأرض كان الوضع يشتد سخونة، والوضع يذهب نحو التدهور، رغم قيام الجيش اللبناني بمطاردة بعض المسلحين وتوقيفهم، ومحاولته ضبط الوضع قبل هبوط الظلام.

وبدأ إطلاق النار حين حاول أهالي جبل محسن، صباح أمس، فتح متاجرهم في منطقة باب التبانة فمنعوا من ذلك، وتوجه معهم مختار منطقة باب التبانة (جبل محسن سابقا)، عبد اللطيف صالح الذي يشغل حاليا منصب المسؤول الإعلامي في الحزب العربي الديمقراطي، في محاولة لتطييب الخواطر. وقال صالح لـ«الشرق الأوسط»: «تحدثت مع الذين يمنعونهم من فتح محالهم وقلت ما يرضي الله، لكن الإجابة جاءت منهم بصرخات: بدنا نصفي المختار. وهكذا رشقونا بالرصاص وتركنا المكان وأصيب مرافقي علي العلي إصابة طفيفة. ومن حينها ومنطقة جبل محسن تتعرض للقنص ويمطرونها بقذائف الإنرغا، بعد أن منعوا أي شخص من مغادرة جبل محسن أو الذهاب لعمله أو مدرسته».

وقال صالح: «أحمل المسؤولية إلى تيار المستقبل ونوابه الذين يصعدون ويحرضون الأهالي، وينشرون الشائعات، وتصريحات النائب معين المرعبي وخضر حبيب موجودة في الإعلام وليست سرا، وكذلك النائب مصباح الأحدب الذي حرض الناس خلال اعتصامهم يوم (أول من) أمس. هذا بعكس بعض المشايخ المعتدلين الذين قالوا كلمة حق». وحذر صالح «من ترك الأمور على ما هي عليه، لأنها تتدهور وتذهب إلى تفجير لا تحمد عقباه»، لافتا إلى أن «تصريح المستشار السياسي للجيش السوري الحر بسام الدادا، الذي يشير إلى نيتهم دخول لبنان ومهاجمة حزب الله، إذا ما استخدم النظام السوري السلاح الكيميائي، هو خير دليل على تورطهم فيما يحدث في طرابلس».

ورد منسق تيار المستقبل في الشمال، مصطفى علوش، على اتهامات الحزب العربي الديمقراطي في اتصال مع «الشرق الأوسط» قائلا: «اتهامنا بتوتير الأوضاع في طرابلس، من قبل حلفاء سوريا، بات مسألة مرضية، بل هو أمر غريب ومستهجن، خاصة أننا نؤكد باستمرار أن السلم الأهلي والحفاظ على أملاك المواطنين في باب التبانة وجبل محسن هما من أولوياتنا». وأضاف علوش: «هناك محاولة استعداء واضحة، ومحاولة لدفعنا للخروج من منطق التهدئة الذي نلتزمه، وهو ما لن يحصل».

وعما إذا كان تيار المستقبل ما عاد يستطيع السيطرة على مناصريه لكبح جماح التصعيد الأمني، قال: «مناصرونا ليسوا مسلحين، ونحن لسنا حزبا مسلحا. نحن حزب سياسي ينصح ويقدم الرؤية، لكن ضبط الأمن محصور بالقوى الأمنية. أما من يمنع الناس من فتح محالهم التجارية ومن الذي يسمح بذلك فالأسماء هي عند القوى الأمنية التي هي على دراية بكل ما يحدث». وأضاف علوش: «هناك محاولات مخابراتية متجددة لتفجير الوضع في طرابلس». وعما إذا كانت أي معلومات جديدة قد عرفت حول اللبنانيين في تلكلخ، أو من الذي جندهم وأرسلهم إلى سوريا أجاب علوش: «لتكشف القوى الأمنية عن الجهة التي جندت هؤلاء وأرسلتهم، فهي باتت تعرف من هم».

ويأتي ذلك بينما أشار تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية لاحقا إلى مقتل شخصين وإصابة 10 جرحى في باب التبانة و2 في جبل محسن، خلال اشتباكات الطرفين.