كلينتون تدعو إلى الحوار في مصر وإجراء عملية دستورية شفافة ونزيهة

تأجيل زيارة مرسي إلى واشنطن حتى نهاية يناير

TT

طالبت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بضبط النفس في مصر وحثت المصريين على مناقشة خلافاتهم بشان الدستور من خلال الحوار، وإلى تمكين القضاء من ممارسة أعماله. وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي في بروكسل الأربعاء: «إننا نراقب الوضع عن كثب مع كثير من القلق، وعبرنا عن ذلك مرارا وتكرارا على مدى الأسابيع الماضية، وعلى مدى عامين خرج المصريون للشارع لأنهم يريدون تغييرا ديمقراطيا حقيقيا، وأنهم يستحقون دستورا يحمي حقوق جميع المصريين رجالا ونساء مسلمين ومسيحيين، ويضمن أن مصر ملتزمة بكل التزاماتها الدولية ويستحق المصريون أن تكون العملية الدستورية مفتوحة وشفافة ونزيهة وليست بتفضيل مجموعة واحدة بشكل غير ملائم على الآخرين».

وأضافت كلينتون: «الاضطرابات التي نشهدها الآن مرة أخرى في شوارع القاهرة وفي مدن أخرى تشير إلى أن هناك حاجة ماسة للحوار، وينبغي أن يكون حوارا في اتجاهين لا أن يوجه جانب واحد حديثه للجانب الآخر، بل يكون حوارا تبادليا قائما على احترام الآراء، ويتناول جوانب القلق لدى المصريين حول العملية الدستورية ومضمون الدستور، ومن المهم أيضا أن يسمح للمحاكم المصرية بالعمل خلال تلك الفترة».

وطالبت وزيرة الخارجية الأميركية أصحاب المصلحة في مصر بتسوية الخلافات عن طريق الحوار الديمقراطي. وقالت: «ندعو قادة مصر لضمان نتائج تحمي الديمقراطية التي وعدت بها الثورة المصرية لجميع المواطنين في مصر، والأمر متروك للشعب المصري وحده لرسم الطريق إلى الأمام، لكننا نريد أن نرى عملية شاملة وحوارا مفتوحا وتبادلا حرا للأفكار من شأنه تعزيز العملية الديمقراطية في مصر».

من جانب آخر، أشارت مصادر بالبيت الأبيض إلى أنه تم تأجيل زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى الولايات المتحدة التي كانت مقررة في السابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) الحالي إلى أواخر شهر يناير (كانون الثاني) المقبل بعد حفل تنصيب الرئيس أوباما لفترة ولاية ثانية. وأوضحت المصادر أنه تم تأجيل الزيارة لتوفير مزيد من الوقت للحكم عما إذا كان الرئيس مرسي يقود بلاده نحو الديمقراطية أم لا، وعما إذا كان يسعى للوصول إلى حل وسط مع المعارضة.

كان الرئيس المصري محمد مرسي قد أرسل وفدا يضم ثلاثة من كبار مساعديه في حزب العدالة والحرية إلى الولايات المتحدة لمدة ثلاثة أيام للتشاور حول الوضع في مصر والمساعدات الاقتصادية ومستقبل العلاقات المصرية الأميركية. وضم الوفد الدكتور عصام الحداد مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي والدكتور حسين القزاز مستشار الرئيس لشؤون التنمية المتكاملة، والمهندس خالد القزاز سكرتير الرئيس للشؤون الخارجية.

وأعلن تومي فيتور المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أن «مستشار الأمن القومي توم دنيليون اجتمع مع الحداد وناقشوا مجموعة واسعة من القضايا بما في ذلك التعاون الاقتصادي الثنائي، والجهود المشتركة لتعزيز الأمن الإقليمي والبناء على اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة، والتحول الديمقراطي في مصر، والحاجة إلى المضي قدما في انتقال سلمي وشامل يحترم حقوق جميع المصريين».

وأشار بيان صادر عن السفارة المصرية بواشنطن إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما استقبل الدكتور عصام الحداد رئيس الوفد المصري واجتمع معه مساء الثلاثاء. فيما التقى الوفد المصري بمسؤولي الإدارة الأميركية في البيت الأبيض والخارجية الأميركية واجتمعوا بعدد من أعضاء الكونغرس صباح الأربعاء، إضافة إلى اجتماعات بمسؤولي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولقاءات مع الباحثين في المراكز البحثية مثل وودرو ولسون وكارنيغي وبروكنغز ومعهد الشرق الأوسط ومجلس الأطلنطي.

وأشارت مصادر بالبيت الأبيض إلى أن أعضاء الوفد المصري حملوا رسالة من الرئيس المصري محمد مرسي مفادها أن الحكومة الإسلامية الجديدة في مصر ترغب في إقامة شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة وأن مساعد الرئيس عصام الحداد نقل للإدارة الأميركية رغبة مصر في إقامة علاقة مع إدارة أوباما تقوم على القيم المشتركة والإمكانات الكبيرة التي يملكها البلدان لتطوير أمل جديد في المنطقة العربية وخارجها. وأكد الحداد لمسؤولي الإدارة الأميركية أن الاحتجاجات في مصر ضد الرئيس مرسي تعني أن مصر تتحرك نحو إقامة نظام ديمقراطي قائم على الضوابط والتوازنات، وأن الرئيس مرسي قام بإصدار الإعلان الدستوري في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ليمنع قضاة عينهم الرئيس السابق حسني مبارك من إصدار حكم بحل الجمعية الدستورية.

وأكد الحداد أن الدستور الجديد يضفي الطابع المؤسسي على الحريات والحقوق التي حرم منها المصريون عبر خمسة عقود من الحكم العسكري بما في ذلك الحماية من التعذيب، وحرية التجمع، والحق في تشكيل الأحزاب السياسية، وإصدار الصحف دون تصريح من السلطات الحكومية. ودافع الحداد عن الدستور المصري الجديد واصفا إياه بأنه خليط من مبادئ الشريعة الإسلامية والمعتقدات الأصولية كما يحتوي على أحكام ليبرالية.

من جانبها، هاجمت صحيفة «واشنطن بوست» الدستور المصري الجديد ووصفته بأنه يعطي للحكومة قوة لتقويض الحقوق الفردية ويعطي الجيش المصري حكما ذاتيا ويعطيه ميزانية يحددها مجلس الأمن القومي بدلا من البرلمان. وانتقدت الصحيفة الرئيس المصري، وقالت: «إن حكومة السيد مرسي يبدو أنها تدهس المعارضين، بدلا من الحوار مع المعارضين العلمانيين، وتحشد الحشود التي تحتوي على البلطجية والمحرضين».

وأشارت الصحيفة إلى أنه ليس واضحا حتى الآن ما إذا كان النظام المصري يتحرك نحو الديمقراطية أم يتحرك عمليا نحو حكم الفرد. وأكدت الجريدة أن ذلك يضع إدارة أوباما في موقف صعب حيث تحاول إدارة أوباما تبني المفاهيم التي قدمها عصام الحداد، وتحرص على استمرار الشراكة مع مصر كأحد أعمدة استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط التي استمرت لأكثر من أربعين عاما.

وأوضحت الصحيفة أن الإدارة الأميركية عملت بشكل وثيق مع الرئيس مرسي خلال أزمة غزة. وكانت انتقادات وزارة الخارجية الأميركية حول استيلاء مرسي على السلطات خافتة. وقالت: «رغم ذلك فإنه لا يمكن للولايات المتحدة العودة إلى سياسة تجاهل سياسات القمع التي كانت تمارس في مصر خاصة إذا كانت موجهة ضد الحركات العلمانية والليبرالية».

فيما أشار محللون إلى خطورة الوضع في مصر وحالة الاستقطاب التي تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين ضد القوى الليبرالية والعلمانية التي تتظاهر في شوارع عدة مدن في مصر للاحتجاج على سلطات مرسي الديكتاتورية، واندفاعه لإقرار الدستور الجديد المقرر إجراء الاستفتاء عليه في 15 ديسمبر الحالي.