كلينتون تكرر تحذيراتها للنظام السوري من استخدام الأسلحة الكيماوية بدافع اليأس

نتنياهو يطلب أن تشارك إسرائيل في هجوم استباقي.. وعدم انتظار «مغامرة» الأسد

TT

كررت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تحذيراتها للنظام السوري من استخدام الأسلحة الكيماوية بعد تحذيرات أصدرها الرئيس الأميركي والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة. وقالت كلينتون الأربعاء «إن الولايات المتحدة قلقة من أن الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه قد يلجأ بدافع من اليأس إلى استخدام الأسلحة الكيماوية أو فقدان السيطرة عليها».. فيما ذكرت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، طلب أن تكون إسرائيل شريكا في أي هجوم عسكري محتمل على سوريا لمصادرة أو تدمير أسلحتها الكيماوية. وأنها تطلب أن يتم التحرك العسكري الغربي استباقيا، و«عدم الانتظار حتى يقدم الرئيس السوري، بشار الأسد، على خطوة مغامرة ويستخدم الصواريخ الكيماوية على قوات المعارضة أو يسربها إلى حزب الله في لبنان وجهات معادية أخرى».

وأشارت كلينتون عقب اجتماع مع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي أن قرار حلف الناتو لإرسال صواريخ باترويت الدفاعية إلى تركيا هو رسالة واضحة لسوريا أن تركيا يدعمها عدد كبير من الحلفاء، وقالت: «قدمنا وجهات نظر واضحة تماما للسوريين من المجتمع الدولي من خلال مختلف القنوات العامة والخاصة مباشرة وغير مباشرة، وهذا هو الوضع الذي يجتمع عليه المجتمع الدولي بأسره». وأكدت كلينتون أن واشنطن حذرت سوريا أن استخدام الأسلحة الكيماوية سيكون خطا أحمر للولايات المتحدة وقالت: «مبعث قلقنا هو أن نظام الأسد الذي يزيد يأسا قد يلجأ إلى استخدام الأسلحة الكيماوية، أو يفقد السيطرة عليها لصالح إحدى الجماعات الكثيرة التي تعمل الآن في سوريا».

وأضافت: «في إطار الوحدة التي نتبناها في هذع القضية فإننا نرسل رسالة لا لبس فيها مفادها أن هذا سيكون تجاوزا لخط أحمر، وسيحاسب عليه المسؤولون عن ذلك». وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية ضرورة بدء عملية انتقال سياسي في سوريا بأسرع ما يمكن وأن الولايات المتحدة ستبحث ما تستطيع فعله لإنهاء الصراع السوري خلال اجتماع مجموعة أصدقاء سوريا في مراكش بالمغرب خلال الأسبوع القادم وفرض ضغوطا إضافية على الحكومة السورية، وقالت: «هذا يستلزم من نظام الأسد أن يتخذ قرارا بالمشاركة في عملية انتقال سياسي وإنهاء العنف ضد شعبه، ونأمل أن يفعل ذلك لأننا نعتقد أن سقوطهم حتمي والسؤال فقط يتعلق بعدد الذين سيلقون حتفهم حتى يتحقق ذلك».

من جانبه، حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون النظام السوري الأربعاء من استخدام الأسلحة الكيماوية والعواقب الضخمة إذا أقدم الرئيس بشار الأسد إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل كوسيلة لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا، كما حذر وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس أن الوضع في سوريا قد يصبح سيئا للغاية وقبيحا، وقال في مقابلة الأربعاء مع تشارلي روز بقناة «سي بي إس» الأربعاء «عندما يطلق الرئيس الأميركي تحذيراته للنظام السوري فإنه يتحمل عواقب ذلك، ومن الأفضل أن يكون على استعداد لإطلاق النار».. مؤكدا ثقته أن إدارة أوباما اتخذت كل الإجراءات للاستعداد لهذا الموقف، وقال: «الرئيس لديه مجموعة واسعة من الخيارات وأعتقد أن إقدام بشار الأسد على استخدام تلك الأسلحة سيكون خطأ فادحا».

من ناحية أخرى، قال مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأميركية إنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن الجيش السوري بدأ بالفعل في عملية لاستخدام غاز الأعصاب السارين القاتل. وقال المسؤول بالبنتاغون إن تقارير الأجهزة الاستخبارية تشير إلى نشاط بالقرب من عدة مواقع للأسلحة الكيماوية، ولكن ليس من الواضح حتى الآن أنه يتم نقل تلك الأسلحة من مواقع التخزين إلى مواقع أخرى أم لا. وأشارت معلومات إلى أن النظام السوري أمر فيلق الأسلحة الكيماوية بأن يكون مستعدا لكن لا يوجد دليل أن عملية وضع القطع والأسلحة معا قد بدأ.

وحول تحذيرات أوباما بوجود «عواقب» إذا أقدم النظام السوري على استخدام الأسلحة الكيماوية قال مسؤولون في الجيش الأميركي إن لديهم «خطة للطوارئ» للاستجابة عسكريا. ورفضوا الإدلاء بأي معلومات عن تفاصيل خطة الطوارئ، فيما أشار محللون إلى أن قيام الولايات المتحدة بهجوم بري سيكون خطرا وأقل احتمالا، حيث يتطلب الأمر الآلاف من القوات البرية للاستيلاء وتأمين نحو عشرة مواقع للأسلحة الكيماوية في سوريا. ورجح المحللون أن تلجأ الولايات المتحدة لتوجيه ضربات جوية باستخدام صواريخ كروز الموجهة.

وفي غضون ذلك، وفي وقت يعزز فيه الجيش الإسرائيلي من حشوده على الحدود مع سوريا في هضبة الجولان المحتلة، ذكرت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، طلب أن تكون إسرائيل شريكا في أي هجوم عسكري محتمل على سوريا لمصادرة أو تدمير أسلحتها الكيماوية. وأنها تطلب أن يتم التحرك العسكري الغربي استباقيا، و«عدم الانتظار حتى يقدم الرئيس السوري، بشار الأسد، على خطوة مغامرة ويستخدم الصواريخ الكيماوية على قوات المعارضة أو يسربها إلى حزب الله في لبنان وجهات معادية أخرى».

وخرجت صحيفة «معاريف» بعنوان رئيسي على صفحتها الأولى، أمس، يقول: «إسرائيل قد تشارك في الهجوم على سوريا»، مشيرة إلى ما نشرته صحيفة «تايمز» اللندنية، أمس، من أن «الولايات المتحدة تعمل على بلورة تحالف دولي مع بريطانيا والأردن وتركيا وإسرائيل، يهاجم سوريا عسكريا بسبب الأسلحة الكيماوية في حال قام النظام السوري باستخدامها». وأبرزت الصحيفة أن مصدرا رسميا أميركيا قد صرح بأن التحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة سيقوم بعمليات برية يشارك فيها نحو 75 ألف جندي من وحدات الكوماندوز والمشاة بهدف السيطرة على منشآت الأسلحة الكيماوية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، أمس: «نتابع عن كثب، مع المجتمع الدولي، التطورات الجارية في سوريا بما يتعلق بمخزونات الأسلحة الكيميائية. سمعت التصريحات الهامة التي أدلى بها الرئيس باراك أوباما بهذا الصدد ونشاطره نفس الرأي، بأنه ممنوع استخدام هذه الأسلحة وممنوع نقلها إلى منظمات إرهابية».

وفي الوقت ذاته، لوحظت حشودات إضافية للقوات الإسرائيلية على طول الحدود المحاذية لسوريا ولبنان، ويعتقد أن الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب هناك لمواجهة أي تطورات. ونشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أمس، خريطة لما زعمته من أنها مخازن للأسلحة الكيماوية، بينت وجود هذه المخازن في مناطق قريبة من المدن الرئيسية: دمشق وحلب وحمص واللاذقية. وقالت: إن إسرائيل طالبت دول الغرب بأن تفرض حظر طيران على الأجواء السورية، وذلك لكي تستبق أي خطة لسلاح الجو السوري من تنفيذ عمليات قصف بالأسلحة الكيماوية ضد المعارضة.

وادعت صحيفة «معاريف» أن مناورات عسكرية في الأردن جرت في شهر مايو (أيار) الماضي بمشاركة قوات من 19 دولة، في مقدمتها الولايات المتحدة، تحاكي مواجهة أسلحة كيماوية بمشاركة 12 ألف جندي. وقد عقب الملك عبد الله في عمان، أمس، أن الأردن لن يكون طرفا في أي تدخل عسكري في سوريا، لافتا في الوقت ذاته إلى أن المملكة تعد «للسيناريو الأسوأ». وقال الملك الأردني في مقابلة مع صحيفتي «الرأي» و«جوردان تايمز» الحكوميتين، إن «أي تدخل عسكري يتناقض مع مواقفنا ومبادئنا ومصالحنا الوطنية العليا»، موضحا أن «الحل السياسي في سوريا هو السبيل الأمثل».

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية على لسان مصدر أميركي قوله إنه «رغم المخاوف من استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل النظام السوري فإن مجلس الأمن لن يصادق على التدخل العسكري، بسبب معارضة روسيا والصين. ولذلك فإن الولايات المتحدة ستبحث عن بديل يتمثل في اتهام سوريا بالخرق الفظ للقانون الإنساني الدولي، باعتبار أن استخدام الأسلحة الكيماوية لا يشكل تجاوزا للخطوط الحمراء للولايات المتحدة فحسب بل للإنسانية كلها. وذلك يشكل أساسا قانونيا لعمل عسكري من التحالفات الغربية والإقليمية».