7 قتلى وأكثر من 700 مصاب حصيلة ليلة دامية في محيط قصر «الاتحادية»

الحرس الجمهوري يفرض حظرا للتجول بالمنطقة ويتسلم مبنى التلفزيون.. وحرق مقرات «الإخوان» في السويس والإسماعيلية

معارضو الرئيس مرسي أثناء المواجهات مع مؤيديه في محيط قصر الاتحادية أمس والتي شهدت إطلاق قنابل المولوتوف والحجارة من الجانبين (رويترز)
TT

الإسكندرية: داليا عاصم السويس: يسري محمد

* ليلة دامية قضاها المصريون، أول من أمس، بسبب تطورات الاشتباكات التي شهدها محيط قصر «الاتحادية» الرئاسي بضاحية مصر الجديدة (شمال القاهرة)، بين مؤيدين للرئيس المصري محمد مرسي ومعارضين له، والتي أسفرت حتى الآن عن سقوط 7 قتلى، وأكثر من 700 مصاب، بحسب إحصاءات وزارة الصحة المصرية حتى مساء أمس، إلا أن نشطاء قالوا إن عدد المصابين تجاوز ألف شخص.

وبينما فرضت قوات الحرس الجمهوري حظرا للتجوال في محيط قصر «الاتحادية» الرئاسي منذ عصر أمس، وتسلمت تأمين مبنى الإذاعة والتلفزيون الحكومي بوسط القاهرة، انتشرت مدرعات وآليات تابعة للحرس الجمهوري في محيط القصر، بينما انسحب المتظاهرون المؤيدون للرئيس مرسي من المكان، وذهبوا إلى الاعتصام أمام المحكمة الدستورية العليا بضاحية المعادي (جنوب القاهرة)، حسبما أفاد شهود عيان.

وشهد محيط قصر «الاتحادية» الليلة قبل الماضية حرب شوارع اتسع نطاقها ووصلت إلى شارع صلاح سالم على مسافة كيلومترين من القصر، حيث تبادل الطرفان التراشق بالحجارة وزجاجات المولوتوف، وإطلاق الأعيرة النارية والخرطوش، فيما حاولت قوات الأمن أكثر من مرة التدخل لوقف الاشتباكات عبر إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع إلا أنها فشلت فانسحبت من المنطقة الفاصلة بين المتظاهرين المؤيدين والمعارضين لتزداد الاشتباكات. وكان الحرس الجمهوري قد أمهل المتظاهرين حتى الساعة 15.00 بتوقيت القاهرة (13.00 ت.غ) أمس «لإخلاء محيط قصر الرئاسة» وقرر حظر التظاهر تماما حوله.

وقال بيان من رئاسة الجمهورية إن «قيادة الحرس الجمهوري المسؤولة عن حماية المنشآت التابعة لرئاسة الجمهورية تؤكد ضرورة إخلاء محيط قصر (الاتحادية) الساعة الثالثة عصرا، وحظر وجود أي مظاهرات في محيط المنشآت التابعة لرئاسة الجمهورية»، وذلك وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. وجاء هذا القرار عقب اجتماع عقده الرئيس المصري محمد مرسي مع رئيس الوزراء هشام قنديل، بحضور عدد من المسؤولين من بينهم وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ووزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين، ورئيس المخابرات العامة رأفت شحاتة، وقائد الحرس الجمهوري اللواء محمد زكي، بحسب بيان للرئاسة.

وقد أعلن قائد قوات الحرس الجمهوري اللواء أركان حرب محمد زكي أن وجود قوات الحرس الجمهوري في محيط القصر الرئاسي بحي مصر الجديدة منذ صباح أمس جاء بهدف الفصل بين المؤيدين والمعارضين للرئيس والحيلولة دون حدوث أي إصابات أخرى كما حدث مساء الأربعاء. وذكر التلفزيون المصري أن قائد الحرس الجمهوري وجه رسالة إلى الشعب المصري قائلا «القوات المسلحة وعلى رأسها قوات الحرس الجمهوري لن تكون أداة لقمع المتظاهرين، كما أنه لن يتم استخدام أي من أدوات القوة ضد أفراد الشعب المصري»، داعيا الجميع إلى التزام الهدوء «إلى أن يوفق الشعب المصري في مبتغاه». وشدد قائد قوات الحرس الجمهوري على حرص القوات المسلحة وقوات الحرس الجمهوري على أرواح الجميع من الشعب، وقال «قوات الحرس الجمهوري هي جزء أصيل من الشعب المصري».

وكانت قوات الحرس الجمهوري قد قامت صباح أمس بنشر 5 دبابات و6 آليات مدرعة بشارع الميرغني، وكذلك 3 دبابات و4 آليات مدرعة أمام بوابة القصر المطلة على شارع إبراهيم اللقاني، فيما قام بعض أفراد سلاح المهندسين العسكريين من القوات المسلحة بتجهيز الأسلاك الشائكة لنصبها بشارع الميرغني أمام نادى هليوبوليس.

وكانت المواجهات امتدت إلى الشوارع الجانبية، حيث تم تحطيم العديد من السيارات المتوقفة، والخاصة بأهالي وسكان المنطقة، وتم كسر خزانات الوقود الخاصة بالسيارات وسرقة البنزين منها لصناعة قنابل المولوتوف، فيما حاول بعض الأهالي نقل سياراتهم خارج المنطقة إلا أن حدة الاشتباكات حالت دون ذلك.

وأغلقت قوات الحرس الجمهوري كل الشوارع المؤدية إلى قصر «الاتحادية» بالأسلاك الشائكة، أمس، ونشرت عددا من الدبابات والمدرعات على مداخل الشوارع خلف الأسلاك الشائكة منعا لدخول أي من المتظاهرين إلى منطقة القصر، فيما تجمع المئات من المتظاهرين المعارضين للرئيس مرسي خلف السلك الشائك الموجود في الشارع القادم من الخليفة المأمون، كما حضرت مجموعة أخرى تضم المئات أيضا خلف قصر «الاتحادية» في شارع إبراهيم اللقاني، ورددوا هتافات تطالب بإلغاء الإعلان الدستوري ومشروع الدستور الجديد، فيما تم إخلاء المنطقة من المتظاهرين المؤيدين للرئيس مرسي.

ويعد تأمين الرئيس المهمة الأولى لقوات الحرس الجمهوري التي يتلقى قائدها أوامره من الرئيس وحده وليس من وزير الدفاع أو رئيس الأركان. ولاحظت «الشرق الأوسط» أن عددا من أصحاب المحال التجارية في محيط قصر «الاتحادية» أغلقوا محلاتهم أمس بعد أن وضعوا ألواحا حديدية وخشبية على الواجهات الزجاجية التي تضرر بعضها جراء تبادل التراشق بالحجارة بين المتظاهرين. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «مؤيدي الرئيس مرسي ألقوا القبض على العشرات من المتظاهرين المعارضين للرئيس وأوسعوهم ضربا وسجلوا لهم تسجيلات مصورة (فيديو) قبل أن يسلموهم إلى قوات الحرس الجمهوري، مؤكدين أنهم رفضوا تسليمهم للشرطة لضمان عدم الإفراج عنهم».

وبينما نعت جماعة الإخوان المسلمين سبعة من شبابها قالت إنهم قتلوا في تلك الاشتباكات، قالت مصادر طبية بوزارة الصحة المصرية لـ«الشرق الأوسط» إن القتلى السبعة هم محمود محمد إبراهيم (35 عاما) وعبد الرحمن ممدوح الحسيني (30 عاما) ومحمد خلاف (35 عاما) وهاني محمد سيد الإمام (32 سنة) ومحمد محمد سنوسي علي (22 عاما) وعلاء محمد توفيق (28 سنة)، بالإضافة إلى جثة مجهولة في مستشفى الزهراء الجامعي، مشيرة إلى أنهم جميعا توفوا جراء إصابتهم بطلقات نارية أو طلقات خرطوش. وأشارت المصادر إلى أنه تم توزيع المصابين على 19 مستشفى قريبا من موقع الأحداث، موضحة أنه تم الدفع بأكثر من 60 سيارة إسعاف إلى موقع الاشتباكات.

وأعلنت نقابة الصحافيين المصريين أمس إصابة الحسيني أبو ضيف، الصحافي بجريدة «الفجر» الخاصة، بخرطوش في المخ، وأنه يرقد في حالة غيبوبة كاملة في مستشفى الزهراء الجامعي، فيما قالت مصادر طبية إنه توفي إكلينيكيا.

وصرح مصدر أمني مسؤول بوزارة الداخلية بأن 35 من رجال الشرطة أصيبوا خلال الاشتباكات من بينهم 7 ضباط، و3 أفراد، و25 مجندا، بالإضافة إلى تحطيم 9 سيارات شرطة من بينها 3 سيارات إطفاء وسيارة أجرة ميكروباص، وكذلك احتراق سيارة ميكروباص رحلات.

إلى ذلك، بدأت النيابة العامة المصرية تحقيقات موسعة في اشتباكات أول من أمس، حيث أجرى فريق من محققي النيابة معاينة تصويرية لمحيط القصر الرئاسي، وذلك للوقوف على التلفيات التي جرت بسبب المصادمات التي جرت بين أنصار الرئيس من جماعة الإخوان، والمتظاهرين المعارضين، وكذا سؤال الشهود من القاطنين في المناطق المجاورة عن معلوماتهم ومشاهداتهم لما جرى.

وقال النائب العام المصري المستشار طلعت عبد الله، في بيان له أمس، إنه كلف المحامي العام الأول لنيابات شرق القاهرة الكلية وفريقا من رؤساء النيابة، بالانتقال لأماكن أحداث المصادمات الدامية. كما انتقل فريق آخر من محققي النيابة العامة إلى المستشفيات التي نقل إليها المصابون في تلك الأحداث، لسؤالهم عن تفاصيل الأحداث وكيفية اندلاعها، وتلقي التقارير الطبية الخاصة بهم، وأمرت النيابة العامة أيضا بندب الطب الشرعي لتشريح جثث المتوفين، لتحديد أسباب الوفاة، وصرحت بالدفن عقب الانتهاء من التشريح.

وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إنه سيتم ضم جميع البلاغات في تلك الأحداث، سواء التي قدمتها جماعة الإخوان المسلمين، أو القوى السياسية المعارضة، أو نقابة الصحافيين، وغير ذلك من الجهات، إلى التحقيقات، وإنه سيتم فحص ما تضمنته من وقائع.

وأوضحت تحقيقات النيابة أن الاشتباكات أسفرت عن احتراق 3 محلات و6 سيارات خاصة بالمواطنين من سكان مصر الجديدة قام المتظاهرون بإشعال النيران بها أثناء الاشتباكات، كما تمت سرقة البنك الأهلي فرع شارع نزيه خليفة بمصر الجديدة من قبل مجهولين واستولوا على 300 ألف جنيه من ماكينات الصراف الآلي.

وفي محافظة الشرقية، مسقط رأس الرئيس مرسي، أطلقت قوات أمن الشرقية القنابل المسيلة للدموع بكثافة لتفريق متظاهرين تجمعوا أمام منزل الرئيس مرسي أمس، اعتراضا على الاشتباكات التي شهدها محيط قصر الاتحادية.

وفي محافظة الإسكندرية، تعرض لقيادي بجماعة الإخوان المسلمين وعضو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور صبحي صالح، إلى الاعتداء بالضرب في منطقة سيدي جابر، حيث يحتشد مئات من المعارضين لمسودة الدستور، والإعلان الدستوري الأخير. وتم نقل صالح إلى أحد المستشفيات الخاصة لتلقي العلاج؛ بعد أن أفادت مصادر مقربة منه بأن حالته قد تستدعي العناية المركزة، عقب تهشيم السيارة التي كان يستقلها وحرقها وتعرضه إلى الضرب المبرح، فضلا عن بعض المحاولات لمنع سيارة الإسعاف من نقله.

وعلى صعيد متصل، تظاهر مؤيدون للرئيس مرسي في منطقة الإبراهيمية، فيما نظم معارضون له وقفة احتجاجية قرب محطة القطار الرئيسية في منطقة سيدي جابر، ورفعوا الأعلام واللافتات الرافضة للإعلان الدستوري الأخير والمطالبة بتشكيل جمعية تأسيسية جديدة ورفض مسودة الدستور التي أعلن عن الاستفتاء عليها يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بينما تمركزت قوات الأمن قرب المظاهرتين استعدادا للتدخل في حالة وقوع أي اشتباكات.

وفي محافظة السويس، عاد الهدوء من جديد إلى محيط حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بعد الاشتباكات التي تسببت في حرق مقر الحزب بالكامل بعد المواجهات بين معارضي قرارات مرسي وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، مما أسفر عن إصابة خمسة أشخاص.

وفي محافظة الإسماعيلية، التي شهدت مولد جماعة الإخوان المسلمين، أقدم عشرات المتظاهرين على اقتحام مقر حزب الحرية والعدالة، الخالي من أعضائه، وأشعلوا النيران فيه، مما أدى لتلف معظم محتويات المقر المكون من شقة صغيرة بإحدى العمارات السكنية بالمدينة.