ألمانيا توافق على إرسال صواريخ باتريوت لتركيا

السفير الألماني لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»: لا نستطيع تعيين سفير لسوريا في الوقت الراهن

TT

بينما وافق مجلس الوزراء الألماني أمس على إرسال صواريخ باتريوت، وما يصل إلى 400 جندي إلى تركيا، أعلنت الخارجية الهولندية أن مشاورات جرت بهدف تنسيق التحرك والعمل المشترك بين هولندا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بنشر منظومة الصواريخ على حدود تركيا مع سوريا، وذلك عقب استكمال الإجراءات الوطنية المتعلقة بهذا الصدد.

وقالت وزارتا الخارجية والدفاع الألمانيتان إن مجلس الوزراء وافق أمس على إرسال الصواريخ والجنود إلى تركيا للتصدي لأي امتداد للصراع السوري عبر الحدود. وذلك عقب موافقة حلف شمال الأطلسي (الناتو) يوم الثلاثاء على طلب أنقرة، والتي قالت إنها تحتاج لبطاريات الدفاع الجوي لإسقاط أي صواريخ تطلق عبر حدودها. وتعتزم هولندا والولايات المتحدة أيضا تقديم بطاريات صواريخ باتريوت لتركيا، ومن المتوقع أن يستغرق نشرها عدة أسابيع.

وقالت الوزارتان الألمانيتان إن البرلمان سيصوت على التفويض بنشر الصواريخ بين يومي 12 و14 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وأضافت الوزارتان أن «تعزيز منظومة الدفاع الجوي الموحدة لحلف شمال الأطلسي في تركيا هو إجراء دفاعي محض، من شأنه - باعتباره رادعا عسكريا - أن يحول دون امتداد الصراع من داخل سوريا إلى تركيا»، بحسب ما نقلته «رويترز». وتابعتا: «لا يمثل هذا الانتشار إقامة أو مراقبة منطقة حظر طيران فوق الأراضي السورية، أو أي خطوة هجومية أخرى»، مشيرة إلى أن نشر الصواريخ سيتم تحت قيادة قوات الناتو في أوروبا، والتي يمكنها أيضا إصدار أوامر باستخدام أنظمة الإنذار والمراقبة المحمولة جوا «أواكس».

وقال وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله إنه يتوقع موافقة البرلمان بأغلبية كبيرة خلال التصويت، وذكرت وزارة الخارجية الألمانية أن التفويض المقترح سيستمر حتى نهاية يناير (كانون الثاني) عام 2014.

من جانبها، قالت الخارجية الهولندية إن مشاورات جرت بهدف تنسيق التحرك والعمل المشترك بين هولندا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية؛ فيما يتعلق بنشر صواريخ باتريوت على حدود تركيا مع سوريا، وذلك عقب استكمال الإجراءات الوطنية المتعلقة بهذا الصدد.

وقال بيان صدر في لاهاي إن وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرمانس أجرى محادثات ثنائية مع كل من هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية، وجيدو فيتسرفيله وزير الخارجية الألماني على هامش اجتماعات وزراء خارجية دول حلف الناتو ببروكسل، وهي الاجتماعات التي وافقت على نشر الصواريخ بناء على طلب من أنقرة.

وقال الإعلام الهولندي إنه من المنتظر أن يصدر قرار رسمي من الحكومة الهولندية حول هذا التحرك، وذلك بناء على تقارير فريق العمل الأطلسي الذي زار الأماكن التي من المرجح نشر الصواريخ فيها على الحدود التركية السورية. ولم تستبعد مصادر هولندية أن يكون الملف مطروحا أمام الاجتماع الأسبوعي للحكومة مساء اليوم لاتخاذ قرار حول هذا الأمر.

من جهة أخرى , أوضح السفير الألماني لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط» أن ألمانيا لا تدعم فقط موقف وتكوين المجلس الوطني السوري الجديد، بل ستدعمه حتى رحيل نظام بشار الأسد، مؤكدا عزم بلاده على المشاركة الفعلية في إعادة إعمار وبناء سوريا الجديدة على مختلف الصعد.

وقال دايتير دبليو هولار السفير الألماني بالرياض إن «الحكومة الألمانية ما زالت تجري تداولات ومباحثات مع أعضاء المعارضة السورية»، مبينا أن بلاده ترأس مجموعة عمل مؤتمر أقيم في إسطنبول منذ عدة أشهر «خصيصا بهدف إعادة بناء سوريا اقتصاديا بعد رحيل نظام بشار الأسد». وأكد أن حكومة بلاده رحبت بتكوين المجلس السوري بثوبه الجديد، وستظل تدعمه حتى رحيل الأسد وأركان نظامه.

غير أن السفير الألماني نفى أن تكون لألمانيا أي نية في تعيين سفير من قبل المجلس الوطني السوري الجديد، على غرار الدول التي حاولت تعيين سفراء منه كقطر مثلا، موضحا أن دعم بلاده السياسي والاقتصادي قائم ولن يتزحزح. وزاد بأن بلاده لا تستطيع أن تعين سفيرا لسوريا في الوقت الراهن إلا بعد تكوين الحكومة السورية الجديدة بعد رحيل نظام الأسد، حتى تتمكن من مساعدتها بشكل أكثر جدية وفعالية ورسمية، غير أنه على وجه العموم لألمانيا ممثل لمنطقة الشرق الأوسط.

أما في ما يتعلق بالهدنة التي تم توقيعها مؤخرا بين حماس وإسرائيل، فأكد هولار أن بلاده تدعم إقامة دولتين في الشرق الأوسط، دولة لها سيادتها الفلسطينية وأخرى لها سيادتها الإسرائيلية، مشيرا إلى أن ألمانيا تدعم وتساند الحكومة الفلسطينية في بناء دولتها وأساسياتها من خلال بناء المؤسسات الحكومية والمدارس وغيرها من البنى التحتية.

إلى ذلك، يرأس بوريس روغه، المدير العام لسياسة منطقة الشرق الأوسط والمغرب العربي بوزارة الخارجية الألمانية، مؤتمرا إقليميا في الرياض، يجتمع فيه سفراء وقناصل البعثات الألمانية المعتمدون لدى دول الخليج، وذلك في 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بمقر السفارة الألمانية.

وفي هذا الإطار قال السفير الألماني بالرياض: «نظرا للتحديات الراهنة والتغيرات السريعة التي نشهدها اليوم فإنه من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نستثمر جهودنا في تعزيز شراكتنا مع دول الخليج وعلى وجه الخصوص السعودية». وأضاف: «نحن ننظر إلى الخليج من منظور استراتيجي، لذا فلا غنى عن بحث كل السبل الكفيلة برفع مستوى حضورنا وتفاعلنا في جميع القطاعات، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية».

وفي ما يتعلق بالمعالجات التي يعتزم صندوق النقد والبنك الدوليان اتخاذها وتفعيلها لإنقاذ دول منطقة اليورو من الأزمة المالية وأزمة الديون السيادية، أوضح هولار أنها لن تجدي نفعا ما لم تحل المشكلة الأساسية التي تعترض طريقها ما لم تعمل دول الاتحاد الأوروبي على توحيد سياساتها النقدية والاقتصادية، التي تقع عقبة أمام السياسات الاقتصادية الدولية، التي يتم طرحها الآن لحل مشكلتها الحالية.

وأكد أن مشكلة الديون السيادية الأوروبية ما زالت قائمة، مبينا أنها مطروحة على الطاولة حتى هذا اليوم، مؤكدا أنها تمثل مشكلة لليورو ككل بشكل خاص. وأشار إلى أن منطقة اليورو تضم 17 اقتصادا وطنيا لـ17 دولة أوروبية، في حين أن جميعها يتعامل بعملة نقدية واحدة وهي اليورو. وقال: «المشكلة أنه لا توجد سياسات نقدية واقتصادية موحدة، ما عمق مشكلة الديون السيادية، وبالتالي يجعل المعالجات التي يقوم بها صندوق النقد والبنك الدوليان بطيئة متعثرة، تحتاج إلى بذل جهد لحل مشكلة السياسات النقدية والاقتصادية الموحدة».

وفي ما يتعلق برؤيته حول أثر الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون التي اجتاحت دول الاتحاد الأوروبي مؤخرا على الاقتصاد الألماني تحديدا، أكد السفير الألماني أن اقتصاد بلاده ما زال قويا وثابتا لم تهزه ريح الأزمة بشكل كبير، مبينا أنه ينمو بشكل جيد، حيث بلغت نسبة نموه لهذا العام 2 في المائة ومن المتوقع أن تزيد مستقبلا.

وعلى صعيد العلاقات السعودية الألمانية من حيث التبادل التجاري والاستثمار، أوضح هولار أن البلدين يعيشان عصرا زاهرا من حيث العلاقات الثنائية على مختلف الصعد، مبينا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين تجاوز الـ38,8 مليار ريال (8 مليارات يورو) لهذا العام.