الغضب يتصاعد في مليونية «الكارت الأحمر» للمطالبة برحيل مرسي

اشتباكات أمام منزل الرئيس في الشرقية.. والآلاف يقتحمون مقار الجماعة في المحافظات

متظاهرون مصريون ضد الرئيس مرسي في ميدان التحرير وسط القاهرة أمس مؤكدين على الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين (إ.ب.أ)
TT

دخلت الحالة المصرية أمس منحنى خطرا، حيث تصاعدت مشاعر الغضب ضد الرئيس المصري محمد مرسي في محيط قصره الرئاسي، وانطلق مئات الألوف في مسيرات سلمية إلى قصر الاتحادية في مليونية «الكارت الأحمر»، التي ذكرت المصريين بالمسيرات الغاضبة التي طالبت من قبل برحيل مبارك والمجلس العسكري الحاكم سابقا، اعتراضا على الإعلان الدستوري ورفض التصويت على الدستور الجديد، والتنديد بأحداث قصر الاتحادية (الأربعاء) الماضي، فيما أشعل متظاهرون غاضبون النار في عدد من مقار الإخوان في محافظات مصر، والتي شهدت سقوط عشرات الجرحى والمصابين.

واحتشد مئات الألوف من المصريين في مليونية «الكارت الأحمر» الموجه إلى الرئيس أمام قصر الاتحادية أمس، وتجمعت القوى السياسية من أحزاب الدستور والمصريين الأحرار والتيار الشعبي وحركة 6 أبريل وقوى سياسية أخرى من ميادين رابعة العدوية والمطرية ومسجد النور بالعباسية وحي شبرا والجيزة والمهندسين ورمسيس والتحرير، إلى جانب مسيرات أخرى نظمها أعضاء حركة شباب 6 أبريل من أمام محطة مترو أنفاق سراي القبة في اتجاه قصر الاتحادية، رافعين لافتات مكتوبًا عليها «ارحل ارحل»، و«دم بدم»، و«واحد اتنين.. دستور الثورة فين؟»، كما رفع المتظاهرون «الكارت الأحمر» خلال التظاهرات تعبيرا عن رفضهم وإنذارهم الأخير للنظام بضرورة الرجوع عن قراراته استجابة لمطالب الشعب، فيما استمرت الهتافات المنادية بإسقاط النظام ورحيل الرئيس مرسي. وقالت القوى السياسية إنها «تسعى لمناهضة مشروع الدستور الذي تراه يؤسس لحكم ديني في البلاد».

وشهد شارع الميرغني (محيط قصر الاتحادية) مناوشات بين الصفوف الأولى للمتظاهرين، أمام السلك الشائك، والقوات المكلفة بحماية محيط القصر، وتخطى الآلاف من المتظاهرين الحواجز التي أقامتها قوات الحرس الجمهوري ووصلوا إلى أسوار قصر الاتحادية. والتزمت قوات الحرس المدججة بالمدرعات والمركبات الموجودة بمحيط «الاتحادية» الهدوء لعدم الاحتكاك بالمتظاهرين. وأضاف شهود عيان أن «قوات الأمن وقوات الحرس الجمهوري تكتلت أمام البوابات لتأمينها، واعتلى عشرات المتظاهرين الدبابات وناقلات الجنود المدرعة أمام القصر والتقطوا صورا مع قوات الحرس الجمهوري».

وكانت قوات الحرس الجمهوري قامت الخميس الماضي بعمل أسلاك شائكة ووضعت دبابات ومدرعات على مداخل الشوارع المؤدية إلى قصر الاتحادية، منعًا لاقتراب المتظاهرين من أبوابه والاعتصام أمامها.

في سياق آخر، فجرت مذكرة التحريات التي أعدتها الأجهزة الأمنية حول أحداث قصر الاتحادية الأربعاء الماضي عقب «مليونية الإنذار الأخير» مفاجأة، حيث أكدت تقاضي متهمين مبالغ مالية قيمتها 100 جنيه للفرد مقابل القيام بأعمال شغب وعنف والتعدي على المتظاهرين أمام قصر الرئاسة، وأنكر جميع المتهمين تلك التهم وقالوا في التحقيقات إنهم ذهبوا للتظاهر السلمي.

كانت نيابة مصر الجديدة والنزهة قد استمعت لأقوال 136 متهما تم إلقاء القبض عليهم في الاشتباكات التي دارت بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه في محيط قصر الاتحادية. وناشدت النيابة العامة، أمس، الذين تعرضوا لإصابات في الأحداث بأن يتوجهوا لمقر النيابة بمحكمة مصر الجديدة للإدلاء بأقوالهم حول الواقعة.

وضربت الاحتجاجات المعارضة للرئيس مرسي أمس البلاد بقوة، واتسعت مساحة الغضب بصورة تنذر بالخطر، خاصة بعدما أعلن مرسي في خطابه أول من أمس عزمه المضي قدما في الاستفتاء على الدستور، الذي يؤكد المعارضون أنه «يهدر الحريات».

ويقود حركة المعارضة ضد مرسي شخصيات وأحزاب وحركات شاركت في الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق مبارك في فبراير (شباط) عام 2011، من بينهم محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي وغيرهم، وذلك تحت مظلة موحدة باسم «الجبهة الوطنية للإنقاذ الوطني».

وهتف المتظاهرون أمس أمام القصر الرئاسي على أنغام الأغاني الوطنية والطبل والمزمار البلدي، ضد جماعة الإخوان والرئيس، منها «يسقط يسقط حكم المرشد»، «لا لدستور الإخوان»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، و«ارحل.. ارحل»، و«هنفضل ثورجية لحد ما نوصل للحرية»، في حين تضامن بعض أهالي منطقة مصر الجديدة التي يقع فيها القصر الرئاسي مع المتظاهرين، حيث رفعوا أعلام مصر من منافذ منازلهم، وأطلقوا الألعاب النارية التي أضاءت السماء حول مقر الرئاسة. واشتعلت الأحداث في محافظات مصر بصورة فاقت المشهد في محيط قصر الاتحادية، حيث شهدت مدينة كفر الشيخ بوسط الدلتا حرب شوارع في محيط مقر جماعة الإخوان، عقب قيام المتظاهرين بتحطيم مقر الجماعة، مما دفع شباب الإخوان إلى رشق المتظاهرين بالحجارة، فيما شهدت العديد من الشوارع كرا وفرا بين الطرفين أسفر عن إصابة عدد من المتظاهرين.

وفي مدينة الزقازيق، مسقط رأس الرئيس بمحافظة الشرقية، نظم عدد من الحركات الشبابية والثورية مظاهرة حاشدة أمام منزل الرئيس مرسى للمطالبة برحيله، وقامت قوات الشرطة بإطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين، مما أدى لوجود كر وفر واشتباكات بالأيدي بين الأمن والمتظاهرين الذين ردوا بإلقاء الحجارة على أفراد قوات الأمن، مما أسفر عن إصابة 25 شخصا.

وفي بورسعيد، تظاهر عدد كبير من النشطاء، وقاموا بإشعال إطارات السيارات المطاطية أمام مقر حزب الحرية والعدالة (الإخواني). وفي مدينة كوم حمادة بمحافظة البحيرة، وقعت اشتباكات دامية بين المعارضين للإعلان الدستوري، وأعضاء جماعة الإخوان، إثر محاولة بعض المتظاهرين اقتحام مقر حزب الحرية والعدالة، وتبادل الطرفان قذف الحجارة، مما أدى إلى إصابة 16 من الإخوان.

وبينما حاصر المئات ديوان مجلس مدينة المحلة الكبرى، أكبر المعاقل العمالية بمصر، أعلنت قوى ثورية استقلال مدينة المحلة عن محافظة الغربية وتطهيرها من «الإخوان». وأكدت القوى الثورية أنه تم تشكيل لجنة تسيير أعمال انتقالية من ممثلي القوى السياسية والحزبية بالمدينة. لكن المستشار محمد عبد القادر، محافظ الغربية، نفى في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» اقتحام مقر مجلس المدينة من قبل المتظاهرين الغاضبين، وقال إن «المتظاهرين يتظاهرون بشكل سلمي أمام مقر مجلس المدينة». وتعجب مما نشر على بعض المواقع الإخبارية حول استقلال المدينة عن المحافظة، مؤكدا أنه يتابع الموقف مع رئيس مدينة المحلة بشكل دوري، حتى لا تتطور الأحداث.

وفي الإسماعيلية، أخلى القائمون على حزب الحرية والعدالة مقر الحزب من جميع محتوياته، من أثاث وأوراق، وأزالوا اللافتة بمدخل المقر، تحسبا لأي محاولات اقتحام من جانب المتظاهرين. وكان المئات من المتظاهرين بالإسماعيلية اقتحموا مقر جماعة الإخوان المسلمين، الأربعاء الماضي، وأحرقوا جميع محتوياته من أجهزة وأثاث.

وفي محافظة أسيوط بصعيد مصر، تظاهر العشرات لرفض الإعلان الدستوري، وقال الناشط السياسي حسام حسن «إننا خرجنا لمحاسبة الرئيس».