باريس ولندن نجحتا في دفع الاتحاد الأوروبي لاستقبال رئيس الائتلاف الوطني

ضغوط أوروبية إضافية على النظام السوري وتلويح بتزويد المعارضة بالسلاح

TT

قالت مصادر دبلوماسية فرنسية إن باريس ولندن نجحتا في الضغوط التي مارستاها على عواصم الاتحاد الأخرى، وأفلحتا في تسجيل نقطتين اثنتين: الأولى دعوة رئيس ائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة إلى اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسيل يوم الاثنين المقبل، والثاني خفض الفترة الجديدة لحظر تصدير السلاح إلى سوريا من عام إلى ثلاثة أشهر.

وبالنظر إلى الاختلافات التي ما زالت قائمة بين عواصم الاتحاد الأوروبي حول كيفية التعاطي مع الائتلاف بين فريق تتزعمه فرنسا وبريطانيا والداعي إلى الاعتراف به «ممثلا شرعيا وحيدا» للشعب السوري، والفريق الآخر الذي يطلب مهلة حتى يثبت الائتلاف الجديد أهليته لقيادة المعارضة السورية وأن يكون «بديلا جديا» عن النظام القائم، فإن العمل المشترك الذي قامت به الدبلوماسية الفرنسية والبريطانية أفضى إلى قبول وزراء الخارجية التحاور جماعيا مع أحمد معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف الذي سيستقبله الوزراء الأوروبيون بمناسبة غداء العمل المخصص لمناقشة الملفات الخارجية. وسيتناول الخطيب القهوة مع الوزراء الأوروبيين، مما سيمكنهم من الاستماع إليه وإلى ما توصلت إليه المعارضة السورية في مساعيها لتشكيل حكومة مؤقتة والاطلاع منه على حقيقة الوضع الميداني وحاجات المعارضة المسلحة.

وقالت الخارجية الفرنسية أمس إن الوزراء الـ27 الذين سيجتمعون برئاسة كاثرين أشتون، الممثلة العليا لشؤون السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، سيتبنون «توصيات» تتعلق بالملف السوري هي حاليا قيد المناقشة على مستوى السفراء لدى الاتحاد. وتدفع باريس ولندن باتجاه الاعتراف الكامل وباتجاه تفحص إمكانية تزويد المعارضة المسلحة بالسلاح، الأمر الذي يحتاج إلى قرار جديد من الوزراء الأوروبيين بعد قرارهم الأخير بتقليص فترة الحظر الجديدة على السلاح.

وترى المصادر الفرنسية أن الإجراء الأخير الذي اتخذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هو بمثابة «رسالة سياسية» و«وسيلة ضغط» على النظام وعلى حلفائه لإفهامهم أن ثمة «مهلة أخيرة» لا تتجاوز الأشهر الثلاثة لإيجاد مخرج للحرب الدائرة في سوريا. وأهمية التوقيت أنه يأتي على خلفية الاقتراب من معركة الحسم في دمشق من جانب، وعودة ملف السلاح الكيماوي السوري إلى الواجهة من ناحية أخرى.

وتتوقع المصادر الغربية أن تكون معركة دمشق «رهيبة» باعتبار أن مصير النظام مرهون بها بشكل عضوي. ولذا، فإن العواصم الغربية تسعى لإيجاد مخرج من الحرب وتحاشي معركة دمشق من خلال العمل مع الجانب الروسي. ورغم أن موسكو ما زالت تتمسك علنا بمواقفها المتخوفة من الفوضى والإسلاميين الجهاديين والإرهاب بشكل عام، فإن هذه المصادر بدأت تلاحظ في المناقشات المغلقة «انفتاحا» روسيا للنظر في الاحتمالات الأخرى. وتنقل هذه المصادر عن الجانب الروسي وعن غيره أن الرئيس الأسد «تعب» من الوضع، وأن ما يريده هو «إنهاء» ولايته عام 2014، مما يعني العودة جزئيا إلى مقترحات جنيف وإلى ما يعرضه المبعوث العربي - الدولي الأخضر الإبراهيمي في جولاته التشاورية.

وفي موضوع السلاح، ترى باريس أن ثمة «خيارات» عديدة متاحة لا تنحصر فقط إما في الإبقاء على الحظر أو رفعه، بل مجموعة من الإجراءات منها رفع الحظر عن السلاح الدفاعي مثلا أو الرفع «التدريجي» للسلاح والتجاوب مع تطلبه المعارضة المسلحة. وبينما كانت باريس الوحيدة أوروبيا التي تطالب بإعادة النظر في حظر السلاح، فإن انضمام بريطانيا إليها سيعطي هذا التوجه زخما أقوى داخل الأسرة الأوروبية.

وبأي حال، لا يزال الغربيون، وفق ما شرحه الناطق باسم الخارجية الفرنسية أمس في مؤتمره الصحافي، ساعين وراء ضمانات لجهة هوية الأطراف التي ستمد بالسلاح الغربي والأوروبي تحديدا إنهم «لا يريدون أن يحصل في سوريا ما حصل في ليبيا»، حيث وصل السلاح إلى أيدي «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي التي تسعى الأسرة الدولية إلى إخراجها من شمال مالي عبر عملية عسكرية أفريقية - دولية.

أما في موضوع الأسلحة الكيماوية السورية، فإن السؤال المركزي الذي لم يلق حتى الآن جوابا شافيا يدور حول طبيعة الرد الدولي على جهود النظام. وترى باريس أن الرد «ليس واحدا»، بمعنى أنه ليس فقط عسكريا ويمكن أن يكون سياسيا ودبلوماسيا أو عسكريا. وترفض فرنسا، مثلها مثل الدول الأخرى، أن تكشف سلفا عن خططها أو مشاوراتها مع الأطراف الدولية الأخرى خصوصا ما إذا كانت تدور حول رد «استباقي» أم لا.