طرابلس تحت رحمة مزاج المسلحين بعد ليلة قصف بالصواريخ

الجيش اللبناني يواصل انتشاره في المناطق الساخنة

TT

وصل عدد القتلى في طرابلس بعد ليلة من القصف الشديد، الذي لم تشهد له المدينة مثيلا منذ الحرب الأهلية اللبنانية، إلى 12 قتيلا وما يزيد على مائة جريح، دون أن يتم التوصل حتى مساء أمس إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين المتخاصمين. وقضى أهالي المدينة ليلة حامية الوطيس، تحت رحمة القصف العشوائي، الذي لم يهدأ على الرغم من المطر الشديد والعواصف، حيث سقطت القذائف الصاروخية قبل أن ينبلج فجر الجمعة، على مناطق قريبة وبعيدة عن محيط الاشتباكات لتطال شوارع رئيسية في قلب العاصمة الثانية، وتتسبب بعضها في حرائق وخراب في المنازل والمحال. وقدر البعض القذائف التي قصفت بها المدينة خلال ساعات الليل بالعشرات، فيما كان القتال شرسا للغاية على خطوط التماس، التي اتسع نطاقها.

وتشهد طرابلس منذ أكثر من أربعة أيام اشتباكات حربية عامرة، تتركز في الضواحي الشمالية للمدينة بين جبل محسن (غالبية علوية) وباب التبانة (غالبية سنية) هدأت حدتها خلال نهار أمس، لكن مناوشات على المحاور القتالية استمرت، على الرغم من انتشار الجيش بين المنطقتين، لتزداد مخاوف السكان من تجدد الاشتباكات بالحدة ذاتها لليلة جديدة إضافية. وهو ما دفع أهالي المناطق القريبة من المعارك للنزوح مستفيدين من استراحة المحاربين.

وقال الشيخ نبيل رحيم وهو ناشط إسلامي طرابلسي «رغم هدوء النهار، لا شيء يمنع من تكرار الليلة الساخنة التي عشناها أمس (أول من أمس) ومن تجدد المعارك، فليس ثمة اتفاق واضح من جهة، كما أن هناك عناصر غير منضبطة، يبدو أنه لا تناسبها التهدئة ويحتاج التعامل معها إلى بعض الوقت».

وعن المعالجة الميدانية قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «التباين بات كبيرا جدا، والهوة عميقة، بين المجموعات السياسية والمقاتلين على الأرض، فبينما ينخفض رصيد السياسيين، يرتفع رصيد القادة الميدانيين الذين يديرون المعارك. لذلك لم تعد المفاوضات بين المقاتلين والسياسيين مجدية لوقف القتال، وإنما ترك الأمر لمخابرات الجيش لتتواصل مع القادة الميدانيين بشكل مباشر، وتضع حدا لما يحدث».

وكانت مديرية التوجيه في قيادة الجيش، قد أصدرت بيانا أمس، قالت فيه إن الجيش واصل انتشاره في المناطق الساخنة «حيث قامت خلال يوم أمس (أول من أمس) والليل الفائت بدهم أوكار المسلحين والرد الفوري على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وتمكنت بنتيجة ذلك، من توقيف عدد من المشتبه فيهم بإطلاق النار، بعدما ضبطت في حوزتهم كمية من الأسلحة الحربية والذخائر والأعتدة العسكرية، وقد تعرض بعض مراكز الجيش لأعمال قنص، مما أدى إلى إصابة سبعة عسكريين بجروح غير خطرة، وإلى أضرار مادية في بعض الآليات العسكرية، كما قامت وحدات الجيش بنقل عدد من المواطنين المصابين إلى مستشفيات المدينة».

وعاد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي مساء أول من أمس إلى بيروت، على عجل من روما، قاطعا جولة خارجية له، نظرا لتدهور الوضع الأمني في طرابلس، وبدأ على الفور سلسلة اجتماعات في السراي الحكومي للبحث في الإجراءات المتوجب اتخاذها، كما أجرى اتصالات تشاورية مع فاعليات طرابلسية وشمالية.