قراءات فرنسية متأرجحة حول الأسلحة الكيماوية السورية والرد عليها

وزير الدفاع الفرنسي: الضربة الوقائية غير مطروحة

TT

تبدو القراءة الفرنسية لموضوع الأسلحة الكيماوية السورية وإمكانية لجوء النظام إلى استخدامها متأرجحة بين الدوائر المعنية من عسكرية إلى دبلوماسية، كما تتأرجح الردود الممكنة عليها. وحتى الآن، كان الموقف الفرنسي الثابت يقوم على التهديد بـ«رد فوري وصاعق» في حال عمد النظام إلى استخدامها ضد الشعب السوري. ولكن السؤال الحقيقي المطروح في الدوائر الفرنسية هو التالي: هل يتعين القيام بضربة «وقائية» عسكرية تستهدف حماية المواقع الكيميائية السورية التي قال عنها وزير الخارجية لوران فابيوس أول من أمس إنها تبلغ 31 موقعا ثم إخراج المواد السامة من مخازنها.

أول من أمس، رفض الوزير فابيوس الخوض علنا في مناقشة الموضوع. لكن نظيره جان إيف لو دريان، وزير الدفاع بدا أمس أكثر تحفظا. ففي حديث صحافي نقلته القناة التلفزيونية الإخبارية «بي أف إم تي في»، أكد لو دريان أن موضوع الضربة الوقائية «غير مطروح في الوقت الحاضر» مضيفا أنه لا دلائل على استخدام السلاح النووي، وهو أمر لم يدع أي طرف حصوله، بما في ذلك الجانب الأميركي الذي كان الطرف الدولي الوحيد الذي أشار إلى قيام السوريين بـ«مزج» الغازات السامة أو تحضير قنابل محشوة بغاز «الساران» أو «في أكس» يمكن إطلاقها من الطائرات الحربية. وأعلن وزير الدفاع الفرنسي أن الدول الغربية - مسميا منها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا - تعرف أمكنة تخزين الأسلحة الكيماوية السورية التي قدرها الوزير فابيوس بألف طن. وبحسب لو دريان، ما زالت هذه الأسلحة «تحت حماية قوات بشار الأسد». أما في حال عمد النظام السوري استخدام السلاح الكيماوي، يضيف الوزير لو دريان: «هناك خط أحمر يكون قد تم اجتيازه وبالتالي سنتخذ التدابير اللازمة بالتشارك مع حلفائنا».

لكن باريس ورغم تنبيهها من مخاطر اللجوء إلى الأسلحة الكيماوية لم تقل أبدا وبشكل قاطع إن لديها معلومات من مصادرها تثبت وجود رغبة لدى النظام السوري للسير في هذه الطريق الخطرة. غير أنها، وبشكل عام، تتخوف هي وكثير من العواصم الغربية من أمرين: الأول، أن يلجأ النظام السوري، في حال زادت الضغوط العسكرية عليه إلى استخدام السلاح الكيماوي على غرار ما فعله النظام العراقي ضد الأكراد أو ضد القوات الإيرانية على جبهات الحرب مع طهران. والثاني، أن تقع كميات من المواد السامة المصنعة للسلاح النووي في أيدي مجموعات جهادية أصولية إسلامية أو إلى حزب الله اللبناني تتحول في أيديها إلى أدوات تهديد خطيرة ضد الغربيين أو ضد إسرائيل. ويتبين من الخطة العسكرية التي جاء ذكرها في معلومات استخبارية نشرتها الصحف والمجلات الغربية في الأيام الأخيرة، أن الهدف هو وضع اليد على المخزونات الكيماوية وإخراجها من سوريا. لكن عملا كهذا يستدعي عمليات عسكرية واسعة. وبحسب التقارير الصحافية، فإن عملية عسكرية قيد التحضير وتستعد للقيام بها وحدات خاصة أميركية، بريطانية وفرنسية وهي تستدعي ضربات جوية لتعطيل الدفاعات السورية والسيطرة على المواقع النووية والعمل على إخراجها.

غير أن وزير الدفاع الفرنسي نفى أمس رغبة بلاده في التدخل العسكري في سوريا بقوله إنه «لا نية لفرنسا» في ذلك. بيد أنه في الوقت عينه تحاشى تأكيد أو نفي وجود حاملة الطائرات الفرنسية النووية «شارل ديغول» في المنطقة مكتفيا بالقول إنه «يقوم بتمارين» اعتيادية. وبرر لودريان هذه الأمر بقوله إنه «من المرغوب فيه أن نتوخى الحذر، نظرا للمخاطر التي يمكن أن تطرأ والمتأتية عن الأزمة السورية».