الإدارة الأميركية تتأهب للاعتراف بالمعارضة السورية

في محاولة للحيلولة دون وقوع الفوضى إذا ما نجح الثوار في إسقاط أو قتل الأسد

TT

بدأت الإدارة الأميركية في الميل إلى القبول بمخاطرة محسوبة تقول إن احتضان قادة مختارين من المعارضة السورية المنقسمة سوف يعجل بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد، حيث بادرت هذا الأسبوع إلى الاعتراف بمجموعة من شخصيات المعارضة الذين لا تستطيع واشنطن أن تضمن وفاءهم بتعهدات نشر الديمقراطية التي قطعوها على أنفسهم.

ويتوقع أن تعلن الإدارة الاعتراف بمجموعة معارضة سورية جديدة نسبيا اليوم عندما يجتمع دبلوماسيون أميركيون وعرب وأوروبيون مع قادتهم في المغرب.

ويأتي هذا التحرك جزءا من دبلوماسية مكوكية في محاولة للحيلولة دون وقوع الفوضى وانهيار سوريا إذا ما نجحت قوات الثوار في إسقاط أو قتل الأسد. وقد اكتسبت الجهود الدولية لدعم المعتدلين كخلفاء للأسد أهمية جديدة حيث يحقق الثوار انتصارات عسكرية.

وفي محاولة أخرى لتعزيز موقف المعتدلين وتهميش المتطرفين في المعارضة، تخطط وزارة الخارجية لتصنيف مجموعة مقاتلة سورية ضمن المنظمات الإرهابية. هذا التخصيص، الذي تم الإعلان عنه يوم أمس، والذي حدد جماعة جبهة النصرة كمنظمة إرهابية دولية ومجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة في العراق. تهدف هاتان الخطوتان إلى بناء تحالف أكثر اعتدالا واتساعا لسوريا ما بعد الأسد. لكن إدارة أوباما لا تزال تعارض التدخل العسكري الأميركي في سوريا أو تقديم السلاح بشكل مباشر إلى الثوار.ولم تقدم المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند يوم أول من أمس تفاصيل بشأن الخطوات الدبلوماسية التي ستتخذ في المغرب. لكن مسؤولي وزارة الخارجية قالوا في مقابلات غير معلنة إن الولايات المتحدة ستنضم إلى قائمة آخذة في التزايد من الدول التي تقدم الدعم للمعارضة.

ويتوقع أن يؤدي الاعتراف بالتحالف الوطني السوري إلى وقف ترشيح التحالف ليكون الحاكم الشرعي لسوريا، وسوف يعطي ذلك المجموعة من الناحية النظرية شرعية في الأمم المتحدة وفي دول أخرى لطلب تدخل عسكري دولي. وعوضا عن ذلك يتوقع أن تصف وزارة الخارجية المجموعة بالممثل الشرعي للشعب السوري.

ونشأ التحالف الوطني السوري إثر اقتراح من المعارض السوري البارز رياض سيف، ليحل محل المجموعة المؤلفة من سوريين في المنفى والذين شكلوا المجلس الوطني السوري.

وتأكيدا على أن المجلس الوطني لم يحظ على الإطلاق بدعم قادة المعارضة داخل سوريا، وزع سيف خطته على العواصم العربية وقادة المعارضة الداخلية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) قررت الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيون تحويل الدعم إلى المجموعة الناشئة.

ومع تصدر قطر للمشهد، نظمت أحزاب المعارضة اجتماعا في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) حضره العشرات من قادة المعارضة من داخل سوريا إلى الدوحة، والذي حظي باعتراف خلال أسبوعين من فرنسا وبريطانيا وتركيا وإسبانيا وإيطاليا ودول الخليج العربي ودول أخرى. وقد بذلت خلال الأسبوع الماضي، جهود مماثلة لتوحيد المجموعات المقاتلة، حيث التقى مسؤولون أمنيون أميركيون وأوروبيون وعرب في إسطنبول مع مجموعات مختلفة لتوحيدها تحت قيادة عسكرية واحدة تستثني المتطرفين من بينها.

كانت الإدارة بطيئة في منح الموافقة الدبلوماسية الرسمية بشأن تحالف المعارضة لاستخلاص أكبر قدر ممكن من الوعود أنها ستضم ممثلين من الأقليات السورية بما في ذلك المسيحيون والدروز والعلويون.

وقال مسؤول بارز في الإدارة طلب عدم ذكر اسمه لمناقشته مداولات الإدارة الداخلية: «ما نريده هو استخدام الاعتراف كوسيلة لنظهر لهم أننا كنا نعني ذلك عندما طلبنا منهم ضرورة تنظيم صفوفهم. وقد أكدنا لأنفسنا على أن إظهار المزيد من الدعم لهم سيدفعهم إلى مزيد من التعاون». وكان مقررا أن تشارك وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في اجتماع المغرب لكن مكتبها قال إن مرضا أجبرها على إلغاء رحلتها. وصرح نائب وزيرة الخارجية ويليام بيرنز بأنه سيمثل الإدارة.

ويأمل مؤيدو التحالف الجديد في أن يمثل بديلا مطلوبا للسوريين الذين لا يزالون يدعمون الأسد بسبب المخاوف بشأن البدائل.

وقال فريد هوف، الذي عمل مستشارا خاصا لكلينتون بشأن سوريا حتى شهرين: «لقد شكلناه تقريبا وسوف يظهر إلى العلن. فهناك الملايين الذين يحملون كراهية لهذا النظام لكنهم لا يزالون يقفون على الحياد لأنهم لا يعلمون ما يحمله المستقبل».

وأشار مسؤول بارز بالإدارة إلى أن «الاعتراف بالتحالف بعد سنتين تقريبا من الثورة السورية، وسيلة لتمثيل الآلية المركزية للمساعدات الخارجية للمعارضة. والهدف من ذلك هو حث الدول الأخرى على دعم التحالف وإظهار أنه سلطة محورية». ويخاطر التحرك الأميركي باستبعاد الثوار السوريين غير المنتمين لـ«القاعدة» لكنه يرى في جبهة النصرة حليفا مهما لهزيمة الأسد. لكن مسؤولين أميركيين أشاروا إلى أن وضع الجبهة ضمن القائمة السوداء قد يساعد في إفساح الطريق أمام دعم دولي أوسع للثوار الأكثر اعتدالا.

لم تؤكد نولاند وضع جبهة النصرة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لكنها قالت إن الولايات المتحدة تبدي قلقا من تشكيل الجبهة واجهة لجماعة القاعدة في العراق، التي نقلت بعض عملياتها إلى سوريا.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»