نادي القضاة يرفض الإشراف على استفتاء الدستور.. وتصويت المغتربين بالخارج يبدأ اليوم

الرئاسة واللجنة العليا للانتخابات تسابقان الزمن.. و«الإداري» يقضي بعدم اختصاصه بوقف الاستفتاء

مصريون يحملون نسخا من مشروع الدستور خلال تظاهرات في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

تصاعدت حالة الانقسام التي يشهدها الشارع المصري حول الاستفتاء على الدستور المصري الجديد، المقرر له يوم السبت المقبل، حيث أعلن رئيس نادي قضاة مصر المستشار أحمد الزند أن «قضاة مصر يرفضون بنسبة 90 في المائة الإشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور»، في ضوء استطلاع مواقف رجال القضاء والنيابة العامة، ورؤية أندية القضاة بالأقاليم بهذا الشأن.

وقال الزند، في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس، إن رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة قد عبروا عن وجهات نظرهم بهذا الشأن من خلال الجمعيات العمومية التي عقدتها أندية القضاة بالأقاليم في مختلف أنحاء مصر، وإنهم يرفضون المشاركة في الإشراف على الاستفتاء. وقررت غالبية أقاليم نادي القضاة بالمحافظات المصرية، أمس، عدم الإشراف على الاستفتاء الذي دعا له الرئيس محمد مرسي السبت المقبل.

في المقابل، أعلنت هيئة قضايا الدولة، موافقتها على القيام بالإشراف على الاستفتاء، مُناشِدة الجهات المعنية بتوفير الظروف الملائمة لتأمين عملية الاستفتاء، وأعلن نادي هيئة مستشاري قضايا الدولة، في مؤتمر صحافي، أمس، قبوله الإشراف على الاستفتاء، بعد أن كان قد قرر في وقت سابق تعليق الإشراف على استفتاء الدستور لحين إلغاء الإعلان الدستوري، مؤكدا أن الإشراف على الاستفتاء واجب لا يمكن التخلي عنه، وأوضح النادي أن موافقته على الإشراف «لا تعد جبرا لمن لا يرغب في الإشراف من بين القضاة»، مناشدا القوى الإسلامية فض اعتصامهم أمام المحكمة الدستورية العليا للسماح للقضاة بممارسة عملهم، وكذلك من أمام مدينة الإنتاج الإعلامي «وتغيير لهجة الخطاب إلى ما يجمع ولا يفرق».

وقال نائب رئيس هيئة قضايا الدولة المستشار أحمد خليفة، إن النادي أعلن عن مشاركة أعضائه حتى تسير عجلة الديمقراطية في البلاد، وأضاف أن اللجوء للصندوق هو الضمانة الحقيقية لإرساء الديمقراطية في البلاد، وأن القول بغير ذلك هو ردة على الديمقراطية.

وقال خليفة لـ«الشرق الأوسط»: «النادي يدعو جميع الجهات المعنية في البلاد، خاصة المجلس القومي لحقوق الإنسان والجهات المختصة، إلى سرعة طرح أفكار مشروع قانون التظاهر السلمي على أفراد المجتمع، وإبداء الرأي وفقا للأسس والقواعد المعمول بها في الدول الديمقراطية لاستبيان حقوق أفراد الشعب في التظاهر السلمي، وهو حق مقرر دستوريا ويبين حقوق الآخرين المتمثلة في عدم تعطيل المرافق العامة أو الخاصة، وللأسف، هذا ما شاهدناه خلال الأيام الماضية على الرغم من أن ذلك مجرّم بنص القانون».

واستطرد: «كما يناشد النادي كل أجهزة الدولة المختصة، سواء الشرطة أو أفراد القوات المسلحة، تأمين مراكز الاقتراع والتصدي لكل قوى الخارجين عن القانون حفاظا على أفراد الشعب في ممارسة حقهم الدستوري».

وفي غضون ذلك، أصدر النائب العام المستشار طلعت إبراهيم عبد الله بيانا، تم توزيعه أثناء انعقاد المؤتمر الصحافي لنادي القضاة للإعلان عن موقفهم من الاستفتاء على الدستور قال فيه: «إنني أدعوكم إلى العدول عن مقاطعة الإشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور، وكذا تعليق العمل بالنيابات المختلفة، لما يترتب على المضي فيه من آثار جسيمة تضر بمصالح جمهور المتقاضين، ويحمله من العناء فوق ما يطيق، وليس هذا ما يستحقه منا شعب مصر العظيم الذي حملنا الله سبحانه وتعالي الدفاع عن حقوقه ورعاية مصالحه».

وكان رئيس نادي القضاة قد دعا، في وقت سابق، بعد الإعلان الدستوري الصادر يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى تعليق العمل بالمحاكم والنيابات في البلاد.

من جهة أخرى، قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار عبد المجيد المقنن نائب رئيس مجلس الدولة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الطعون التي تطالب بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية، بدعوة الناخبين للاستفتاء على الدستور الجديد المقرر له السبت الموافق 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وأكدت المحكمة أن قرار دعوة الناخبين للاستفتاء من القرارات السيادية التي لا يجوز الطعن عليها أمام القضاء. وعقب إصدار الحكم ردد عدد من المحامين هتافات مؤيدة للدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية.

ومع حالة الانقسام في مواقف القضاة في الإشراف على الاستفتاء داخليا، يبدأ اليوم (الأربعاء) وحتى السبت المقبل عملية تصويت المصريين في الخارج على مشروع الدستور، وقالت وزارة الخارجية على صفحتها الرسمية على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي، أمس، إن بطاقات الاقتراع ستتاح على موقع اللجنة العليا للانتخابات عند انتصاف ليل الثلاثاء بتوقيت القاهرة، بما يمكّن من طبعها، وإن السفارات والقنصليات المشاركة في الاستفتاء ستبدأ في تلقي مظاريف الاقتراع بدءا من الثامنة صباح الأربعاء بتوقيت كل بعثة.

ويبلغ عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم على مدى 4 أيام 586 ألف ناخب، وهو نفس عدد الناخبين في الانتخابات الأخيرة، حيث يمنع القانون إعادة فتح باب التسجيل بعد إعلان موعد الانتخاب أو الاستفتاء.

ويجري الاستفتاء على الدستور للمصريين بالخارج في 150 بعثة دبلوماسية تشكل السفارات المصرية حول العالم إضافة لـ11 قنصلية، وبحسب الوزارة، فسوف تكون سفارة مصر في ويلينغتون عاصمة نيوزيلندا أول بعثة دبلوماسية يدلي فيها المصريون بالخارج بأصواتهم، بينما ستكون قنصلية مصر في لوس أنجليس آخر بعثة يتم فيها الإدلاء بالأصوات، وتسجل المملكة العربية السعودية وجود أكبر كتلة تصويتية للمصريين بالخارج، وأعلن السفير عفيفي عبد الوهاب سفير مصر لدى السعودية أن السفارة المصرية بالرياض وقنصليتها العامة بجدة أتمتا الاستعدادات التنظيمية لعملية الاستفتاء على أول دستور لمصر بعد ثورة 25 يناير، مشيرا إلى أن عدد المصريين بالمملكة الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء هو 261924 ناخبا، وفقا لقاعدة البيانات التي أعدتها اللجنة العليا للانتخابات، ولن يضاف إليهم أشخاص جدد استنادا إلى قرار اللجنة العليا في هذا الصدد.

إلى ذلك، بدا واضحا أن هناك سباقا مع الزمن من جانب رئاسة الجمهورية واللجنة العليا للانتخابات لإجراء الاستفتاء في موعده، في ضوء إصرار مؤسسة الرئاسة على إجرائه على الرغم من استمرار معارضة الدستور ورفضه من جانب معظم القوى السياسية والمدنية الناشطة.

وأصدر الرئيس مرسي أمس قرارا يلغي السماح للناخب في الاستفتاء بأن يدلي بصوته في غير موطنه الانتخابي، وأوضحت رئاسة الجمهورية في بيان صدر صباح أمس أن القرار يهدف إلى «تحقيق المصلحة العامة حرصا على عبور مصر المرحلة الانتقالية الحالية والانطلاق لبناء مؤسساتها الدستورية.. وكذلك درءا لما قد يثيره ذلك من مطاعن حول نزاهة وسلامة عملية الاستفتاء، وما قد يترتب عليه من زيادة العبء على القضاة المشرفين على الاستفتاء».

وقال البيان إن اللجنة العليا للانتخابات طلبت إلغاء نص الفقرة الثانية من المادة 32 من القانون رقم 73 لسنة 1956، وأشارت إلى أنه على الرغم من أن السماح للناخب في الاستفتاء بالإدلاء بصوته في غير موطنه الانتخابي قد يحقق مصلحة الناخب، إلا أنه قد يقابل ذلك إثارة الشكوك والطعون في عملية الاستفتاء، وفضلا عن ذلك، فإن إفراد كشف خاص بالوافدين يزيد من المهمة التي أنيطت برئيس اللجنة الانتخابية، إذ يتعين عليه أن يراقب عملية الانتخاب بالنسبة للناخبين المقيدين بمقر اللجنة التي يشرف عليها إلى جانب الوافدين.

واعترضت على هذا القرار مؤسسات حقوقية؛ فمن جانبها اعتبرت شبكة «مراقبون بلا حدود» بمؤسسة «عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان»، أن قصر التصويت في الاستفتاء على الدستور على اللجان الأصلية للناخبين يعني حرمان ما يزيد على 10 ملايين ناخب من التصويت في داخل مصر، وهم من يعملون ويقيمون في غير موطنهم الانتخابي، حيث يوجد غالبيتهم في محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية والسويس وبورسعيد والبحر الأحمر وجنوب وشمال سيناء، وبالتالي إهدار أصواتهم لصعوبة سفرهم إلى لجانهم في محافظاتهم من أجل المشاركة في الاستفتاء.

وفي ذات السياق، تواصلت الاجتماعات واللقاءات داخل مقر رئاسة الجمهورية بين الرئيس محمد مرسي وعدد من السياسيين وممثلي القوى السياسية بالبلاد، حرصا على ترسيخ مناخ الحوار والتفاهم في هذه المرحلة، حيث استقبل الرئيس أمس بمقر الرئاسة الكاتب محمد حسنين هيكل، وذكرت مصادر الرئاسة أن اللقاء دار في إطار التعرف على مجموعة من الأفكار والمقترحات لدى مختلف أطياف المجتمع لتحقيق التوافق حول برنامج العمل الوطني على الصعيدين الاجتماعي والسياسي خلال المرحلة المقبلة.