خصوم الرئيس مرسي يتحدثون عن انتهاكات مؤيديه بحقهم

قالوا إن ذلك يذكرهم بتكتيكات «بلطجية» مبارك.. ومسؤولو «الإخوان» ينفون

TT

أقدم الإسلاميون المؤيدون للرئيس محمد مرسي على أسر العشرات من معارضيه السياسيين الأسبوع الماضي واحتجازهم والتعدي عليهم بالضرب، ثم تحفظوا عليهم وهم مكبلو الأيدي وملقون فوق الأرصفة خارج القصر الرئاسي لساعات، حاولوا خلالها الضغط عليهم كي يعترفوا بأنهم تلقوا أموالا من أجل استعمال العنف أثناء الاحتجاجات التي اندلعت ضد الرئيس.

وأكد الدبلوماسي السابق يحيى نجم (42 عاما) الذي امتلأ وجهه بالرضوض والكدمات وبدت على رسغيه آثار التقييد بالحبال: «لقد كان تعذيبا لنا». وأوضح أنه كان ضمن مجموعة مكونة من نحو 50 شخصا، من بينهم 4 من القصر، تم احتجازهم طوال الليل فوق الأرصفة. وذكر أيضا في حوار أجري معه أنهم أمام الكاميرات «اتهموني بالخيانة والتآمر على البلاد، وبأنه تم استئجاري لحمل الأسلحة وإشعال الحرائق. ظننت أنني سألقى حتفي».

وقد اتضحت تفاصيل هذه الانتهاكات، التي وقعت أثناء ليلة من قتال الشوارع بين الإسلاميين وخصومهم، من خلال مجموعة متزايدة من تسجيلات الفيديو وشهادات الضحايا التي أصبحت الآن تؤثر على مصداقية مرسي وأنصاره بينما يضغطون من أجل تمرير الاستفتاء المقرر إجراؤه هذا الأسبوع على مسودة دستور تحظى بدعم الإسلاميين. ومن وجهة نظر منتقدي الإسلاميين، فإن أحداث يوم الأربعاء الماضي أعادت إلى الذاكرة التكتيكات التي كان يستخدمها الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي كثيرا ما كان يرى أن هناك مؤامرة تحركها «أيد خفية» تعمل وراء المعارضة الداخلية له، وكان يستعين ببلطجية يرتدون ملابس مدنية ويتصرفون بطريقة خارجة على القانون من أجل معاقبة من يتحدونه، والفارق بينهما هو أن المدافعين الحاليين عن الشرعية تحركهم آيديولوجيتهم الدينية التي تقنعهم بصلاح موقفهم، وليس المال.

ومن المستحيل معرفة إلى أي مدى كان مرسي، وهو أحد قياديي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، على علم بنية الإسلاميين التدخل وفرض القانون بأيديهم، غير أن المدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إن عمليات الاحتجاز هذه تثير علامات استفهام مقلقة حول التصريحات التي أدلى بها الرئيس أثناء خطابه المتلفز الذي وجهه إلى الأمة يوم الخميس الماضي، والذي بدا فيه أن مرسي كان يستشهد باعترافات انتزعها أنصاره الإسلاميون حينما تعهد بأن هناك اعترافات قيد الاستجواب سوف تبين أن المحتجين خارج قصره اعترفوا بوجود صلات لهم بمعارضيه السياسيين وبأنهم تلقوا أموالا لارتكاب أعمال عنف.

وصرح خالد القزاز، وهو متحدث باسم مرسي، يوم الاثنين الماضي، بأن الرئيس أمر بفتح تحقيق في الانتهاكات التي تم الإبلاغ عنها، وأنه طلب من النائب العام توجيه الاتهامات إلى أي من المتورطين فيها. وأشار القزاز إلى أن ما كان يقصده مرسي هو الاعترافات التي حصلت عليها الشرطة، وليس أنصاره.

لكن محامي حقوق الإنسان الذين مثلوا ما يقرب من 130 شخصا قضوا ليلة الأربعاء في أقسام الشرطة حيث سلمهم الإسلاميون، أشاروا إلى أن الشرطة لم تحصل على اعترافات منهم. كريم مدحت الباحث في شؤون الشرطة في المبادرة المصرية لحقوق الإنسان، الذي حضر محاموه بعد ساعة من كلمة الرئيس مرسي عندما أفرج وكلاء النيابة عن كل المعتقلين دون توجيه اتهامات إليهم.. قال: «لم يدلوا بأي اعترافات، فقد تعرضوا جميعا للضرب لانتزاع الاعترافات منهم، ومن ثم لم تكن هناك قضية على الإطلاق، ولذا أطلقوا سراحهم في اليوم التالي».

وأشار مسؤولون في جماعة الإخوان المسلمين إلى أن الجماعة تعارض هذا النوع من العدالة ولم تقم بهذا النوع من الاحتجاز. وتقول إحدى الضحايا إن مسؤولا بارز بالجماعة أنقذها من الوقوع في أيدي الإسلاميين. لكن المسؤولين اعترفوا أيضا بأن بعض قادتهم البارزين كانوا في المشهد في ذلك الوقت، وقالوا إن بعض أعضاء الجماعة شاركوا في عمليات الاحتجاز مع إسلاميين متشددين.

وقد دافع جهاد الحداد، المسؤول البارز في جماعة الإخوان المسلمين، عن قرار الجماعة بدعوة أعضائها والحركات الإسلامية الأخرى المؤيدة للرئيس بالدفاع عن القصر من هجوم محتمل من قبل المتظاهرين. وأشار إلى أن مرسي لا يستطيع الاعتماد على قوات الشرطة المتبقية من حكومة مبارك. وأشار إلى أن منع «الإخوان» ومؤيدي الرئيس المتظاهرين من محاولة اقتحام أسوار القصر حال دون دخول المتظاهرين في صراع دموي مع الحرس الجمهوري، وقال: «سوف نحمي سيادة الدولة بأي ثمن».

شارك كلا الطرفين في العنف، وكان استخدام العنف من قبل معارضي «الإخوان المسلمين» أكثر فتكا، رغم صعوبة التثبت مما جرى بسبب الضباب في تلك اللحظة. أعلن قادة «الإخوان المسلمين» عن مقتل ثمانية من أعضائها في تلك الليلة. وقال حداد إن فردا كان يقف إلى جواره أصيب بطلق ناري في الرقبة ومات في الشارع. ورغم دخول أحد الصحافيين في غيبوبة بسبب الجراح التي أصيب بها خلال المعركة، يقول المدافعون عن حقوق الإنسان إنهم لم تصلهم أي معلومات عن وقوع وفيات بين المعارضة.

لكن البعض قالوا إن «الإخوان المسلمين»، أضخم التنظيمات الإسلامية في مصر، هي التي بدأت العنف بجمع أنصارها والإسلاميين الآخرين للدفاع عن القصر من المظاهرة المخطط لها.

وكتب عصام العريان، القيادي بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، في رسالة على الإنترنت لمؤيديه: «سيكون أعضاء حزب الحرية والعدالة على خط المواجهة».

بعد ذلك عندما بدأت المعركة، أعلن على القناة التابعة لـ«الإخوان»: «هذه فرصة لاعتقالهم وكشف الطرف الثالث الذي يقف خلف إطلاق الذخيرة الحية، وقتل المتظاهرين».

بعد حلول الظلام دخل الآلاف من الإسلاميين وخصومهم العلمانيين في صراع أعلى أسطح عدة بنايات بكرات النار وقنابل المولوتوف وإطلاق النار العشوائي. وقفت قوات فض الشغب على الحياد، لم تتدخل.

وقال الحداد، الذي كان يقف خلف صفوف الإسلاميين، إن عمليات الاحتجاز قد بدأت بعدما أمر قادة «الإخوان» أعضاءهم ببناء حاجز مؤقت وتحريكه للأمام لتفريق المتظاهرين من أمام قصر الاتحادية، مضيفا: «أدركوا أن هناك بلطجية في صفوفنا يحملون سكاكين وبنادق، ويطلقون النار على الجانبين»، في وصف للمهاجمين الذين جاءوا من المعارضة.

وأضاف الحداد: «كان هؤلاء بعض الأشخاص الذين تلقوا ضربا موجعا. وعندما كان يتم إلقاء القبض على أحدهم، كان الجميع من حولهم، والذين كانوا يخوضون اشتباكات لعدة ساعات، يتجهون فورا لضربه بقوة». وأكد الحداد أن قادة «الإخوان المسلمين» كانوا يحاولون التدخل لإيقاف ما يحدث.

وكان هناك عدد قليل من النساء بين المحتجزين، حيث تم القبض على الناشطة المعروفة وعضو التحالف الشعبي الاشتراكي علا شهبة من قبل مجموعة من أنصار الرئيس، عندما حاولت التراجع عن خط المعركة الذي كان يتعرض للانهيار. وبدأ أنصار الرئيس في ضربها، ثم قاموا بإزالة الغطاء من على وجهها وإزالة الخوذة التي كانت ترتديها وأدركوا أنها سيدة، وتم التحرش بها أيضا.

وقالت شهبة في حوار مع الإعلامي يسري فودة وآثار الكدمات على عينيها ورقبتها: «لم أكن أتوقع أن يتم التحرش بي على يد رجال من تيار الإسلام السياسي». وأضافت أن الأشخاص الذين هاجموها قالوا لها: «ما هي السفارة التي اجتمعت بها؟ وممن تتلقين الأموال؟».

وقالت شهبة إن مجموعة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والإسلاميين الأكثر تشددا قد احتجزوها في كشك شرطة خال من الحراسة، وإن أحمد صبحي، وهو مسؤول أكبر في جماعة الإخوان المسلمين، حاول إقناعهم بإطلاق سراحها، وقد أكد صبحي هذه التصريحات هو أيضا.

وقال صبحي في مقابلة شخصية: «عند هذه النقطة لم نكن نستطيع إخراج الناس، لأنهم كانوا خليطا من هنا وهناك، ولو كانوا من جماعة الإخوان المسلمين وحدها، لتمكنا من إخراجها منذ اللحظة الأولى، ولتمكنت أنا من إخراجها على الفور».

وأضاف صبحي: «هل قاموا بضرب الناس؟ نعم قاموا بذلك، ولكن كان هناك بعض البلطجية أيضا. لقد تسلل البلطجية إلى كلا الجانبين، وكان من المستحيل معرفة من ينتمي إلى أي من الجانبين».

وفي مقابلة مع منظمة «هيومان رايتس ووتش» قال رامي صبري، الذي تم أسره مع شهبة، إنه تم احتجازه في أحد أكشاك الحراسة حول القصر الجمهوري ومعه نحو 50 آخرين. وأضاف صبري: «كان هناك عدد كبير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بين المختطفين. وعرفت أنهم من جماعة الإخوان المسلمين لأنني سمعتهم وهم يتحدثون مع قادة (الإخوان المسلمين) في الهاتف».

وقال مينا فيليب، وهو مهندس تمزق قميصه أثناء تعرضه للضرب، إن مختطفيه كانوا يصفونه بأنه «كافر وعلماني وبلطجي مأجور». وأضاف فيليب: «ظلوا يسألونني: ما الجهة التي تمولك؟».

* ساهم في كتابة التقرير مي الشيخ

* خدمة «نيويورك تايمز»