السعودية تؤكد فقدان النظام السوري لشرعيته

أكدت في كلمة ألقاها وكيل وزارة الخارجية أمام منتدى المستقبل بتونس أن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ما زال يشكل أحد أبرز مصادر التوتر

وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام يفتتح منتدى المستقبل وإلى يمينه مساعد وزيرة الخارجية الأميركي مايكل بوسنر (أ.ف.ب)
TT

دعت المملكة العربية السعودية، المجتمع الدولي، خصوصا الدول الكبرى ومجلس الأمن، إلى إيجاد الحل الأنسب لوقف العنف في سوريا ولحقن دماء الأبرياء من الشعب السوري وتحقيق رغبته في العيش بحرية وكرامة وأمن واستقرار بعد أن فقد النظام السوري شرعيته وأصبحت آلته الحربية أكثر شراسة.

وفي الكلمة التي ألقاها الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف أمام الاجتماع الوزاري لمنتدى المستقبل، الذي بدأ بالعاصمة التونسية أمس، أكد أن تفاقم الحالة الإنسانية في سوريا وتدهور الوضع الأمني «هو محور اهتمامنا وشغلنا الشاغل، لذلك نجد علينا لزاما بعد أن أصبحت الحقائق واضحة أمام مجلس الأمن أن يتحمل مسؤولياته لحفظ الأمن والاستقرار في سوريا».

وأكد أن بلاده أخذت على عاتقها منذ بداية الأزمة السورية تحمل مسؤولياتها الإنسانية انسجاما مع الجهود الدولية بدعم الشعب السوري على الصعد كافة، مشيرا إلى أن المملكة أعلنت في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد في مراكش أول من أمس عن تبرعها بمبلغ 100 مليون دولار إسهاما منها في تخفيف الوضع الإنساني المتردي في سوريا.

ورأى أن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ما زال يشكل أحد أبرز مصادر التوتر الدائم وزعزعة الاستقرار في المنطقة في ظل تعنت إسرائيل المستمر ومواصلتها ممارسة منطق القوة والاحتلال ضد الشعب الفلسطيني والمضي في بناء المستوطنات على أراضيه ورفضها المبادرات العربية والدولية لإيجاد حل لهذا الصراع ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، ولفت إلى أن الاعتراف الأخير بدولة فلسطين في الأمم المتحدة كدولة مراقب غير عضو سيشكل عنصرا مهما لتشجيع المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهود لإيجاد حل شامل وعادل لإنهاء هذا الصراع وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على أراضيه وفقا لمبادئ الشرعية الدولية.

ورأى أن منتدى المستقبل أصبح رغم حداثته «أحد أبرز المنتديات الفاعلة في الأعوام الأخيرة بما تحويه أعماله من حضور دولي وحوار بناء وما يحققه من نجاح لتعزيز أواصر التعاون والتفاهم بين منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبقية العالم».

وأكد أن حكومة بلاده أدركت منذ مرحلة مبكرة أهمية بناء المجتمع المدني، وأن الجهاز الحكومي لا يمكنه إنجاز مهامه بكفاءة ونجاح دون تعاون المجتمع المدني معه ودعمه لخططه وجهوده، خصوصا في هذا العصر المتميز بتسارع قوى العولمة وتقارب الشعوب وترابطها، والتوسع الكبير في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وأشار إلى حرص المملكة باستمرار على اتباع سبل الإصلاح والتطوير في شتى المجالات مدركة أن هذا الإصلاح هو «عملية مستمرة وضرورية لما فيه مصلحتها وتقدمها ووفقا لما يناسب ظروفها وخصوصيتها وبما يخدم تطلعاتها دون إملاءات مع الاهتمام بما يحفظ استمرار تنميتها واستقرارها ونهضة شعبها ورفاهيته».

وأوضح أن الحكومة شجعت ودعمت بسخاء إنشاء الكثير من الجمعيات النسائية والخيرية والحرفية والتطوعية بالإضافة إلى الجمعيات المتخصصة في مجالات متنوعة، مثل تلك المعنية بشؤون المتقاعدين والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والأيتام والعجزة وغيرهم، كما تم تعزيز العمل الحقوقي بإنشاء هيئة حقوق الإنسان كهيئة حكومية مستقلة وكذلك إنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان كمنظمة حقوقية غير حكومية.

وأشار إلى أن السعودية انضمت إلى جميع المعاهدات الرئيسية الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان في شتى المجالات وفي مقدمتها اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية منع جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الخاص بها.

وبين أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود أولى اهتماما خاصا بتعزيز وضع المرأة ورفع مستواها الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي، وتكلل ذلك بالتوجيه الذي أصدره في أواخر العام الماضي والقاضي بمشاركة المرأة في مجلس الشورى بدءا من الدورة القادمة، وكذلك مشاركتها كمرشحة وكناخبة في الانتخابات البلدية المقبلة.

وعد افتتاح جامعة الأميرة نورة للبنات في شهر مايو (أيار) 2011م دليلا مشرقا آخر على اهتمام خادم الحرمين الشريفين بتعليم الفتاة السعودية ونهضتها، حيث تضم الجامعة كليات متكاملة ومجهزة لتعليم جميع العلوم المعاصرة ويمكنها استيعاب 40 ألف طالبة في شتى المراحل الجامعية، وتعد من أكبر وأكفأ الجامعات النسائية في المنطقة.

أما على المستوى الاقتصادي فقد أكد أن بلاده حرصت على تعزيز دور الفرد في التنمية الاقتصادية وعلى إعطاء التنمية الاجتماعية الأولوية في الهرم الاقتصادي ورعاية الشباب وحماية الفئات الضعيفة في المجتمع وتأكيد حقوق الملكية الفردية ودعم الإصلاح الاقتصادي وتعزيز الشفافية والمرونة ومكافحة الفساد والترهل وبناء المجتمع المعرفي وإصلاح نظم التعليم وتطوير عمل الأجهزة الحكومية ورفع كفاءتها والاستفادة مما تتيحه التكنولوجيا الحديثة في هذه المجالات.

كما نوه باهتمام المملكة بتعزيز سبل التعاون الدولي في المجالات الاقتصادية وتحرير التجارة الدولية وإزالة العوائق أمامها، وكذلك تقديم العون والمساعدة للدول المحتاجة انطلاقا من عضويتها في مجموعة العشرين واستشعارا لمسؤولياتها الدولية، خصوصا في ظل الأزمة المالية العالمية التي تعصف بالعالم منذ عدة سنوات، مشيرا إلى أن المملكة تصنف ضمن أولى الدول المانحة للمساعدات على مستوى العالم.

وتطرق إلى إنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في الرياض، مفيدا بأنه يمثل الهيكل التنظيمي للحوار الوطني بين جميع شرائح وفئات المجتمع السعودي ويسعى لتحقيق عدد من الأهداف، وفي مقدمتها تكريس الوحدة الوطنية في إطار العقيدة الإسلامية وتعميقها عن طريق الحوار الفكري الهادف والإسهام في صياغة الخطاب الإسلامي الصحيح المبني على الوسطية والاعتدال داخل المملكة وخارجها ومعالجة القضايا الوطنية من اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وتربوية من خلال الحوار البناء.

كما أوضح أن بلاده لم تغفل أهمية تعزيز الحوار بين الديانات والثقافات على المستوى العالمي، حيث تكللت جهودها في هذا المضمار بإنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في فيينا، الذي يهدف إلى التقريب بين الشعوب والثقافات وتكريس مبدأ الاعتدال والتسامح والوسطية إلى جانب إنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية بالرياض بهدف معالجة القضايا التي تهم العالم الإسلامي وإيجاد الحلول المناسبة لها.