بوغدانوف لـ «الشرق الأوسط»: موسكو لا تطرح ما يتعارض مع نتائج أي جهود في اتجاه التسوية السياسية

قال في كلمة ألقاها في الغرفة الاجتماعية الروسية إن موسكو تستعد لإجلاء رعاياها من سوريا.. ولا يجوز استبعاد احتمال انتصار المعارضة

بوغدانوف
TT

قال ميخائيل بوغدانوف المبعوث الشخصي للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية الروسية في حديث لـ«الشرق الأوسط»، حول نتائج مؤتمر مراكش الذي اعترف بالائتلاف السوري كممثل شرعي للمعارضة إن «موسكو لا تطرح ما يتعارض مع نتائج أي جهود في اتجاه التسوية السياسية بل تقول بضرورة تطبيق الاتفاقات التي تم التوصل إليها في جنيف على اعتبارها الأساس الأكثر مناسبة للتوصل إلى الهدف المنشود». وكشف بوغدانوف عن أن موسكو سوف تستقبل اليوم الجمعة وفدا من ممثلي المعارضة السورية في الداخل وهو الوفد الذي يترأسه قدري جميل عضو الجبهة الشعبية للتغيير ونائب رئيس الحكومة السورية للشؤون الاقتصادية.

وحول موقف بلاده تجاه الأزمة السورية على ضوء نتائج اللقاء الثلاثي الذي جمعه مع نظيره الأميركي وليام بيرنز نائب وزيرة الخارجية الأميركية والأخضر الإبراهيمي المبعوث الأممي العربي إلى سوريا. «كان اللقاء الذي جمعنا مع بيرنز والإبراهيمي وفريقيهما في جنيف مثمرا ومفيدا. كان الحديث صريحا حول الوضع في سوريا وماذا يمكن عمله لتسوية الموقف هناك. وقد خلصنا جميعا إلى أن البرنامج الذي لا بديل له يستند إلى التسوية السياسية على أساس اتفاقيات جنيف وما تتضمنه من مواقف مشتركة جرى التوصل إليها على المستوى الوزاري في 30 يونيو (حزيران). وقد قلنا لهم إن هذه الاتفاقيات ليست مجرد أرضية سياسية، بل وإطار تنظيمي أكثر توفيقا وتناسبا بما يعني أن هذا البرنامج متفق حوله من أعضاء مجموعة العمل حول سوريا.. أي الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وجامعة الدول العربية ممثلة في الدكتور نبيل العربي والأمم المتحدة ممثلة في أمينها العام بان كي مون وكاثرين أشتون ممثلة للاتحاد الأوروبي والثلاثي العربي قطر والكويت والعراق وهو التشكيل الذي قد يتغير لاحقا. ونذكر أننا طرحنا آنذاك إمكانية توسيع هذا الإطار بضم كل من المملكة العربية السعودية وإيران ومصر انطلاقا من دورها في المنطقة إلى جانب البلدان المجاورة مثل الأردن ولبنان نظرا للمواضيع التي تتعلق بالأمن وأوضاع المهاجرين. واتفق الوزراء فيما بينهم لدى مغادرتهم جنيف على اللقاء مرة أخرى في إطار المتابعة.. ربما على مستوى نواب الوزراء أو الوزراء حسبما يتراءى لهم. و لم يكن هناك اعتراض من أي أحد.. ولذا فقد اتفقوا كذلك على أن يقوم الأخضر الإبراهيمي بالقيام بالاتصالات مع ممثلي الأطراف المعنية.. مع ممثلي المعارضة ومع الحكومة السورية في دمشق. لكن وللأسف لم يتيسر التوصل إلى أحد أهم بنود اتفاقات جنيف وهو الاتصال مع ممثلي المعارضة والحكومة. ونظرا لأنه لم يتيسر الاتفاق حول جلوسهم إلى مائدة المفاوضات فقد اتفقنا على أن يتولى الأخضر الإبراهيمي مهمة الوساطة، والاتصال بكل الأطراف.. مختلف الأطراف. وقلنا إن على الأخضر الإبراهيمي العمل من أجل جمع أكبر عدد من الأفكار المحددة حول السبل المقترحة لتنفيذ العملية السياسية بما في ذلك إنشاء الإدارة الانتقالية التي جرى الحديث حولها والتي يجب منحها الصلاحيات اللازمة لإعداد البلاد إلى انتخابات حرة ديمقراطية نزيهة بما يمكن معه أن يتولى الشعب السوري بنفسه تحديد موقفه وأن يقول كلمته حول مستقبل البلاد. وقلنا إنه وبعد قيام الإبراهيمي بهذه الاتصالات والمهام المكوكية، يمكن لنا الاجتماع ثانية على مستوى الثلاثي للنظر في نتائج الدبلوماسية المكوكية التي يمكن على أساسها وضع ملامح الخطوات اللاحقة، وطبعا من خلال الاتصالات مع الأصدقاء والشركاء في مجموعة العمل».

وعما يقال بشأن أن الولايات المتحدة طلبت من روسيا ممارسة الضغط على الجانب السوري من أجل التوصل إلى رحيل الرئيس الأسد قال بوغدانوف «نحن لا نناقش هذا الموضوع، لأن هذه المسائل يمكن مناقشتها في إطار الحوار الوطني بين الأطراف السورية. وقلنا إن مسألة الضغط تخص الأطراف السورية.. فليضغط كل من هذه الأطراف على الآخر.. هذه مسائل تخصهم وحدهم. إننا ننتهج موقفا محايدا لا نؤيد فيه النظام ضد المعارضة، أو المعارضة ضد النظام. إننا نؤيد فكرة الحوار الوطني.. فكرة الجلوس سوية والاتفاق حول وقف إطلاق النار وإنقاذ حياة البشر الذين يتساقطون يوميا ضحية الاقتتال. وإذا كان هناك الكثيرون قد سقطوا فيجب أن يعمل الجميع من أجل الحيلولة دون سقوط المزيد. وإذا كانوا عاجزين عن الاتفاق حول هذه المسالة، فيمكن للأخضر الإبراهيمي الاضطلاع بهذه المهمة، أي يمكنه القيام بمهمة الاتصالات بالجانبين ومناقشة الاقتراحات المطروحة لأن طرح الشروط المسبقة يعني ضمنا عرقلة إجراء المباحثات. فإذا كان هناك من يصر على طرح مسألة رحيل الرئيس فإن ذلك يعني أنه يحدد ضمنا ما يريد أن تصل إليه هذه المباحثات من نتائج. وإذا كان ذلك هو النتيجة المرجوة من المباحثات فأي سبب يدعو إذن لإجراء هذه المباحثات؟». أما عن مدى وجود ما يبشر بأي تقدم، فقال بوغدانوف إنه لا توجد أي بشائر تدل على وجود ما ينبئ بتحرك نحو الأمام.

واعترف بوغدانوف المبعوث الشخصي للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية الروسية أمس في كلمة ألقاها في الغرفة الاجتماعية الروسية بأن «الحكومة السورية تفقد سيطرتها على البلاد أكثر فأكثر، ولا يجوز استبعاد احتمال انتصار المعارضة». حسب موقع قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالعربية، كما نقل الموقع أنه قال: «فيما يتعلق بالاستعدادات لانتصار المعارضة، ينبغي عدم استبعاد ذلك بالطبع، وضرورة النظر إلى الوقائع، هناك توجه إلى هذا المسار. النظام والحكومة يفقدان السيطرة على البلاد أكثر فأكثر». وأضاف أن المعارضة المسلحة تقول إن نصرها قريب، وإنها «على وشك السيطرة على حلب» و«على وشك السيطرة على دمشق». وتابع بوغدانوف قائلا: «الآن، فإن الاعتراف بالمعارضة وتأهيل المقاتلين وتمويل إمدادات الأسلحة من الخارج كل ذلك يزيد من حماس المعارضين». وكشف المسؤول الروسي عن أن روسيا تملك خططا للتعبئة في حال إجلاء المواطنين الروس من سوريا. وقال: «نحن اليوم نتولى الاستعدادات للإجلاء، وتوجد لدينا خطط تعبئة، ونتأكد من أماكن وجود مواطنينا». وأضاف أن «عددهم هناك يبلغ الآلاف، وأغلبهم غير مسجلين بالقسم القنصلي، وهم المواطنات الروسيات وأبناؤهن من أزواج سوريين». وتابع قائلا إن «نصفهم يدعم المعارضة. وإلى جانب ذلك، ضمت وفود المعارضة التي زارت روسيا أشخاصا يحملون جوازات سفر روسية». على أن بوغدانوف أشار في معرض تصريحاته التي نقلتها القناة التلفزيونية الموجهة حول هذا الشأن إلى أن موسكو لا تنوي إجلاء العاملين بسفارتها في سوريا. وقال: «توجد لدينا خطط لكل الحالات» وإن «الحالة لم تصل إلى هذا الحد بعد».

وكان بوغدانوف أكد كذلك في حديثه إلى أعضاء الغرفة الروسية الاجتماعية على أن موسكو تتبنى «ضرورة حل كل النزاعات القائمة في الدول العربية بالطرق السلمية فقط عن طريق الحوار ومن دون تدخل خارجي. هذا خطنا الثابت الذي لم ولن يتغير».

وقال بوغدانوف كما نقلت عنه وكالة «ريا نوفوستي» إن «الاعتراف بالمعارضة وتدريب مسلحي المعارضة والأسلحة التي تأتي من الخارج لا تؤدي سوى إلى تشجيع المعارضة». وفي إشارة أخرى إلى إقرار موسكو بخطورة الوضع أعلن بوغدانوف، أن روسيا تحضر خطة إجلاء لرعاياها من سوريا. وقال «ننظر حاليا في خطة إجلاء محتملة. لدينا خطط تعبئة ونحاول تحديد أماكن وجود رعايانا». وأوضح أن غالبية الروس المقيمين في سوريا هم نساء روسيات متزوجات برجال سوريين وأولادهن.

وتابع بوغدانوف أنه حتى لو كان انتصار المعارضة السورية غير مستبعد فإن النزاع يمكن أن يستمر لأشهر وأن يوقع آلاف الضحايا، متوجها بكلامه إلى المعارضين السوريين.

وأضاف «إنهم (المعارضة المسلحة) يقولون إنهم يسيطرون على 60% من الأراضي السورية لكننا نقول لهم إذا أردتم المتابعة فلا يزال أمامكم 40% من البلاد للسيطرة عليها».

وقال نائب وزير الخارجية الروسي «إذا سيطرتم على 60% خلال سنتين من الحرب الأهلية، فسيستلزم منكم الأمر سنة ونصف السنة. وفيما قتل 40 ألف شخص حتى الآن فإن النزاع سيشتد وستخسرون عشرات أو حتى مئات آلاف الأشخاص». وتساءل «إذا كان هذا الثمن للإطاحة بالرئيس يناسبكم، فماذا يمكننا أن نفعل؟». وقال «نحن بالطبع نعتقد أن هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق».

في الوقت نفسه، أكد رئيس الأركان الروسي مجددا أن موسكو تعارض أي حل عسكري للنزاع. وقال الجنرال فاليري غيراسيموف كما نقلت عنه وكالة «ريا نوفوستي»: «نعتقد بشدة أن حل النزاع في سوريا ممكن فقط من قبل الطرفين ومن دون تدخل من طرف ثالث وبالتأكيد من دون استخدام قوة عسكرية».

أما عن مصداقية ما نشره موقع «روسيا اليوم» فقد رفضت مصادر الخارجية الروسية تأكيد أو نفي هذه الأخبار مكتفية بالإشارة إلى أن بوغدانوف لم يدل بأي أحاديث صحافية أمس، وإن قالت بحقيقة لقاء بوغدانوف مع أعضاء الغرفة الروسية الاجتماعية.

وحول ما بعد اجتماع «أصدقاء سوريا» في المغرب، وقرار الولايات المتحدة حول الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري. قال بوغدانوف «على حد اعتقادنا، بل وعلى حد اعتقاد سوريين كثيرين فإن هذا الائتلاف لا يمثل سوريا وحسب بل ولا يمثل كل فصائل المعارضة. وذلك ما يعترف به الكثيرون من العرب والأجانب ممن تحدثوا إلينا حول هذه المسألة. صحيح أن هذا الائتلاف يضم كثيرين ممن التقينا بهم في موسكو من ممثلي الدوائر الليبرالية والإسلامية والمنظمات والأحزاب. بل ويعترف كثيرون من أصدقائنا في الخليج بضعف تمثيل المسيحيين والعلويين والأكراد الذين قد لا يكونون ممثلين في هذا الائتلاف. هناك الكثيرون ممن يغيبون عن هذا الائتلاف والذين لا نعرف بعد ردود أفعالهم على هذا التشكيل بل وعلى اجتماع مراكش أيضا».