عقوبات أميركية جديدة تشمل 5 مسؤولين إيرانيين كبار و7 شركات

وكالة الطاقة الذرية تعتبر مباحثات وفدها في طهران مثمرة

TT

فرضت الولايات المتحدة، أمس، حزمة جديدة من العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، وفرضت عقوبات على 5 مسؤولين كبار، بينهم رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، و4 علماء، بسبب دورهم في البرنامج النووي، كما جمدت أرصدة 7 شركات إيرانية، وحظرت على المصارف التعامل معها.

وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن وزارتي الخارجية والخزانة فرضت عقوبات على 7 شركات بالقطاع الخاص الإيراني و5 أفراد لدورهم في توفير الموارد والتكنولوجيا والخدمات للحكومة الإيرانية، لتعزيز قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم وبناء مفاعل أبحاث الماء الثقيل.

وتحظر العقوبات إبرام أي تعاملات مع تلك الشركات والأشخاص، وتجميد أي أصول يمتلكونها داخل الولايات المتحدة. وقالت نولاند: «إن تلك العقوبات تأتي بسبب موقف إيران (المتصلب) في شأن برنامجها النووي، وآخرها خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة». وأضافت: «من الضروري أن نتصرف لكبح جماح الانتهاكات الإيرانية المستمرة».

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن العقوبات الجديدة تستهدف علميات الشراء الدولية التي تقوم بها منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وشركات تكنولوجيا الطرد المركزي الإيرانية وبرنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني. وقال ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة الأميركية: «تستهدف الولايات المتحدة بهذه العقوبات المشاركين في أنشطة تخصيب اليورانيوم غير القانونية في إيران، وأن نوضح للعالم كله أن هذه الأنشطة غير مقبولة».

وفرضت واشنطن العقوبات على رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي دواني، الذي أصدر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قرار تعيينه رئيسا للمنظمة في فبراير (شباط) 2011، وهو خبير في فصل النظائر النووية وحاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء النووية. واتهمت الولايات المتحدة عباسي دواني بتورطه في عملية تطوير وتسريع الأنشطة المتصلة بتخصيب اليورانيوم.

وشملت القائمة 4 علماء إيرانيين آخرين، هم مرتضى أحمدي بهزاد العالم المتخصص في تصنيع واختبار أجهزة الطرد المركزي، وسيد جابر صفدري نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، ورئيس قسم التكنولوجيات المتقدمة الذي شغل منصب رئيس منشأة تخصيب في مدينة نطنز للتخصيب، وأمير حسين رحيم يار المسؤول عن إنتاج الوقود للمفاعلات النووية الإيرانية، ومحمد رضوانيان زادة المسؤول عن أنشطة تصنيع الوقود النووي في أصفهان، ومصنع إنتاج الزركونيوم.

أما قائمة الشركات، فشملت شركة الأغذية الصناعية البحرية «اريا نيكان» التي تقدم دعما ماليا وتكنولوجيا وسلعا وخدمات للبرنامج النووي الإيراني، وشراء سبائك الفولاذ والمعادن المتخصصة المستخدمة في النشاط النووي. وشركة «إيران بويا»، التي تورد المواد المستخدمة في إنتاج أغلفة أجهزة الطرد المركزي. وشركة «بويا كونترول» لتقديمها بضائع وخدمات تدعم أنشطة تخصيب اليورانيوم، وشركة «فاراتك» التي تشارك في جهود تنقية المياه في مفاعل أبحاث المياه الثقيلة، ومجموعة «ندا الصناعية» لقيامها بتوريد معدات ومواد محظورة لاستخدامها في منشأة تخصيب اليورانيوم نطنز. وشركة «تاراباليش» التي تعمل في مجال الصناعات الكيماوية وشركة «توليجابزار بورشي» المسؤولة عن توريد معدات مرتبطة بعمليات تخصيب اليورانيوم.

ويأتي ذلك في وقت عبرت فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن بعض التفاؤل في التوصل إلى اتفاق مع طهران. وقال نائب المدير العام وكبير مفتشي الوكالة هيرمان ناكيرتس بعد عودته من طهران الجمعة إنه تم إحراز بعض التقدم في المناقشات، ومن المتوقع التوصل إلى اتفاق خلال المحادثات في 16 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وكان ناكيرتس عاد، أمس، بعد زيارة عمل ليوم واحد التقى فيها بعدد من كبار المسؤولين عن البرنامج النووي الإيراني، وتلك هي المباحثات المباشرة الأولى بين الجانبين منذ أغسطس (آب) الماضي، بعدما تأزمت العلاقات بين الوكالة وإيران بسبب اتهام الوكالة لإيران باحتمال أبعاد عسكرية لنشاطها النووي المحظور، بينما اتهمت إيران الوكالة بأنها مطية غربية تسيرها واشنطن وحلفاؤها المعادون لطهران..

وكان ناكيرتس عند عودته قد قال للصحافيين بمطار العاصمة النمساوية فيينا حيث مقر الوكالة إن وفده تمكن من إحراز تقدم بشأن نص نهج منظم لتسوية المسائل العالقة حول الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامج إيران النووي، موضحا أنهما قد اتفقا على الاجتماع مرة أخرى بطهران يوم 16 يناير المقبل، متوقعا الانتهاء من «النهج المنظم»، والبدء في تنفيذه بعد ذلك بفترة قصيرة، مكررا القول إن يومهم كان اجتماعات طويلة، وإنهم تمكنوا من إحراز تقدم.

وفي معرض ردوده على أسئلة الصحافيين حول إن كانت السلطات الإيرانية قد سمحت لهم بمعاينة موقع بارشين العسكري، الذي تتمسك الوكالة بمعاينته، حيث تتهم الوكالة إيران بإجراء تجارب وتفجيرات نووية داخله، قال ناكيرتس: «لم تُتح لنا في هذه الزيارة فرصة معاينة بارشين، لكن كما تعلمون فإن الوصول لبارشين جزء من النهج المنظم الذي نأمل في اكتماله وتنفيذه قريبا».

ويبحث الطرفان إمكانية الوصول لاتفاق لإطار أو خريطة طريق بموجبها يتمكنان من العمل، مما يسمح للوكالة باستئناف تحقيقاتها المتعثرة، لا سيما بخصوص الاتهامات التي تطال إيران بخصوص أهداف عسكرية لأنشطتها النووية، بينما تنفي طهران ذلك، مصرة على أن برنامجها النووي لأهداف سلمية بحتة ولإنتاج مزيد من الطاقة التي تحتاجها للتوسع في مشاريع صناعية مستقبلية، مصرة في ذات الوقت على مواصلة تخصيب اليورانيوم، بما في ذلك لدرجة تخصيب تبلغ 20 في المائة، بدعوى أنها تسعى لإنتاج وقود نووي لمفاعل طهران للأبحاث الطبية، بينما تخشى جهات غربية أن تكون طهران ساعية لصنع قنبلة نووية أو على الأقل الحصول على التقنية والمواد اللازمة لاستخدامها متى شاءت.

إلى ذلك، ظلت إيران ترفض السماح لمفتشي الوكالة بزيارة موقع بارشين العسكري الواقع على بعد 35 كيلومترا جنوب شرقي طهران، مشددة في ذات الوقت على ضرورة أن تسلمها الوكالة الوثائق والمستندات التي تقول إنها قد حصلت عليها من استخبارات دول غربية، حتى تدرسها، وبموجب ذلك ترد عليها، بينما تمتنع الوكالة بدعوى أنها لا تملك تصريحا يخول لها تسليم الوثائق، بدعوى خشية سلامة مصادرها، مكتفية بالقول إنها سلمت إيران صورا من تلك المستندات، بالإضافة لصور «ستلايت» ومعلومات حصلت عليها الوكالة، ونتائج توصل إليها مفتشوها، بل ومن معلومات حصلوا عليها من المسؤولين الإيرانيين أنفسهم، ولم تفعل إيران حيالها أي شيء غير رفض التصريح بالزيارة، بينما هي مستمرة في عمليات حديثة، عبارة عن ردم وجرف وتغيير مبان وهدم أخرى داخل بارشين، مما تخشى الوكالة أن يكون محاولات لإزالة أي آثار لأنشطة ممنوعة.

وفي سياق موازٍ، رحبت مصادر غربية في تعليق لـ«الشرق الأوسط» بما وصفته بعودة إيران والوكالة لعقد مباحثات مباشرة على أعلى المستويات، راجية أن يثمر «تفاؤل» الوكالة المتمثل في وصف ناكيرتس للمباحثات بـ«الإيجابية»، الوصول لنهج منظم يوقعانه ويدخلان في تنفيذه فعليا.

وذكرت تلك المصادر الغربية أن «الشيطان يكمن في التفاصيل»، كما يقال، خاصة أن هناك كثيرا مما تحتاجه الوكالة حتى تصل لاتفاق مع إيران، واصفين حكومة طهران بالمماطلة وسياسية خطوة للأمام وخطوات للوراء، كما واصلت المصادر الغربية أن مدير عام الوكالة الياباني يوكيا أمانو كان قد عاد من زيارة فريدة لطهران 21 مايو (أيار) الماضي، مستبشرا بوعد حصل عليه من لسان علي باقري رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، كبير المفاوضين الإيرانيين، بالحصول على تصريح لمعاينة موقع بارشين، وهذا ما لم يتحقق حتى الآن.