تونس: التحوير الوزاري في انتظار نهاية اجتماع مجلس الشورى لحركة النهضة

عامر العريض لـ«الشرق الأوسط»: النقاش منصب حول سد الشغور على مستوى التشكيلة الحكومية

TT

لن يقع الإعلان عن التحوير الوزاري المرتقب على تشكيلة الحكومة التونسية قبل يوم غد الاثنين في أدنى الحالات، وذلك إلى حين التعرف على نتائج الدورة السابعة لاجتماع مجلس الشورى لحركة النهضة. وكان اجتماع مجلس الشورى قد انطلق مساء الجمعة ويتواصل إلى غاية اليوم الأحد ويتناول مجموعة من القضايا المهمة التي قد تكون مؤثرة على مستوى المشهد السياسي في تونس. وتتفق مختلف الأطراف السياسية وخاصة أحزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم على ضرورة الإسراع في إدخال روح جديدة على التشكيلة الحكومية.

وفي هذا الشأن، صرح عامر العريض رئيس الدائرة السياسية لحركة النهضة لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع العام في البلاد ومواجهة موجة الاحتجاجات التي قد تعرفها مناطق داخل البلاد كان من بين أهم المحاور التي تمت مناقشتها بعمق.

وكانت الحكومة التونسية الحالية قد عاشت على وقع احتجاجات قوية في مدينتي سليانة وسيدي بوزيد مهد الثورة التونسية مما خلف تساؤلات عميقة حول درجة رضا التونسيين عن أداء حكومة الجبالي بعد نحو سنة _ يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) بالتحديد - من تسلمها إدارة الشأن العام في تونس على أثر فوزها في انتخابات المجلس التأسيسي (البرلمان) بأغلبية أصوات الناخبين. وأقر العريض في حديثه بالتطرق خلال اجتماع مجلس الشورى لقضايا داخل حركة النهضة والطريقة التي ستتعامل بها مع بقية المرحلة التي تفصلها عن موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة. وقال إن الضغط الذي يعيش على وقعه الائتلاف الثلاثي الحاكم منذ أشهر والمطالبة بالتعديل الوزاري يستدعي بالضرورة التطرق إلى موضوع التحوير الوزاري المرتقب. واعتبر أن المسألة لن تكون استجابة لتلك الضغوط بقدر ما هي ضرورة حيوية لإضفاء نوع من الانتعاش على أداء العمل الحكومي. وقال إن النقاش منصب حول هذا الموضوع وإن النية متجهة نحو سد الشغور على مستوى التشكيلة الحكومية والبداية كانت بتعيين إلياس الفخفاخ وزيرا للمالية التي عرفت منذ شهر يوليو (تموز) الماضي استقالة حسين الديماسي من حزب التكتل (أحد الشركاء في الائتلاف الحاكم)، على أن تتواصل العملية بعد ذلك لتشمل وزارات أخرى تبقى غير محددة.

ونفى العريض أن يكون التحوير المرتقب مجرد محاصصة سياسية جديدة بين الأحزاب المؤثثة للمشهد السياسي، بل إن الأمر أعمق من ذلك وإن التحوير لا يزال محل تساؤل إن كان محدودا أو مصغرا. واعتبر أن الغاية الأساسية من وراء التحوير هو أن يؤدي إلى انفراج الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للتونسيين، وتنادي معظم الأطراف السياسية بتحوير يشمل التشكيلة الحكومية دون تمييز واقر أن هذا القرار ستنظر فيه حركة النهضة في المقام الأول باعتبارها صاحبة أكثر الأصوات في المجلس التأسيسي (البرلمان) على أن الأمر سيكون بالاشتراك مع شريكيها في الائتلاف الثلاثي الحاكم. ونفى العريض أن يكون التحوير الوزاري المرتقب منحصرا بين أحزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم، وأكد وجود مجموعة من الحوارات مع الكتل البرلمانية الأخرى الممثلة في المجلس التأسيسي وقد تنضم وجوه سياسية منها إلى التشكيلة الحكومية الجديدة. ولم يستثن العريض كل الأحزاب السياسية الناشطة على الساحة السياسية التونسية، إلا أنه استدرك ليؤكد على أن تكون تلك الأحزاب أمام من شاركت في الثورة التونسية أو تلك التي كانت من ثمرات الثورة، وهو ما قد يقطع الطريق أمام الأحزاب المتهمة بارتباطها مع التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل.

وفي السياق ذاته كان راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة قد صرح لشبكة الأخبار الألمانية (دوتشي فيلله) أن الحكومة بصدد التشاور الملح حول التعديل الوزاري، وربط بين التحوير المنتظر وبين التقييم الشامل لعمل الحكومة خلال نحو السنة من إدارة شؤون البلاد. الغنوشي أشار أيضا إلى نجاح حركة النهضة في ترسيخ أقدامها في المشهد السياسي التونسي واعترف بوجود صعوبات تواجه الحركة أهمها تحدي الانتقال من نظام ديكتاتوري سلب حركة التونسيين لمدة نصف قرن، إلى نظام ديمقراطي تمارس فيه الحريات بشكل واسع. وبخصوص إعلان علي العريض وزير الداخلية التونسية عن ارتباط مجموعات «بئر علي بن خليفة» والقصرين وعين دراهم بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجهت أطراف مجهولة الهوية تهمة تورط الصادق شورو والحبيب اللوز القياديين في حركة النهضة مع تلك الخلايا الإرهابية عبر اتصالات قالت إنها أجرتها مع المجموعة الإرهابية.

بشأن هذا الاتهام، قال الصادق شورو (الرئيس السابق لحركة النهضة وعضو مجلس الشورى) في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر لا يعدو أن يكون في باب الإشاعات المغرضة التي تهدف إلى المس من مصداقية قيادة حركة النهضة. وأضاف أن مجموعة لم تستطع مواجهة الحركة مباشرة عبر برامج وبدائل سياسية، فسعت إلى أساليب أقل ما يقال عنها إنها «ماكرة». شورو استغرب كذلك من طبيعة هذا الاتهام وتساءل كيف يمكن لقياديين في حركة تدير شؤون تونس أن تعمد إلى الانخراط في مجموعات مسلحة غرضها ضرب مصالح البلاد، وتحدى الأطراف المجهولة التي بثت الاتهام أن تقدم أي دليل ممكن على صحة ادعائها.