إسلاميو مصر ينجحون في تمرير الدستور المثير للجدل

المؤشرات منحتهم 64%.. والمعارضة: سنواصل النضال السلمي لإسقاطه

فرز الأصوات بعد إغلاق مراكز الاقتراع على الاستفتاء في محافظة بني سويف أمس (رويترز)
TT

حسمت القوى الإسلامية في مصر أمس معركة الدستور التي تواصلت فصولها على مدار الأسابيع الماضية، حيث أظهرت المؤشرات شبه النهائية لنتائج الاستفتاء على مشروع الدستور موافقة 64 في المائة من المواطنين على الدستور في المرحلتين الأولى والثانية، مقابل رفض 36 في المائة. وبينما أكدت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة للرئيس محمد مرسي أنها «ستواصل النضال السلمي لإسقاط الدستور»، معلنة عزمها المنافسة بقوة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وواصلت اللجنة العليا للانتخابات المشرفة على الاستفتاء، التحقيق فيما يقرب من 2200 شكوى بشأن المخالفات والخروقات التي شهدتها المرحلة الثانية من الاستفتاء.

وكشفت النتائج شبه النهائية للمرحلة الثانية من الاستفتاء على مشروع الدستور التي جرت أول من أمس (السبت)، عن موافقة نحو 6 ملايين و41 ألف مواطن بنسبة 71 في المائة على الدستور الذي رفضه مليونان و443 ألفًا بنسبة 29 في المائة. وشارك في المرحلة الثانية نحو 8 ملايين و484 ألف مواطن من إجمالي 25 مليونًا و495 ألفًا لهم حق التصويت في 17 محافظة. ووفقا للنتائج غير الرسمية، فقد أيد نحو 57 في المائة من المشاركين في الاستفتاء مشروع الدستور، في المرحلة الأولى التي أجريت في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مقابل رفض 43 في المائة، وهي المرحلة التي أجريت في 10 محافظات فقط. ويكفي موافقة 50+1 ممن شاركوا في الاستفتاء لإقرار الدستور. ويرى مراقبون أن الرئيس مرسي كسب الرهان ضد معارضيه، وهو ما قد يرمم من صورته التي تضررت كثيرا خلال الشهر الماضي عقب سقوط قتلى في اشتباكات بين مؤيديه ومعارضين له، لكن آخرين شككوا في الأمر قائلين إن التجاوزات التي شهدها الاستفتاء قد تعمق من جروح مرسي خلال الفترة المقبلة، كما أن النسبة التي حققتها المعارضة قد تمنحهم مزيدا من القوة في مواجهة قوى الإسلام السياسي في الاستحقاقات السياسية المقبلة.

من جانبه، قال المستشار سمير أبو المعاطي رئيس اللجنة العليا للانتخابات المشرفة على الاستفتاء إن «اللجنة ستقوم بمراجعة النتائج من خلال إعادة حساب أعداد الحضور والأصوات الصحيحة والباطلة».

وأشار أبو المعاطي إلى أن الخطوة التالية من مراجعة النتائج ضمها إلى نتائج المرحلة الأولى، وكذلك أصوات المصريين في الخارج، وبعدها تقوم اللجنة العليا بالتوقيع عليها وإعلانها، لكن مصدرا قضائيا بلجنة الاستفتاء، كشف عن أن الإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء سيكون اليوم (الاثنين).

وقال المصدر القضائي إن «عدد الشكاوى التي تلقتها اللجنة العليا في المرحلة الثانية وصل إلى 2200 شكوى تم فحص بعضها أثناء عملية الاستفتاء والجزء الآخر تقوم اللجنة بمناقشته والرد عليه». من جهتها، أشادت الحكومة بحرص الناخبين على المشاركة بفاعلية، والإدلاء بأصواتهم في محافظات المرحلة الثانية من الاستفتاء، قائلة إن هذه المشاركة «تعكس روح المسؤولية التي يتحلى بها الشعب المصري كما عهدناه دائما». ودعا الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، جميع القوى السياسية إلى «المشاركة في استكمال بناء كل مؤسسات الدولة، وبناء النظام الديمقراطي»، مؤكدا ثقته في أن المرحلة المقبلة هي مرحلة البناء والتنمية والتي تتطلب من الجميع التكاتف والعمل والإنتاج من أجل الانطلاق بمصر إلى مستقبل واعد.

في المقابل، قالت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة إن «نتيجة الاستفتاء على الدستور كانت بسبب ما شهده من انتهاكات موثقة»، وأكدت استمرار نضالها لمنع تأثير تشريعات مجلس الشورى على المواطنين، ولتغيير الدستور. ووفق الدستور الجديد يتولى مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) مهام التشريع لحين انتخاب مجلس النواب (التسمية الجديدة لمجلس الشعب وفق الدستور الجديد). وأضافت الجبهة في بيان صادر عنها أمس أن «انتهاكات الاستفتاء تمثلت في غياب الإشراف القضائي الكامل، وإبطاء التصويت بسبب مضاعفة عدد الناخبين في كل لجنة مما أدى إلى انصراف معظم الناخبين من الطوابير الطويلة دون تصويت، وتوجيه الناخبين إلى التصويت بـ(نعم) داخل اللجان، وبواسطة رؤساء اللجان والموظفين بها»، موضحة أنها «انتهاكات موثقة، وتم تقديمها للجنة العليا للانتخابات للتحقيق فيها». وأشارت جبهة الإنقاذ إلى أن نتيجة هذا الاستفتاء جاءت مخالفة تماما لنتائج استفتاء مارس (آذار) عام 2011، وأنها جاءت منخفضة بشكل واضح بسبب وعي الشعب، مؤكدة أنها «ستواصل النضال مع الشعب، لضمان مصالحه في حياة آمنة ولقمة عيش كافية، وتعليم وعلاج وسكن، ومستقبل أفضل لأبنائه، وليحظى بحقوقه وحرياته، وعلى رأسها حقه في أن يختار حكامه ويغيرهم دوريا بإرادته الحرة في انتخابات نزيهة»، لافتة إلى أنها ستواصل مع الشعب وبفضله النضال من أجل مستقبل آمن وأفضل، وأن الاستفتاء ليس نهاية المطاف؛ بل مجرد معركة في هذا الصراع الطويل حول مستقبل مصر. وقال المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي أحد أقطاب جبهة الإنقاذ الوطني إن «الجبهة ستخوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وهو قرار نهائي لا رجعة فيه؛ ولكن سيتم التشاور حول كيفية هذه المشاركة».

وأضاف صباحي أن «الجبهة ستظل وحدة واحدة، وستخوض كل المعارك الوطنية، وفي أي معركة بالصندوق سنفوز بها، لأن الشعب سيرفض وسيزداد رفضه لهذه السياسات»، مؤكدًا أن الترشح للانتخابات البرلمانية القادمة هو أمر خاضع لقانون الانتخابات.