أزمة القضاة تتجدد.. و«الدستورية» تستعد لرحيل 8 من قضاتها

مظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة للنائب العام بعد تراجعه عن استقالته من منصبه

مظاهرة مؤيدة للنائب العام طلعت عبد الله الذي تراجع عن استقالته التي قدمها للمجلس الأعلى للقضاء، قبل أيام، أمام دار القضاء العالي بوسط القاهرة أمس (رويترز)
TT

تواصلت في مصر أمس، أزمة تراجع النائب العام طلعت عبد الله عن استقالته التي قدمها للمجلس الأعلى للقضاء، قبل أيام، ونظم أعضاء النيابة الإدارية مظاهرة أمام مكتب النائب العام بدار القضاء العالي بوسط القاهرة أمس، فيما أعلن أعضاء النيابة العامة الاعتصام أمام مكتبه، للتعبير عن رفضهم لقرار النائب العام بالتراجع عن استقالته. يأتي هذا في وقت تنتظر فيه المحكمة الدستورية العليا تغييرات واسعة في سلطاتها واختصاصاتها عقب الإعلان الرسمي عن نتيجة الاستفتاء على الدستور، والذي يقلص في حال الموافقة عليه عدد قضاتها ويعدل من اختصاصات المحكمة بالرقابة على القوانين.

ودخل القضاة دائرة الصدام مع تيار الإسلام السياسي منذ أن قررت المحكمة الدستورية العليا بطلان انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان)، الذي كان يستحوذ على أغلبيته الإسلاميون، وبعد أن رفض النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود قرار الرئيس محمد مرسي بعزله، مما سبب حرجا للرئيس الذي أصدر إعلانا دستوريا مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، منحه حق تعيين نائب عام جديد، قبل أن يعلن عن طرح مشروع الدستور الجديد للاستفتاء الشعبي، يقول عنه أعضاء المحكمة الدستورية العليا إنه «يقوض من استقلال الدستورية وصلاحياتها».

وللمرة الأولى، قاد المستشار أحمد الزند، رئيس نادي قضاة مصر، مسيرة القضاة أمس، احتجاجا على تراجع النائب العام عن استقالته، وهي الاستقالة التي قدمها المستشار عبد الله في 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتراجع عنها بعد ثلاثة أيام.

وقال أعضاء من النيابة الإدارية إنهم «سيدخلون في اعتصام أمام مكتب النائب العام لحين تقديم استقالته من جديد، في حين قرر عدد من أعضاء النيابة العامة تعليق العمل كليا في جميع النيابات لحين قبول المجلس الأعلى للقضاء استقالة النائب العام».

وأعلن المعترضون والمحتجون من أعضاء النيابات الإدارية رفضهم التعامل مع ما وصفوه بـ«نائب عام غير شرعي»، وأكدوا في بيان لهم أمس أنهم «شعبة أصيلة من شعب القضاء تتمتع بالحصانة وعدم القابلية للعزل»، معلنين رفضهم المطلق في التعامل مع المستشار طلعت عبد الله، بقولهم: «نرفض التعامل مع نائب معين من قبل رئيس السلطة التنفيذية»، مشيرين إلى أن المستشار عبد الله أعلن استقالته من منصبه حفاظا على هيبة منصب النائب العام، وأن هناك ضغوطا مورست من قبل مؤسسة الرئاسة على عبد الله، للتراجع عن استقالته حتى لا يضع الرئيس مرسي في موقف «محرج».

وكان النائب العام قد ذكر، تعليقا على رجوعه في استقالته، أنه «تقدم بالاستقالة المذكورة تحت ضغط نتيجة حصاره في مكتبه من جانب أعضاء النيابة العامة».

في مقابل ذلك، نظم مجموعة من المحامين، وأعضاء النيابة العامة، وقفة أمس أمام دار القضاء العالي لتأييد النائب العام رافضين حصار أفراد النيابة للنائب العام داخل مكتبه، وندد المتظاهرون بموقف أعضاء النيابة العامة ونادي قضاة مصر، الداعية إلى ما سموه «تنحية» عبد الله من منصبه.

وعلى صعيد أزمة القضاة والقوى الإسلامية، تنتظر المحكمة الدستورية العليا، والتي لا يزال مقرها محاصرا من قبل أفراد منتمين للتيار السلفي، إعلان اللجنة العليا للانتخابات نتيجة الاستفتاء على الدستور، وفي حال إعلان الموافقة على الدستور وإقراره، فإن وضع المحكمة الحالي سيتغير كون الدستور الجديد تتشكل فيه المحكمة الدستورية العليا على خلاف الوضع الحالي، حيث يقضي الدستور الجديد بأن يكون قضاة المحكمة الدستورية العليا 11 قاضيا بدلا من 19، على أن يعين رئيسها بقرار من الرئيس، بخلاف الوضع السابق والذي أقره المجلس العسكري الحاكم السابق للبلاد، بأن ينتخب أعضاء المحكمة الدستورية من بين قضاة المحكمة.

ومن جانبه، أكد المستشار حاتم بجاتو في تصريحات له أنه فور إعلان نتيجة الموافقة على الاستفتاء سيتم حل المحكمة نهائيا بقوة القانون. يأتي ذلك وسط تكهنات أكدتها مصادر قضائية باحتمالية أن يكون المستشار محمود مكي، نائب الرئيس السابق الذي قدم استقالته أول من أمس، هو الرئيس القادم للمحكمة الدستورية العليا.

وقال المستشار محمد حامد الجمل، الرئيس الأسبق لمجلس الدولة في مصر، إنه بمجرد الإعلان عن نتيجة الموافقة على مشروع الدستور رسميا سيتم عزل أحدث ثمانية قضاة منضمين للمحكمة، وسيتم اختلاف توصيف المحكمة بدلا من كونها هيئة قضائية مستقلة إلى مجرد جهة قضائية يعين رئيس السلطة التنفيذية في مصر رئيسها وأعضاءها الباقين بقرار منه.

وتابع الجمل لـ«الشرق الأوسط»: «على عكس الأعراف القانونية والدستورية سيحدد مجلس الشورى والذي ستنتقل إليه السلطة التشريعية لحين انتخاب مجلس شعب جديد، اختصاص المحكمة الدستورية، وعلى الرغم من أن أحكام المحاكم جميعا نافذة ومنتجة لآثارها؛ فإن الدستور الجديد سيجعل السلطة التشريعية تحدد آثار أحكام المحكمة الدستورية العليا في القضايا التي تعرض أمامها، ولن يكون للمحكمة الحق في الحكم بعدم دستورية القوانين المتعلقة بأي انتخابات قادمة سواء تشريعية أو محلية إلا باعتبارها جهة استفتاء غير ملزم».

وأضاف المستشار الجمل أن «هذه الأمور تأتي في خضم الهجمة الشرسة التي يشنها التيار السلفي وجماعة الإخوان على القضاء، محاولين السيطرة عليه وعلى المحكمة الدستورية ومجلس الدولة بصفة خاصة، بعد أحكامهما التي لم يرضوا عنها».