تصريحات منظر الدعوة السلفية بعقد صفقة مع ممثلي الأزهر في «التأسيسية» تثير جدلا

برهامي: تغاضينا عن عزل الإمام الأكبر مقابل المادة الثانية.. والمشيخة ترد: مقامنا فوق الحديث عن الصفقات

جنود الأمن المركزي يحيطون بالجامع الأزهر خلال أداء الرئيس محمد مرسي صلاة الجمعة في أغسطس الماضي (رويترز)
TT

استنكر الأزهر الشريف ما جاء على لسان الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية في مصر ومنظرها العام، بشأن عقد صفقة داخل الجمعية التأسيسية للدستور مع ممثلي الأزهر، لعدم عزل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب كما جاء في المادة الرابعة، مقابل تمرير نص المادة الثانية للدستور.

وبينما اجتمع أعضاء الجمعية التأسيسية الممثلون للأزهر، أمس (الاثنين)، بشكل عاجل بدعوة من شيخ الأزهر الدكتور الطيب للرد على تصريحات الشيخ برهامي، قال عبد الدايم نصير، مستشار شيخ الأزهر، عضو الجمعية التأسيسية للدستور، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأزهر لم يتلق أي اعتراض على المادة المتعلقة به في الدستور من تحقيق استقلاليته وعودة هيئة كبار العلماء، بالإضافة إلى عدم قابلية شيخ الأزهر للعزل، وإنما حظي وضعه الجديد بتأييد الجميع».

وتنص المادة الرابعة في مشروع الدستور الجديد الذي جرت الجولة الثانية للتصويت عليه (السبت) الماضي، على أن «الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه.. ويؤخذ رأي هيئه كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية.. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئه كبار العلماء».

وقال ممثلو الأزهر في التأسيسية في بيانهم أمس، تعليقا على المادة الخاصة بالأزهر في الدستور الجديد، إنه «من عجيب الكلام أن يقول البعض إن المادة المشار إليها كانت نتيجة صفقة ما مع الأزهر»، وتابع البيان: «ردنا على هذه الافتراءات هو أن موقع الأزهر ومقام إمامه الأكبر فوق هذا الكلام، وحقيقة الأمر أن ممثلي الأزهر كانوا يدافعون في الجمعية التأسيسية عن ثوابت الأمة وحقوق الشعب وحريات المواطنين وحقوق المواطنة لغير المسلمين من أبنائه، ولم يطلبوا للأزهر شيئا غير التأكيد على حقيقة وضعه التاريخي واستقلاله الكامل». وأوضح بيان ممثلي الأزهر، أن هيئة كبار العلماء بالأزهر «أصدرت قرارها العلمي في سبتمبر (أيلول) عام 2012 بتوضيح المقصود من كلمة مبادئ الشريعة جوابا لسؤال من الجمعية التأسيسية، وأداء لحق العلم والدين».

وكان الداعية السلفي الشيخ ياسر برهامي كشف خلال تصريحات مصورة بثها موقع «أنا السلفي» التابع للدعوة السلفية، كواليس أعمال الجمعية التأسيسية، وقال: إنه «تم الاتفاق على إضافة نص بالدستور على عدم عزل شيخ الأزهر مقابل تمرير المادة الثانية الحاكمة للدستور والمنظمة للشريعة من قبل ممثلي الأزهر بالتأسيسية».

وذكر برهامي أنه «طرح عزل شيخ الأزهر في الجلسة المغلقة، فهاج ممثلو الأزهر في الجلسة، لذلك تغاضينا عن المطالبة بعزل شيخ الأزهر حتى لا يهيج علينا الشارع»، مشيرا إلى أنه كانت هناك مادة في باب الأزهر تنص على قابلية شيخ الأزهر للعزل، وهو ما دفع شيخ الأزهر للتمسك بموقفه الرافض للمادة المفسرة، موضحا أنه بعد إلغاء مادة عزل شيخ الأزهر تم تمرير المادة 219 المفسرة، لافتا إلى أن «النصارى والعلمانيين مكانوش فاهمين»، على حد قوله.

وحول المادة الثانية الخاصة بالشريعة والمادة رقم 219 المفسرة لها، قال برهامي، إن «هيئة كبار العلماء فسرت المادة بأنها مبادئ الشريعة الإسلامية التي تشتمل على قواعدها الأصولية، فطالب بوضع عبارة (في مصادرها)؛ لكن مشايخ الأزهر قالوا له إن كلمة (أدلتها) تكفي، ورد أن (أدلتها) تعني مصادرها، لذا حذفوا كلمة (الكلية)»، مضيفا: «تم التوافق على صيغة المادة»، ووقع عليها 36 من الليبراليين والأزهر والأقباط. وتابع برهامي: «ممثلو الأزهر في الجمعية التأسيسية كانوا أكثر من دافع عن مبادئ الشريعة وقضايا الأقباط».

وعلق ممثلو الأزهر في التأسيسية على تصريحات الشيخ برهامي أمس، قائلين إن «الأزهر لا يعير اهتماما لمثل هذه الصغائر التي ارتضاها بعض الناس لأنفسهم، وهي لا تكشف إلا عن دخيلة أصحابها وما تخفي صدورهم تجاه الأزهر، وليس من الوفاء للوطن، ولا لدستوره الوليد». وقال الدكتور محمد مهنا، عضو المكتب الفني لشيخ الأزهر، إن «الأزهر أكبر من هذه الصغائر التي يسوقها البعض بتوقيع صفقات واتفاقات خاصة في الدستور»، مؤكدا أن هذه تفاهات لا يمكن الرد عليها إلا بقوله: «قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر».

وأضاف الدكتور مهنا، لـ«الشرق الأوسط»، أن «استقلال الأزهر وقبول شيخه للعزل أمر تقريري يقرر حقيقة واقعية يشهد لها التاريخ»، مؤكدا أن استقلال الأزهر وقابلية شيخه للعزل ليست في حاجة إلى نص دستوري، ولا يستطيع أحد أن يعزل شيخ الأزهر، إلا طبقا للقواعد المقررة لهيئة كبار العلماء، وتابع: «القول بغير ذلك عبث».

وقال الدكتور مهنا، وهو عضو في مجلس الشورى، إن «الدستور يضمن الحقوق والحريات لتقييد ذلك بإطار الشريعة الإسلامية»، رافضا أن يصف البعض هذه الجزئية بالمقيدة للشريعة، مؤكدا أن من يقول ذلك فإن قوله منبعث من جهله بالشريعة.

ويعتبر مراقبون أن الأزهر هو المحطة الثانية للسلفيين ويسعون إلى سحب البساط من تحت أقدام مشايخه بعد أن غدت وزارة الأوقاف في عهد وزيرها الحالي الدكتور طلعت عفيفي المحسوب على التيار السلفي معقلا للسلفيين، ليصبح الأزهر مركز الثقل للشيوخ والدعاة غير الأزهريين، بعيدا عن الوسطية المعروف بها.