الرئيس المصري يكلف رئيس الوزراء بإجراء تعديل في الحكومة

مجلس الشورى يفتتح دورته الجديدة بعد انتقال سلطة التشريع إليه

جانب من الجلسة الاولى لانعقاد مجلس الشورى في دورته الجديدة بكامل أعضائه امس وفي الإطار الرئيس مرسي يوقع على مرسوم إنفاذ الدستور (أ.ب) (رويترز)
TT

كشف الرئيس المصري محمد مرسي عن نيته إجراء تعديلات وزارية على الحكومة الحالية برئاسة الدكتور هشام قنديل، قائلا في كلمة له أمس بمناسبة إقرار الدستور الجديد للبلاد، إن «الحكومة الحالية التي بدأت عملها 2 أغسطس تؤدي دورها قدر المستطاع في ظروف صعبة، وإنه كلف قنديل ويتشاور معه لعمل التعديلات الوزارية اللازمة، التي تناسب تحديات المرحلة الراهنة، حتى تكوين مجلس النواب الجديد»، مؤكدا أنه لن يسمح أن يتحمل الفقير أي أعباء إضافية، مؤكدا أنه سوف «يبذل كل جهد من أجل دفع الاقتصاد المصري الذي يواجه تحديات ضخمة، ولكنه يمتلك فرصا كبيرة للنمو، وسوف أقوم بكل التغييرات الضرورية من أجل نجاح مصر ووضع مسار التنمية الشاملة في بؤرة اهتمام الجميع».

وقال الرئيس مرسي، خلال كلمته التي أذاعها التلفزيون المصري، إنه حرص على انتقال المواطن إلى بر الأمان وإنهاء الفترة الانتقالية التي استغرقت نحو عامين. وأضاف: «نحتفل اليوم بإقرار الدستور الجديد.. إنه يوم تاريخي لقد أصبح لمصر وللمصريين دستور حر ليس منحة من ملك ولا فرضا من رئيس ولا إملاء من مستعمر».

وأكد مرسي أن الاستفتاء تم في شفافية كاملة وبإشراف قضائي كامل ومراقبة من الإعلام ومنظمات المجتمع المدني وحماية من جيش الشعب وشرطته، موجها التحية للقوات المسلحة التي تحمى أمن مصر الخارجي، كما قدم التحية للشرطة التي ستظل تحمي الأمن وتصون الحقوق وتلتزم بالقانون.

وأوضح مرسي أن الدستور يجعل من الوحدة الوطنية فريضة وركيزة لبناء الدولة، ويحمي حقوق العمال والفلاحين ويحافظ على الملكية فلا مصادرة ولا غصب. وقال: «ثورة 25 يناير المجيدة ضربت مثلا للعالم كله على سلمية العمل الثوري والسياسي والتزامه بمستوى رفيع من الخلق والتحضر».

وأضاف مرسي أن «القوى السياسية اتخذت مواقف مختلفة، وهو أمر طبيعي في مجتمع يتحرك نحو الديمقراطية وتنوع الرأي في ظاهرة صحية تستفيد منها المجتمعات الحرة»، مؤكدا أن الحوار أصبح ضرورة لا بديل عنها من أجل بناء الوطن، وأجدد الدعوة لكل الأحزاب من أجل المشاركة في جلسات الحوار الوطني.

وقال: «يعلم الله أنني لا أتخذ قرارا إلا لوجه الله ومن أجل مصلحة الوطن فلست من عشاق السلطة، ولا من الحريصين على الاستحواذ عليها، لقد أثبت الشعب المصري مرة أخرى قدرته على تجاوز الصعاب والتقدم إلى الأمام على طريق استكمال بناء مؤسساته الديمقراطية»، مضيفا أنه: «كان هناك خلال هذه الفترة المؤقتة أخطاء وعثرات من هنا وهناك، وأتحمل معكم المسؤولية في هذه الفترة».

وأوضح مرسي أن الدستور الجديد يحدد صلاحيات الرئيس ويجعله خادما للشعب، وليس حاكما مستبدا، موضحا أن بإقرار الدستور انتقل التشريع إلى ممثلي الشعب في مجلس الشورى.. مشيرا إلى انتظار مجلس الشعب لاستكمال باقي المؤسسات وللممارسة دوره في المراقبة وتشكيل حكومة تمثل الشعب. وتابع: «ستشهد الأيام المقبلة انطلاق مشاريع جديدة في مجال الخدمات والإنتاج وحزمة من التسهيلات للمستثمرين لدعم السوق المصرية واقتصادها». وأشاد الرئيس بالموقف الوطني النبيل للمستشار محمود مكي الذي أدى دوره بكل قوة وإخلاص من أجل إقرار الدستور، وهو يعلم أنه لا ينص على وجود نائب للرئيس.

إلى ذلك, غداة إعلان نتائج الاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد، الذي انتهى إلى الموافقة عليه بأغلبية 63.8 في المائة من المصوتين، بدأ مجلس الشورى دورة انعقاد جديدة بكامل أعضائه، بعد أن عين الرئيس المصري محمد مرسي 90 عضوا فيه، لتتنقل إلى المجلس سلطة التشريع التي منحها الرئيس مرسي لنفسه بموجب الإعلان الدستوري الذي أصدره في أغسطس (آب) الماضي، فيما يحضر الرئيس مرسي جلسة المجلس بعد غد السبت حيث يلقي كلمة أمام أعضائه.

وعقد المجلس أمس جلسته الافتتاحية فيما شهد محيط مقر البرلمان تواجدا أمنيا كثيفا، تحسبا لاندلاع مظاهرات حول مقر البرلمان احتجاجا على نتيجة الاستفتاء على الدستور الجديد، ورفض بعض الحركات السياسية لأعضاء معينين في مجلس الشورى.

وقد حضر الجلسة الافتتاحية، كل من الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء والدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية. وبدأت الجلسة بتلاوة الأعضاء المعينين اليمين الدستورية بعد أن تلت الأمانة العامة القرار الجمهوري بتعيينهم في مجلس الشورى.

وفي كلمته في افتتاح جلسة الأمس وجه الدكتور أحمد فهمي رئيس المجلس الشكر للرئيس مرسي بسبب «ما حققه من إنجازات منذ توليه مهام المسؤولية وفاء بعهده لشعبه بأن تواصل الثورة مسارها في القضاء على الفساد وإقامة دولة القانون وترسيخ العدل والمساواة».

وقال فهمي إن «الرئيس محمد مرسى حرص على أن تأتى التعيينات في مجلس الشورى معبرة عن جميع التيارات والتوجهات»، مضيفا أن المجلس سيتحمل سلطة التشريع كاملة حتى ينعقد مجلس النواب الجديد، وتابع قائلا: «ندعو الله أن يعيننا في أداء تلك المهمة بتلك المرحلة الحاسمة في تاريخ الوطن ابتغاء مرضاة الله ووفاء بحق الوطن، خاصة بعد أن جاءت نتيجة الاستفتاء على الدستور بانحياز غالبية الشعب للموافقة عليه أملا في الاستقرار وتحقيق وإعادة بناء مؤسسات الدولة».

واعتبر فهمي أن الدستور الجديد يرسخ عددا من المبادئ المهمة، على رأسها أن الشعب مصدر السلطات وأن نظام الحكم ديمقراطي والتأكيد على أن كرامة الفرد من كرامة الوطن، وأنه لا كرامة لوطن لا تكرم فيه المرأة التي تعد شريكا أساسيا للرجل، مع الحرص على تكافؤ الفرص بين الجميع بلا تمييز ولا وساطة، وأن القضاء مستقل صاحب رسالة سامية في حماية الدستور وإقامة العدل وصون الحقوق والحريات، وأن الدفاع عن الوطن واجب والقوات المسلحة مؤسسة وطنية.

ودعا فهمي، الجميع لنبذ الفرقة والعمل يدا واحدة لتحقيق أهداف الثورة والكرامة والحرية والخروج من الأزمة الاقتصادية، قائلا: «نحتاج لكل عقل يفكر وكل يد تعمل لتأخذ مصر مكانتها اللائقة بها ويطمئن كل مواطن على مستقبلة ومستقبل أبنائه».

وأعلن فهمي أن الرئيس محمد مرسي سيحضر جلسة المجلس يوم السبت المقبل، حيث سيلقي كلمة أمام المجلس في بداية دورة انعقاده، على أن يعود المجلس للانعقاد بعدها اعتبارا من يوم الأربعاء المقبل.

من جانبه، أكد الدكتور محمد محسوب وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية أن هناك مرحلة من التشريعات العاجلة التي على المجلس أن يقرها، لأنها لا تقبل التأخير منها قوانين مكافحة الفساد، وقانون استرداد المال الذي قال إن «قوى الفساد في مؤسسات الدولة أعاقت صدوره حتى الآن» إلا أنه لم يسم تلك القوى.

وأضاف: «أملنا كبير في أن يتم إنجاز هذا القانون بأسرع ما يمكن في مجلس الشورى بعد الانتهاء من مشروعه منذ 3 أشهر، كما أن هناك إجراءات عاجلة تحتاج لقوانين تحقق العدالة الاجتماعية مثل وضع الحد الأدنى والأقصى للأجور والمعاشات، وحرية الإعلام وتدفق المعلومات».

وقال إن الحكومة تدعو جميع الفصائل والقوى الوطنية لتتضافر جهودها من أجل مصلحة مصر، مشيرا إلى أن المعارضة اليوم قد تتحول غدا إلى حكومة، معتبرا أن حالة الارتباك التي عانتها الدولة المصرية في الفترة الأخيرة كانت تتطلب الانتقال سريعا إلى نظام دستوري مستقر.

من جهة أخرى، بدأت عصر أمس الجلسة الخامسة من جلسات الحوار الوطني التي دعا إليها الرئيس محمد مرسي، بهدف حل الأزمة السياسية الحالية في البلاد.

ولم يوضح البيان الذي أصدره المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية الدكتور ياسر علي، طبيعة الحضور أو من سيرأس جلسة الحوار بعد استقالة نائب رئيس الجمهورية المستشار محمود مكي الذي كان يرأس هذه الجلسات.

وناقشت الجولة الرابعة للحوار الوطني، التي عقدت الأسبوع الماضي، المسار المستقبلي للحوار في ضوء نتائج الاستفتاء سواء بالموافقة أو الرفض، وكذلك مناقشة المواد المقترح تعديلها في مشروع الدستور لعرضها على البرلمان القادم.

واستعرض الاجتماع ما وصلت إليه اللجنة المصغرة في آخر اجتماعاتها، وتمت مناقشة المسار المستقبلي للحوار في ضوء نتائج الاستفتاء سواء بالموافقة أو الرفض.

واتفق الحاضرون على أنه في حالة الموافقة على مشروع الدستور سيتم مناقشة قانون انتخابات البرلمان، وأيضا مناقشة المواد المقترح تعديلها في مشروع الدستور لعرضها على البرلمان القادم.

إلى ذلك، قال صبحي صالح عضو مجلس الشورى القيادي بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، «من الممكن أن يجرى خلال الفترة المقبلة، بعد استقرار الأوضاع بوجود رئيس للجمهورية وحكومة ومجلس للتشريع، تعديل على الحكومة وليس تغييرها بالكامل». وأضاف صالح، في تصريح له أمس، «هذا الأمر من حق رئيس الجمهورية بناء على الدستور الذي تمت الموافقة عليه.. دون أن يشارك أحد في القرار لحين انتخاب مجلس النواب».

وكان وزير الاتصالات هاني محمود قد أعلن الليلة قبل الماضية عن استقالته من حكومة الدكتور هشام قنديل، مبررا استقالته بعدم قدرته على التكيف مع العمل الحكومي، إلا أنه أعلن استمراره في مهام منصبه حتى يتم تعيين وزير جديد.