اشتباكات عنيفة على طريق مطار دمشق.. وقوات النظام تستميت لاقتحام داريا

سوريا تدخل العام الجديد بـ52 ألف قتيل و60 ألف مفقود و140 ألف معتقل

عناصر من كتائب المعارضة المسلحة خلال الاشتباكات ضد قوات بشار الأسد الدائرة بحي بستان القصر في حلب أول من أمس (رويترز)
TT

مع نهاية عام 2012، والاقتراب من بداية العام الثالث على اندلاع الثورة السورية وانسداد الأفق السياسي، تدخل البلاد عام 2013 بأكثر من اثنين وخمسين ألف قتيل، وأكثر من ستين ألف مفقود ومائة وأربعين ألف معتقل، بحسب آخر إحصائيات الثورة. ومع حلول نهاية العام، اشتدت وتيرة الاشتباكات في محيط العاصمة دمشق، وقال ناشطون إن اشتباكات عنيفة اندلعت على طريق مطار دمشق الدولي، أمس، بينما حذر ناشطون من مدينة داريا جنوب غربي العاصمة من وصول تحشيدات عسكرية لقوات النظام مع محاولة اقتحامها من عدة محاور.

داخل العاصمة، عززت قوات النظام الحواجز في محيط المقرات الأمنية ومؤسسات الرئاسة، كما تم قطع عدة طريق جديدة وحيوية، في ظل أوضاع أمنية تواصل تدهورها، وأوضاع اقتصادية ومعيشية قاسية. إلا أن رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي وفي جلسة لمجلس الشعب حاول طمأنة السوريين على أن «الحكومة تعمل على توفير كل مستلزمات المواطنين وتنفيذ الخطط». وذلك بعد إلقاء المسؤولية على العقوبات الاقتصادية «الظالمة ضد سوريا» بعرقلة «عمليات الاستيراد والتصدير، التي أثرت بشكل مباشر على حياة الشعب السوري». كما اتهم الحلقي من سماهم بالمجموعات الإرهابية بـ«استهداف المؤسسات الإنتاجية والخدمية، وإلحاق ضرر كبير بالاقتصاد الوطني وبالحياة اليومية للمواطن»، مشيرا إلى أن «منذ أيام عادت بعض محطات النفط الوطنية للعمل، مما سيؤمن نسبا جيدة من احتياجاتنا من المازوت، وسيكون هناك اكتفاء من هذه المادة قريبا».

وعسكريا، قالت وكالة الأنباء السورية إن العماد فهد جاسم الفريج نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة وزير الدفاع، قام يرافقه وفد من ضباط القيادة العامة «بجولة تفقدية على أحد التشكيلات المقاتلة»، دون أن تسمي التشكيل وموقعه، مضيفة في خبر مقتضب أن العماد الفريج خلال الجولة «أثنى على جهود المقاتلين وزودهم بتوجيهاته، داعيا إياهم إلى مواصلة تنفيذ مهامهم الوطنية».

كما أصدرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة بيانا، أمس، أكدت فيه «مواصلة عملياتها النوعية في التصدي للعصابات الإرهابية المسلحة»، وقالت: «قامت صباح الأحد مجموعات إرهابية مسلحة من عناصر جبهة النصرة ومرتزقة الناتو بمحاولة اقتحام إحدى كتائب دفاعنا الجوي في موقع تل حاصل بمنطقة السفيرة في حلب، مستخدمة الصواريخ ومدافع الهاون والرشاشات.. فتصدت لها وحدة من قواتنا المسلحة الباسلة، وتمكنت بالتعاون مع عناصر الكتيبة من إحباط الهجوم وقتل وإصابة أعداد كبيرة من الإرهابيين وتدمير أسلحتهم وعتادهم، ولاذ من تبقى منهم بالفرار». وأضافت أن وحدات من الجيش «تتابع تطهير محيط مطار حلب الدولي، واشتبكت مع المجموعات الإرهابية المسلحة، وتمكنت من قتل وجرح عدد كبير من الإرهابيين، وصادرت كمية من الأسلحة والذخائر. وفي حماه، أحكمت قواتنا المسلحة سيطرتها على بلدة مورك والطريق الدولي، وتمكنت من تفكيك أكثر من 150 عبوة ناسفة». وأشارت القيادة العامة إلى أن وحدات من الجيش «أنجزت تطهير حي ديربعلبة في مدينة حمص» بعد «القضاء على أعداد كبيرة من المرتزقة والاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر». وفي داريا بريف دمشق قالت القيادة العامة إن قواتها المسلحة تواصل «عملياتها لتطهير المدينة».

من جانب آخر، أفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي في المجلس المحلي لمدينة داريا بوقوع «اشتباكات عنيفة جدا (أمس) على كل مداخل المدينة، بالتزامن مع قصف عنيف بالدبابات والمدفعية الثقيلة». حيث تعرضت معظم أحياء المدينة لقصف عنيف جدا براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، أثناء محاولة اقتحام من كل المداخل، بعد قدوم تعزيزات عسكرية ضخمة تتجاوز الـ25 دبابة وعشرات المدرعات ومئات الجنود». وتظهر قوات النظام إصرارا كبيرا في الاستيلاء على مدينة داريا ومحيطها، لما تشكله من أهمية استراتيجية لحماية معاقله شمال غربي العاصمة.

وحول ما يجري في داريا قال الناشط إياد الشربتجي: «بعد صمود أسطوري دام قرابة 60 يوما كبّدت خلاله كتيبة شهداء داريا قوات النظام خسائر فادحة في العتاد والرجال، على الرغم من أنها لم توفّر سلاحا بريا أو جويا تقليديا وغير تقليدي إلا واستخدمه في المعركة، بالإضافة لفرض حصار خانق جدا على المدينة وسط غياب لكل وسائل الحياة والخدمات».

ولفت الشربتجي في رسالة وجهها للثوار والكتائب المقاتلة إلى أن «النظام يحشد الآن كل قوّته الممكنة تمهيدا لشنّ هجوم شامل على داريا هو الأعنف في ريف دمشق منذ بداية الثورة»، وقال: «المعلومات تتحدث عن قرابة 40 - 50 دبابة ما زالت تتوافد من ثلاثة محاور، بينها دبابات T72 المحدّثة؛ وهي أسلحة استراتيجية كانت مخبأة في المستودعات ولا يسمح باستخدامها إلا بموافقة موسكو.. بالإضافة لعدد مماثل من عربات BMB والمدرعات، ونحو 2000 جندي بالعتاد الكامل يتدرعون بالمدنيين الذين احتجزوهم على أوتستراد درعا»، مشيرا إلى أن «الجيش الحر في مدينة داريا هو من أكثر الكتائب تنظيما عسكريا وأفضلها سلوكا أخلاقيا، وهو يعمل بقيادة عسكرية تحت إشراف مدني من المجلس المحلي للمدينة، وقد شكّل قوات شرطة لحماية ممتلكات النازحين وتأمين الإغاثة لمن لم يستطع النزوح، كما أنه جيش مخلص رفض مرارا تلقي أموال وسلاح سياسي مشروط، ولم يقبل سوى المال النظيف من المخلصين من بعض تجار دمشق وداريا».

وعن قوات الجيش الحر في داريا قال الشربتجي إن «الغالبية الغالبة من قوام الجيش الحر في داريا هم من شباب المدينة الذين كانوا يخرجون في المظاهرات السلمية، والبقية من شباب مدينة دمشق وبعض قرى الريف المحيطة، ولا توجد فيه أي قوات غريبة أو ذات آيديولوجيا أو تبعية معينة، لذلك فقد مُنع عنه السلاح، ولم يهبّ أحد لنجدته».. محذرا من سقوط مدينة داريا بأيدي قوات النظام، وقال: «إذا حدث وسقطت داريا - لا سمح الله - فهذا يعني أننا سنخسر جبهة جنوب دمشق بالكامل، بدءا من داريا وصولا لخان الشيح في الجنوب غربي ودرعا في الجنوب شرق، وستكون خسارة فادحة للثورة».

إلى ذلك أصدر ناشطون آخرون إحصائيات الثورة مع نهاية عام 2012، وقالوا إن «ضحايا الثورة تجاوزوا 52 ألفا و21 شهيدا، بينهم 3907 أطفال، و3854 امرأة، ونحو 6089 عسكريا، و1364 شخصا قضوا تحت التعذيب.. فيما تجاوز عدد المفقودين الـ60 ألفا، والمعتقلين حاليا 140 ألفا. أما اللاجئون منذ بداية الثورة فبلغوا نحو 558643 لاجئا، منهم في تركيا أكثر من 147107، وفي لبنان أكثر من 170637، وفي الأردن أكثر من 162247، وفي العراق نحو 67015، وفي مصر 11637».

من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن نحو 40 ألف شخص قتلوا في سوريا خلال سنة 2012، غالبيتهم من المدنيين، مما يشكل نسبة 90 في المائة تقريبا من الضحايا منذ 21 شهرا.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «قتل 39 ألفا و362 شخصا خلال سنة 2012 في سوريا»، علما بأن عدد الضحايا الذين سقطوا منذ بدء النزاع في منتصف مارس (آذار) 2011 يتجاوز 45 ألفا.