د. عبد المنعم أبو الفتوح لـ «الشرق الأوسط»: أتوقع حصول الإسلاميين على ثلث البرلمان المقبل

عضو هيئة الإرشاد البارز المنقلب على الإخوان المسلمين: التكهن بالوزارة الجديدة «ضرب ودع»

د. عبد المنعم أبو الفتوح
TT

اتهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، مرشح الرئاسة السابق ورئيس حزب مصر القوية، الرئيس المصري محمد مرسي بعدم الشفافية في اختياراته والتسرع في قراراته. ووصف أبو الفتوح أداء الرئيس مرسي بالمهتز والضعيف لأنه بدأ رئاسته بتغليب مبدأ «أهل الثقة» على حساب «أهل الخبرة». وقال أبو الفتوح في حوار مع «الشرق الأوسط» إن التنبؤ بملامح أي حكومة جديدة يعد «ضربا للودع» بسبب غياب معايير موضوعية في اختيار الوزراء كما كان الحال عند اختيار حكومة هشام قنديل. كما اتهم عضو هيئة الإرشاد السابق في الإخوان المسلمين، الجماعة بالتخلي عن «الدعوة» وبالتورط في المنافسة الحزبية حتى تحولت خصما سياسيا وأحد المتسببين في حالة الاستقطاب الخطيرة التي تشهدها مصر الآن. وقال عبد المنعم أبو الفتوح إن مصر حاليا في حاجة إلى أفعال ملموسة على الأرض و«بالتالي فإن حديث الرئيس مرسي عن أهمية الحوار مع كل القوى السياسية وعن تحسن الاقتصاد وعن العدالة الاجتماعية وعن دولة المؤسسات وعن استقلال القضاء يحتاج إلى أفعال على الأرض لا مجرد أقوال».

أشار أبو الفتوح إلى أن السياسة الخارجية المصرية لم تتغير عما كانت عليه في عهد مبارك، مؤكدا أنها تقوم على أسلوب رد الفعل لا الفعل الذي كان منتظرا من أول رئيس مصري بعد الثورة، مؤكدا على خطورة التواصل الأميركي مع الإخوان المسلمين. وطالب أبو الفتوح قوى المعارضة بالابتعاد عن الفلول ومراجعة خطابها السياسي وتقديم بدائل سياسية.

وعن ظاهرة الغضب ضد الإسلاميين في بعض دول الربيع العربي، قال المرشح الرئاسي السابق إن أحد أسبابها نابع من أخطاء ارتكبتها تلك الحركات في ممارساتها السياسية بعد الثورات العربية. كما رفض أبو الفتوح هجوم قيادات إسلامية على الإعلاميين والفنانين واصفا إياه بالهزل الذي يجب وقفه. وتوقع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح حصول الإسلاميين على ثلث مقاعد البرلمان المقبل.

يذكر أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح سياسي بارز وكان معارضا قويا في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وقد تعرض للسجن عدة مرات في مختلف عهود مصر السابقة، وكان رئيسا لاتحاد طلاب الجامعة حينما وقف يعارض الرئيس السادات في جامعة القاهرة مما أدى إلى إثارة غضب الرئيس. كما أنه الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب وله مساهمات طبية عديدة في مناطق الصراع الساخنة التي كان يذهب إليها طبيبا مثل غزة وسوريا.

وكان عضوا بارزا في مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين حتى استقال منها عام 2011 وسط حالة من الغموض عن سبب الانشقاق. إلا أن ما برز على السطح وقتها أن «الإخوان» هم الذين أقالوه لرفضهم قيامه بترشحه للرئاسة! ودارت الأيام وتغيرت المواقف ليكون أول رئيس لمصر بعد الثورة من جماعة الإخوان المسلمين! ولأنه اتخذ موقفا معارضا أكثر هدوءا من باقي القوى الحزبية المعارضة للرئيس مرسي بعد خروجه من السباق الرئاسي، فإنه يحمل رؤية أكثر موضوعية وعقلانية للمشهد السياسي الحالى على الساحة المصرية، وهو ما يجعل لحوارنا مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية - الإسلامي الوسطى - أهمية كبرى في فهم كثير من الأمور واستشراف آرائه باعتبارها تمثل آراء شريحة كبيرة من المصريين بلغ تعدادها الملايين ممن أعطوه أصواتهم في انتخابات الرئاسة المصرية بما يعكس وسطية المجتمع المصري واختلافه عما نراه في حروب الفضائيات.

ونظرا لما أثاره خطاب الدكتور مرسي أمام مجلس الشورى المصري مؤخرا من جدل كبير بين معارض ومؤيد في كل الأوساط المصرية على صعيد الشارع والنخبة في آن واحد، بدأنا الحوار مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عن تقييمه لخطاب الرئيس وما تضمنه من أحلام وشعارات براقة، فقال:

- مصر حاليا في حاجة إلى أفعال ملموسة على الأرض، وليست في حاجة إلى تقييم الكلمات! وخطاب الرئيس عن أهمية الحوار مع كل القوى السياسية وعن تحسن الاقتصاد وعن العدالة الاجتماعية وعن دولة المؤسسات وعن استقلال القضاء يحتاج إلى أفعال تثبته على الأرض؛ لذا سنهتم بتقييم الأفعال لا الأقوال.

* في رأيك ما سر عدم ارتياح الشارع المصري وضعف تجاوبه مع الرئيس مرسي؟

- لأن أداء الرئيس حتى الآن ما زال ضعيفا، كما أن انفراده بالقرارات بعيدا حتى عن نائبه ومستشاريه أدى إلى صدور قرارات متسرعة وغير مدروسة، كما أن عدم الشفافية في القرارات والاختيارات يؤدي إلى عدم تفهم القرارات أو الاختيارات مثلما حدث في تشكيل حكومة هشام قنديل من قبل. ورغم ذلك، فإنه ما زالت هناك فرصة كبيرة أمام الرئيس كي يصوب ما مضى وأن يوسع دائرة المشاركة في اتخاذ القرار وأن يتعامل بشفافية وأن يشرك الأحزاب السياسية المعارضة معه في مرحلة الإعداد للقرارات المهمة وليس بعد صدورها كي نجتاز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ مصر.

* كيف ترى ملامح التعديل الوزاري المنتظر؟ وهل تؤيد من يطالبون بضرورة تغيير حكومة هشام قنديل بالكامل؟

- الأداء الحالي ما زال بعيدا عن الشفافية المطلوبة؛ ومن ثم ما زالت محاولة التعرف على ملامح التعديل الوزاري أو غيرها من القضايا بمثابة «ضرب للودع»، فلا أحد يعلم على أي معايير تم اختيار هشام قنديل أو أعضاء حكومته، ولا أحد يعلم على أي معايير أو تقييم للأداء سيتم تغيير أعضاء من الحكومة الحالية! أما بالنسبة لتغيير حكومة د. هشام قنديل بالكامل؛ فوقتها المناسب لا بد أن يكون بعد انتخابات مجلس النواب المقبل حتى تكون حكومة معبرة عن اختيارات الشعب المصري، وكي لا يتم إعادة تشكيل الحكومة خلال فترة زمنية قصيرة.

* إلى أي مدى توافق على اتهام الرئيس بانحيازه لأهل الثقة على حساب أهل الخبرة؟

- أداء الرئيس مرسي حتى الآن يضعه في هذه الدائرة؛ فمعظم اختياراته للمحافظين وغيرهم من المعاونين على سبيل المثال لم تكن قائمة على معيار الكفاءة والقدرة على تحمل المسؤولية، وكذلك اختياره لعدد من المستشارين تم أيضا وفقا لمعيار أهل الثقة أو وفقا لحسابات سياسية لا علاقة لها بمعيار الخبرة أو القدرة، مما أدى إلى تعزيز هذا الاتهام.

* في ظل هذه الأحوال الداخلية، كيف تقيم سياسة الرئيس مرسي الخارجية؟ ولماذا فشلنا في استعادة أموالنا بالخارج رغم نجاح تونس وليبيا في ذلك؟

- السياسة الخارجية لمصر ما زالت غير واضحة المعالم، وما زالت تسير على نظرية رد الفعل لا الفعل، فمصر لم تنفتح بعد على أفريقيا وأميركا الجنوبية كما انتظرنا من أول رئيس بعد الثورة، وما زال تأثير الإدارة الأميركية باديا في القرار المصري، وما زال الحديث عن الشأن السوري رغم جودته منحصرا في الأقوال ولم يخرج إلى دائرة الأفعال حتى الآن!! فمصر تحتاج إلى رؤية واستراتيجية واضحة في علاقاتها الخارجية تعتمد على استقلال القرار الوطني، وعلى زيادة العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول العالم الإسلامي، والدول الأفريقية ودول مثل البرازيل والهند.

أما بالنسبة لاستعادة الأموال بالخارج، فما زالت إدارة الملف مرتبكة وعشوائية، وقد أكد هذا الارتباك ما ذكره د. محمد محسوب في استقالته من مجلس الوزراء.

* في ضوء هذه السلبيات، هل تؤيد قوى المعارضة في دعوتها لمليونية 25 يناير (كانون الثاني)؟ وما تقييمك لمواقفهم المعادية للرئيس مرسي؟

- أتمنى من كل القوى السياسية في مصر أن تراجع خطابها وأدواتها السياسية وأن تتواصل أكثر مع الشعب المصري الذي تتجاهله السلطة وقوى المعارضة في الوقت نفسه.. فالتواصل مع الشعب المصري، ومحاولة التعرف على مشكلاته وتقديم حلول لها هو السبيل الأنجح لتقديم البدائل السياسية.

أما الدعوة لمظاهرات في 25 يناير أو غيره فهو حق أصيل لكل مصري ما دام في الإطار السلمي بعيدا عن التخريب والتعطيل.

* اتهمت المعارضة سابقا بتورطها مع بعض الفلول الذين نجحوا في التسلل إليها. فهل تعتقد أن أولئك المعارضين لا يستطيعون اتخاذ موقف توافقي مع الرئيس بسبب وجود اتفاقات سرية مع الفلول؟! - ما أقوله في هذا الإطار بشكل مباشر أنه يجب على كل القوى المعارضة أن تتخلص من فلول النظام السابق، وأن لا تتورط معهم في مواقف سياسية لأنهم يفقدونهم كثيرا من الرصيد الشعبي، كما أن هذه الفلول قد تورطهم في عنف لا نريد لمصر أن تقع فيه، وأؤكد أنني لم ألمح يوما لوجود اتفاقات سرية مع قوى المعارضة؛ فلدي ثقة في وطنية قوى المعارضة الأصيلة في مصر، وخطابي لها في السابق كان تنبيها ليس أكثر!

* بعد مرور نحو عامين على صعود نجم التيار الإسلامي.. هل تعتقد أن عيوبه قد انكشفت خلال تلك الفترة بشكل أفقده شعبيته ومصداقيته؟

- على مدار العامين الماضيين ظهرت عيوب ومزايا كل القوى الموجودة في المجتمع؛ لأن الساحة صارت مفتوحة، ولأن الاقتراب صار أكثر، ولأن الاختبارات والمواقف السياسية تعددت، ومن ضمن هذه القوى كان التيار الإسلامي الذي جنى محصول قدرته التنظيمية وتاريخه الطويل، ولكنه في المقابل أصبح في دائرة السلطة مما أظهر عيوبا له أكثر من غيره.

* هل تعتقد أن دخول «الإخوان» السباق الرئاسي هو الذي أدخلنا النفق المظلم الحالى؟ وهل ترى أنه كان خطأ كبيرا منهم؟

- ما زلت على رأيي السابق أن جماعة «الإخوان» لا بد أن تحصر عملها في النطاق الدعوي، وأن تتماس مع الشأن السياسي في إطار قضايا الوطن العامة، وأن لا تتورط في المنافسة الحزبية، وأن تترك لمنتسبيها الدخول في الشأن الحزبي دون وصاية من الجماعة عليهم، ولا شك أن جزءا كبيرا من حالة الاستقطاب التي تعيشها مصر كان سببا فيها إصرار «الإخوان» كجماعة دعوية على المنافسة الحزبية، فصارت خصما في العراك السياسي بدلا من أن تكون إضافة عليه.

* بشكل عام، كيف تقيم تجربة الإخوان السياسية العملية حتى الآن؟

- لقد تركت «الإخوان» منذ فترة، وأصبحت جزءا من مشروع «مصر القوية» الذي أحاول أن أشارك فيه بتقديم بديل للمجتمع يتلافى الأخطاء التي أكدت عليها في مواقفي السابقة؛ لذا فلا حاجة لي بتقييم تجربة الإخوان إلا في ما يتعلق بممارساتهم في السلطة التي أراها خاطئة وضعيفة حتى الآن.

* هل ترى مبررا للبعض في تخوفهم من حكم «الإخوان»؟! - الإخوان المسلمون جزء من الشعب المصري، لا يزايد على ذلك أحد ولا حاجة للخوف منهم ما داموا يمارسون أعمالهم ويعبرون عن أفكارهم وفقا للدستور والقانون، ولكن لا بد أن يكون هناك فصل بين ممارسة الدعوة والمنافسة الحزبية.

* ما رأيك في موجات الهجوم على الإعلاميين والفنانين وغيرهم من قبل بعض القيادات الإسلامية؟

- هذا الهزل الذي نراه بين الحين والآخر من بعض المنتسبين زورا للدعوة الإسلامية لا بد أن يتوقف؛ فالإسلام دين دعوة وسماحة ورفق ولين، والتهجم على الآخرين وسبهم أيا كانوا لا يمت للإسلام بصلة.

* ما موقفك من الدستور بعد إقراره؟ وهل تشارك المعارضين في شكهم بنزاهة الاستفتاء على الدستور؟

- أعلنا موقفنا منذ انتهاء التصويت، بأن دعونا اللجنة العليا للتحقيق في كل التجاوزات، وأكدنا أننا نثق في ما تصل إليه اللجنة من نتائج، وما رصدناه من تجاوزات لا يرقى إلى درجة الشك في النتائج النهائية.

* رغم سماته الطيبة، هل تعتقد أن مواصفات رئيس مصر المطلوبة غير موجودة في الرئيس مرسي؟ وهل يمكن القول إنه فشل في القيادة أم إنه عجز عن كف أيدي جماعة الإخوان عن التدخل في الأمور الرئاسية وإدارة البلاد؟

- قرارات الرئيس حتى الآن ما زالت مهتزة وانفرادية وغير شفافة. والرئيس لا بد أن يكون أكثر قوة في إطار سلطته التنفيذية، ولا بد أن يستمع جيدا لمستشاريه ولمعارضيه، وأن يصارح شعبه بما يفعل وما يقدم عليه. وكل هذا - للأسف - لم يحدث، مما يعرض الرئيس للفشل في أداء مهمته التي نتمنى له أن ينجح فيها حتى تخرج مصر من عثرتها.

أما علاقة الرئيس بجماعة «الإخوان»، فلا بد أن تكون في إطار من الشفافية والوضوح؛ فحزبهم هو حزب ينتمي إليه الرئيس، ولكن الرئيس صار حاكما لمصر كلها، وبالتالي فعليه أن يستشير حزبه كما يستشير باقي الأحزاب، لكن شريطة أن يتم ذلك في شفافية مطلقة ووفقا للمصلحة الوطنية وليس للمصلحة الحزبية.

* هل توافق على تشبيه البعض سيطرة حزب الإخوان حاليا بسيطرة الحزب الوطني الحاكم في النظام السابق؟

- أظن أن هذه مبالغة شديدة، فما زالت أركان الدولة بعيدة عن سيطرة حزب الحرية والعدالة، ووصول بعض أعضاء حزب الرئيس لمناصب تنفيذية مثل المحافظين أو الوزراء لا يشغلني كثيرا، ولكن ما يشغلني هو مدى كفاءة هؤلاء لتولي مناصبهم، والمعايير التي تم اختيارهم على أساسها.

* لماذا قلت إن التحالف بين الإخوان والسلفيين غير مشروع؟! - لم أقل هذا نصا، ولكني أؤكد دائما على أن أي تحالفات سياسية لا بد أن لا تكون على أساس استقطابي، بل على أساس سياسي واقتصادي وبرامجي؛ فهناك خطورة شديدة من تقسيم المجتمع إلى معسكر إسلامي في مقابل معسكر مدني أو علماني.

* في رأيك من المسؤول عن أزمة القضاة وإحداث هذا الشرخ في جسد العدالة المصرية؟ وكيف يمكن رأب هذا الصدع؟

- لا شك أن هناك أخطاء متبادلة حدثت؛ سواء من بعض القضاة أو من بعض دوائر السلطة التنفيذية بما فيها الرئيس، فلم يكن مقبولا أن يخرج قضاة للتعبير عن مواقف سياسية ملتبسة أو أن يعبروا عن رأيهم السياسي في قضايا منظورة أمام المحاكم، وكذلك فإن بعض الأحكام قد حملت بعدا سياسيا ما كان للقضاء أن يتورط فيه! وفى الوقت نفسه، ما كان للرئيس مرسي أن يعتدي على السلطة القضائية فيحصن قراراته أمام سلطة من سلطات الدولة، وما كان له أن يعين النائب العام باختيار منفرد بعيدا عن مجلس القضاء الأعلى.

ومع ذلك، فالفرصة سانحة لرأب الصدع في قضاء مصر العظيم، وعلى القضاة أن يكتفوا بمهمتهم الكبيرة في إقامة العدل بين الناس وسيادة القانون، وعلى السلطة التنفيذية أن ترفع يدها عن السلطة القضائية حتى يحدث الفصل والتوازن المطلوب بين السلطات في الدولة المصرية.

* ما رأيك في ما يتردد عن وجود تواصل بين «الإخوان» وأميركا حاليا؟

**هناك معلومات كثيرة تتردد في هذا الإطار، ولو صحت هذه المعلومات فهي أمر شديد الخطورة؛ فالإدارة الأميركية لا تخاطبها إلا الإدارة المصرية، وعلى الإدارة المصرية أن تؤكد قولا وفعلا على استقلال القرار الوطني المصري، وأن لا تخضع للنفوذ والهيمنة الأميركية مهما كانت التضحيات.

* ما تفسيرك لسيطرة التيارات الإسلامية على الحكم في دول الربيع العربي؟ وبم تفسر الهجوم الذي تصاعد ضدهم في دول مثل تونس ومصر؟

- لا شك أن الحركات الإسلامية هي الأكثر تنظيما والأكثر قدرة على التواصل الشعبي بحكم تاريخها الطويل وتمددها الجغرافي؛ لذا فقد كان طبيعيا أن تفوز في الانتخابات البرلمانية، وأن تشكل الحكومات التالية للثورة، ولكن تسرع بعض هذه الحركات في الانفراد بالسلطة بعد الثورات مباشرة في ظل عدم جاهزيتها وقلة خبرتها ستكون له عواقب وخيمة عليها وعلى مستقبلها، كما سيكون له أثر كبير على شعبيتها خلال الفترة المقبلة.

أما الهجوم عليهم فجزء منه نابع من الصراع الآيديولوجي المتوارث من الأنظمة السابقة والحالة الاستقطابية الهائلة التي يسعى إليها البعض بكل قوة، وجزء آخر نابع من أخطاء ارتكبتها تلك الحركات في ممارساتها السياسية بعد الثورات العربية.

* ما سر انقلاب الدكتور أبو الفتوح على «الإخوان» بعد أن كان منهم؟ وهل كان ذلك السبب في ابتعادك عن الرئيس المصري كأحد أعضاء فريقه الرئاسي كما كنا نتوقع؟ ألم يعرض عليك أي منصب؟

- لا يوجد انقلاب في مواقفي نحو «الإخوان»، فمواقفي قبل الثورة هي مواقفي نفسها أثناء الثورة وفي ظلها.. اختلافي مع «الإخوان» واضح منذ زمن حتى في ظل وجودي بينهم.

أما بالنسبة للمناصب، فأنا أؤكد أنه لم يعرض علي أي منصب من الرئيس لا في الفريق الرئاسي ولا في غيره، ولا أدري شيئا عن طريقة توزيع المناصب حول الرئيس!

* ماذا ستفعل مع قرب الانتخابات البرلمانية؟ وهل تتوقع استمرار شعبية الإسلاميين في تلك الانتخابات؟

- أعمل الآن سياسيا رئيسا لحزب «مصر القوية»، ومعلوم أن مشروع مصر القوية ينتسب للتيار الإسلامي الوسطي والوطني، ونسعى في الحزب لتقديم نموذج سياسي قائم على المعارضة الوطنية البناءة دون استقطاب، وسنسعى للمشاركة السياسية الفعالة في الانتخابات البرلمانية أو المحلية أو الرئاسية.

وبالنسبة لشعبية الإسلاميين في الانتخابات المقبلة؛ فالأمر متوقف على مدى قدرتنا مع أحزاب المعارضة المختلفة على تقديم بدائل حقيقية للشعب المصري، ولو نجحنا في ذلك، فأظن أن التيار الإسلامي اليميني سيكون نصيبه مقتربا من ثلث المقاعد أو ما يزيد قليلا.

أبو الفتوح رائد جيل التجديد الذي تصدى للسادات

* الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح السابق لرئاسة الجمهورية في أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني)، ورئيس حزب «مصر القوية». ولد د. عبد المنعم أبو الفتوح في حي الملك الصالح بمصر القديمة لأسرة جاءت إلى القاهرة من كفر الزيات بمحافظة الغربية. تميز عبد المنعم أبو الفتوح في الجامعة بنشاطه واهتمامه بشؤون زملائه؛ فشغل منصب رئيس اتحاد كلية طب القصر العيني التي كانت في ذلك الوقت رائدة في العمل الإسلامي، ثم أصبح بعد ذلك رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة، حين حدثت الواقعة الشهيرة بينه وبين الرئيس الراحل محمد أنور السادات والتي صارحه فيها أبو الفتوح بكل ثقة وشجاعة بأن الدولة تسود فيها حالة من النفاق ولا تحترم علماءها. واشتهر أبو الفتوح وسط القوى السياسية الأخرى ووسط العديد من أفراد الإخوان المسلمين بأنه من أكثر الإخوان المنفتحين والأكثر جرأة وشراسة في معارضة الحكومة، وأنه رائد جيل التجديد داخل الجماعة.

لم يؤثر انشغاله بالعمل العام على دراسته، فظل محافظا على تفوقه في جميع سنوات الدراسة، وحصل على بكالوريوس طب القصر العيني بتقدير «جيد جدا»، لكنه حرم من التعيين بسبب نشاطه السياسي واعتقل لعدة أشهر ضمن اعتقالات سبتمبر (أيلول) 1981 الشهيرة. إلا أنه واصل تفوقه الدراسي وحصل على ماجستير إدارة المستشفيات في كلية التجارة بجامعة حلوان. وانضم لـ«حركة الإخوان المسلمين» وشغل منصب عضو مكتب الإرشاد بها منذ عام 1987 حتى 2009. عقب تخرجه شغل د. أبو الفتوح العديد من المناصب السياسية والنقابية مثل منصبه السابق أمينا عاما لنقابة أطباء مصر ومنصبه الحالى أمينا عاما لاتحاد الأطباء العرب، كما امتد عمله العام ليشمل الجانب الإغاثي والإنساني من خلال إشرافه على لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب، التي امتد نشاطها الإغاثي في أفريقيا وآسيا عبر تقديم المساعدات العينية وإقامة المستشفيات الميدانية. نشر له العديد من البحوث والمقالات في الصحف والدوريات المصرية والعربية، التي تناولت الشأن الفكري والسياسي للأوضاع المحلية والإقليمية والدولية. جمع أغلبها في كتاب صدر بعنوان «مجددون لا مبددون»، كما صدر له كتاب آخر تناول شهادته على الحركة الطلابية والإسلامية منذ عام 1971 وحتى 1981. اعتقل في عهد مبارك لمدة خمس سنوات لنشاطه العام، وحصل خلالها على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة.