معارضون سوريون لـ «الشرق الأوسط»: نتقبل أي قيادة «انتقالية» بشرط «نظافة اليد»

تعليقا على أفكار أميركية تتضمن رحيل الأسد واختيار علويين لإدارة المرحلة مع المعارضة

عناصر من الجيش الحر أثناء المواجهات مع قوات النظام في أحد أحياء حلب أمس (رويترز)
TT

أكدت كوادر بارزة من المعارضة السورية استعدادها في المرحلة الانتقالية للتعاون مع أي شخصية قيادية سورية، بغض النظر عن طائفتها.. شريطة ألا تكون متورطة بـ«دماء الشعب السوري»، وذلك على خلفية التداول بأفكار أميركية تنص على «رحيل» الرئيس السوري بشار الأسد، على أن «يبقى قادة علويون أقل تطرفا للتعاون مع قوات المعارضة». وفي حين جددت المعارضة تمسكها بـ«رفض أي مبادرة لا تتضمن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد ومحاسبة أركان نظامه»، أعلنت الحكومة السورية أمس استعدادها لأن «تتجاوب مع أي مبادرة إقليمية أو دولية» لحل الأزمة.

وكانت «الشرق الأوسط» قد أشارت أمس إلى أن السيناريو الأميركي الجديد، نقلا عن مصادر أميركية، «يشير إلى أن كلا من روسيا وإيران يمكن أن ترحبا، على مضض، بحكومة انتقالية من علويين معتدلين وسنة معتدلين في سوريا». وأفادت بأن زيارات الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، إلى سوريا لم تكن فقط للتفاوض مع الأسد، ولكن - أيضا - لجمع معلومات عن «علويين معتدلين» يمكن التعاون معهم.

وجدد معارضون سوريون تأكيدهم على أن الاعتبارات الطائفية غير موجودة في الأدبيات السياسية السورية، وأن معيار اختيار قادة المرحلة الانتقالية ليس مرتبطا بانتمائهم؛ بل بدورهم في الثورة وكفاءتهم. وفي سياق متصل، نفى عضو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» وأمين سر المجلس الوطني السوري الدكتور هشام مروة لـ«الشرق الأوسط» وجود «أي توجه لدى المعارضة السورية لأي حالة طائفية»، لافتا إلى أنه «لا اعتبار في ثقافة سوريا السياسية لأي محاصصة طائفية».

وفي موازاة وضعه الأفكار الأميركية في إطار «التسريبات»، أشار مروة إلى أن «المعيار الرئيس المعتمد لاختيار قادة المرحلة الانتقالية هو كفاءتهم وقدراتهم ونضالهم الوطني ودورهم في الثورة السورية، وفق ما حدده النظام الأساسي للائتلاف المعارض»، جازما بأن «أحدا في المعارضة السياسية أو الثورية لا يفكر في استبعاد أي مكون من المكونات السورية في المرحلة الانتقالية، أو ينظر إليها بازدراء».

في المقابل، شدد مروة على أنه لا يمكن للمعارضة القبول بأن «يكون أي رمز من رموز النظام السوري، بغض النظر عن انتمائه وطائفته، قائدا في المرحلة الانتقالية.. لأن الثورة رفضته ومطلوب رحيله مع النظام»، مؤكدا في الوقت عينه على أن «أي شخصية لم تتلوث أيديها بالدماء يمكنها أن تقوم بدورها في المرحلة الانتقالية». وفي الإطار عينه، جزم المعارض السوري وأحد الناطقين الرسميين باسم «لجان التنسيق المحلية في سوريا» عمر إدلبي لـ«الشرق الأوسط» بأن «رحيل الأسد وكل قادته الأمنيين والعسكريين الذين ساهموا باستمرار الحل العنفي والأمني، شرط لازم لحل الأزمة السورية ولضمان عدم انجرار السوريين إلى مرحلة كبيرة من الانتقام».

وذكر إدلبي بأن المعارضة السورية «أكدت مرارا وتكرارا عدم وجود أي مشكلة مع أي أشخاص أو مسؤولين سوريين، من أي طائفة أو فئة من فئات الشعب السوري، ما لم يكونوا متورطين بقتل الشعب السوري وارتكاب الجرائم بشكل واضح». ولفت إلى أن «تحصين أي من أركان النظام من المحاكمات عما اقترفوه من جرائم ومجازر وانتهاكات سيفتح الباب عريضا أمام الثأر والانتقام بما يهدد وحدة المجتمع السوري»، موضحا «إننا لا نحاسب الأشخاص على أساس طائفتهم أو انتمائهم العرقي، لكننا ننظر للمسألة من منظار وطني جامع، ونحرص في الوقت على أن يخضع كل مرتكب للمحاسبة».

وكان رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي، قد أعلن أمس أن حكومته «تعمل على دعم مشروع المصالحة الوطنية، وتتجاوب مع أي مبادرة إقليمية أو دولية من شأنها حل الأزمة الراهنة بالحوار والطرق السلمية ومنع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية، واعتبار ما يجري في سوريا شأنا سوريا يحله السوريون بأنفسهم من دون ضغوط أو إملاءات خارجية». وأكد الحلقي، في خطاب ألقاه في مجلس الشعب السوري ونقله التلفزيون الرسمي مباشرة، أن بلاده تمضي نحو «اللحظة التاريخية التي تعلن انتصارها على أعدائها لترسم معالم سوريا المنشودة ولتعيد بناء نظام عالمي جديد يعزز مفهوم السيادة الوطنية وتعزز مفهوم القانون الدولي». وكان الموفد الأممي إلى دمشق الأخضر الإبراهيمي قد أعلن من القاهرة أول من أمس أن لديه «مقترحا للحل يمكن أن يتبناه المجتمع الدولي»، موضحا أن هذا المقترح يستند إلى إعلان جنيف. وقال مروة لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارضة ترفض أي حل سياسي لا يتضمن رحيل الأسد ونظامه»، لافتا إلى أن «المجتمع الدولي بدأ يتفهم أن الشعب السوري لا يمكن أن يقبل إلا بنظام جديد يؤمن له حقوقه».

من جانبه، أكد جبر الشوفي، مدير مكتب المجلس الوطني السوري، رفض دعوة الحلقي، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن أي حكومة ستشكل في ظل بقاء الرئيس السوري بشار الأسد سوف يسقطها الثوار المدنيون والمسلحون الموجودون في الداخل و«نحن طبعا لن نقبل بهذه الحكومة كمعارضة وممثلين شرعيين للشعب السوري». أما عن الأفكار الأميركية، والشخصيات العلوية التي تلقى الترحيب في الأوساط المعارضة وتبرز أسماءهم، قال الشوفي: «هناك شخصيات علوية سياسية معروفة في المعارضة السورية ممن يتم تداول أسمائهم في الوسائل الإعلامية والصحافية، مثل منذر ماخوس (سفير الائتلاف السوري في باريس) وعارف دليلة وحبيب عيسى.. ومن الشخصيات الأدبية سمر يزبك وخولة دنيا ورشا عمران»، مؤكدا أن الثورة السورية ليست طائفية، وقال: «عندما يكون القادة (العلويون) معروفين في مواقفهم من الثورة، ويكونون من الشخصيات التي لم تشترك مع النظام السوري في قمع الحريات وذات التوجه الوطني؛ سيكون مرحبا بهم من قبل المعارضة، وهذا يلزم البحث بشكل مباشر حول المبادرة».