ليبيا: تضارب الأنباء عن محاولة اغتيال المقريف

وزارتا الدفاع والداخلية توجهان تهديدات علنية لعناصرها المتغيبة عن العمل

محمد المقريف
TT

رغم أن محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، قد أعلن عن محاولة فاشلة لاغتياله لدى قيامه مؤخرا بزيارة إلى مدينة سبها التي كانت أحد معاقل نظام العقيد معمر القذافي في الجنوب الليبي، فإن أيوب الزروق رئيس المجلس المحلي للمدينة فجر مفاجأة كبيرة أمس عندما أبلغ «الشرق الأوسط» بأنه لا يعتقد في صحة هذه المحاولة من أساسها.

وكان المقريف قد أعلن في مقابلة مع «قناة ليبيا» الرسمية، وبعض القنوات المحلية الأخرى، مساء أول من أمس، «أنه لدى وصوله إلى مقر إقامته في الفندق بمدينة سبها حدثت انفجارات، وتم إطلاق رصاص قناصة على الفندق لمدة ثلاث ساعات، وأصيب ثلاثة من رجال الحراسة»، لكنه قال في المقابل إنه لم يتم اعتقال أي من المتورطين في هذه المحاولة، مشيرا إلى أنه تم فتح تحقيق في هذا الهجوم.

وقال رئيس المجلس المحلي لمدينة سبها، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف: «لا أعتقد أنه كانت هناك محاولة اغتيال مباشرة، هناك توتر كبير في مدينة سبها بحكم وجود الأسلحة، والرماية العشوائية، والتوترات القبلية في المدينة». وزاد قائلا: «لا أعتقد بصحة هذه المحاولة، وأنا أشك في أن أحدا استهدف السيد المقريف؛ لأن المنطقة كان يصعب اختراقها بحكم الوجود الكثيف لرجال الأمن، فليس معقولا أن يخترق أحد هذه الحماية الأمنية المكثفة، وأنا لا أصدق ذلك».

وتساءل الزروق: «هل تم اعتقال الفاعل؟ إذن كيف يتم ذلك؟».

وروى الزروق لـ«الشرق الأوسط» أن طبيعة الحراسة الأمنية التي رافقت المقريف خلال زيارته للمدينة كانت كثيفة للغاية وشاركت فيها كل الأجهزة الأمنية والعسكرية للدولة، وقال: «منذ لحظة خروجه من المطار رافقته عشر سيارات أو أكثر للحماية من قوات الصاعقة والأمن الوطني والثوار، وبداخل كل سيارة اثنان من الحرس، يعني عشرين عنصرا مسلحين براجمات وبنادق».

واستطرد قائلا: «وحتى الآن لا أصدق، هذه إساءة لي وللمدينة لو صح هذا الكلام». وأضاف: «زارنا مسؤولون كثيرون رفيعو المستوى، من بينهم نائب رئيس الحكومة وبعض وزرائها، وكان الأمر عاديا ولم يحدث أي شيء، فلماذا يستهدف المقريف؟». وأضاف: «وصل المقريف بالطائرة من طرابلس إلى الشاطئ، لكنه هبط في سبها لعدم وجود مطار ربما في الشاطئ، وأخذ السيارات من سبها إلى الشاطئ وعاد ليلا وبات في الفندق، وفي صباح اليوم التالي كان موعدنا بالمسرح الشعبي بالمدينة».

وقال: «أقام المقريف في فندق (فزان) المقابل للمسرح الشعبي، باعتباره الفندق الوحيد الذي يعمل بالمدينة، ولدى عودته مساء وقعت رماية عشوائية وسمع إطلاق نار».

وسألت «الشرق الأوسط» الزروق هل أجرى تحقيقات أو شكل لجنة تحقيق محلية؟ فقال: «أنا أشك أن تكون هذه محاولة اغتيال، الأمن لديه برامج للتحقيقات لكني لم أرَ أحدا منهم حتى الآن.. لا يوجد أي شيء».

بيد أن الزروق أقر في المقابل بصحة رواية المقريف عن إصابة اثنين من رجال الأمن المرافقين له بأعيرة نارية، موضحا أنهما كانا أمام الفندق عندما تعرضا لإطلاق نار عشوائي، معتبرا ذلك أمرا اعتياديا في ظل الوضع الأمني المتردي في المدينة. وأوضح رئيس المجلس المحلي لمدينة سبها أن قتالا عنيفا اندلع خلال الأيام الماضية بين قبيلتي القذاذفة وأولاد سليمان، مضيفا أنه «دار بينهما قتال وعانينا منه بشكل كبير، لكن الوضع الآن أكثر أمنا، هناك هدنة وتوقف إطلاق النار».

وقال الزروق إنه يؤيد قرار المؤتمر الوطني والحكومة الانتقالية بتحويل الجنوب إلى منطقة عسكرية، معتبرا أن هذا القرار كان ضروريا في الوقت الحالي لتفكيك السلاح وفرض نفوذ الدولة.

من جهة أخرى، طالبت وزارة الدفاع الليبية جميع العسكريين بجميع رتبهم بالالتحاق بوحداتهم فورا، وهددت في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، بأنه في حالة عدم تنفيذ هؤلاء لهذه التعليمات خلال شهر من الآن، فإنها سوف تجمد رواتب المتخلفين وتعرضهم للمساءلة القانونية الصارمة. كما أعلنت وزارة الداخلية الليبية مجددا لجميع عناصرها في نداء وصفته بالأخير أن احتساب مدة التغيب عن العمل بدأ منذ مطلع الشهر الجاري.

ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن مجدي العرفي المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أنه سيتم إيقاف مرتبات من بلغت مدة غيابهم 15 يوما متواصلة، وفصل المتغيبين عن العمل الذين بلغت مدة غيابهم 45 يوما متصلة، وذلك اعتبارا من منتصف هذا الشهر، لافتا إلى أن وزارة الداخلية ستشرع أيضا في اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة حيال المتغيبين.

على صعيد آخر، انسحب عشرات الأعضاء في المؤتمر الوطني العام (البرلمان الليبي) من جلسة عقدها المؤتمر أمس بمقره في طرابلس احتجاجا على «الاستياء من أداء المؤتمر وتأخره في انتخاب لجنة الستين التي ستعد الدستور الجديد للبلاد»، وشمل الانسحاب أعضاء كتلة تحالف القوى الوطنية برئاسة محمود جبريل، التي تعتبر أكبر كتلة من حيث العدد داخل المؤتمر، بالإضافة إلى بعض المستقلين.

وقال المنسحبون في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «إنه رغم المحاولات المتكررة للإصلاح دون جدوى، إيمانا منا بضرورة الاستقرار السياسي، فإن الأمور خرجت عن نصابها، وتجاوزت كل حد، بما يهدد المصلحة العليا للشعب الليبي». وأضاف البيان: «ولأننا أصبحنا مدركين أكثر من أي وقت مضى أنه لا بد من وقفة جادة لإعادة الأمور لمسارها الطبيعي بما يخدم الصالح العام».

وعدد البيان مبررات انسحاب أعضاء المؤتمر من جلسة أمس، وعلى رأسها تأخر المؤتمر في البت في لجنة الستين رغم انتهاء المدة القانونية المحددة بالنسبة للإعلان الدستوري، لافتا إلى أن هذا الأمر استحقاق دستوري بالإضافة إلى كونه مطلبا شعبيا.

كما اتهم الأعضاء المنسحبون رئاسة المؤتمر بالانفراد بوضع جدول الأعمال دون إشراكهم، وعدم اهتمامها بتنفيذ القرارات المتعلقة بالأمن الرئاسي، مما تسبب في تكرار الانتهاكات لحرم المؤتمر وقاعاته، معتبرين أن هذا يمثل انتهاكا للشرعية التي تمثل الشعب الليبي.

وكان تحالف القوى الوطنية قد فاز في انتخابات التشريعية التي جرت في يوليو (تموز) الماضي بـ39 مقعدا من أصل 80 مقعدا مخصصا للهيئات الحزبية بالمؤتمر الذي يبلغ إجمالي عدد مقاعده 200، لكنه تقلص إلى 190 مقعدا فقط بعد طرد عشرة من أعضائه بسبب علاقتهم بنظام القذافي.

وفي غضون ذلك، بدأ المؤتمر أمس في مناقشة المشروع المقدم من وزارة العدل بشأن تعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات العسكرية. وقال عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر إن هذا المشروع هو إلغاء وليس تعديلا، مشيرا إلى أن القضاء العسكري هو قضاء استثنائي، وبالتالي فإن هذا التعديل لو تم إقراره فسوف تمتنع المحاكم العسكرية عن النظر في القضايا المدنية.