واشنطن تخشى من «مواصلة متطرفي سوريا القتال»

مسؤول أميركي يشدد على الحل السياسي ورفض التدخل العسكري من دون إجماع «المعارضة»

TT

هناك هواجس أميركية عدة في ما يخص الأزمة السورية، على رأسها التبعات الأمنية على المنطقة وسيطرة «المتطرفين» من الطرفين على الأوضاع. وأكد مسؤول أميركي رفيع المستوى، في لقاء مع عدد من الصحافيين في لندن أمس، أن «الحل السياسي» يبقى الخيار الذي تدعمه بلاده، لكن من دون التوصل بعد إلى حل ملموس؛ رغم أن «خطة جنيف» تبقى مطروحة. وكرر المسؤول اعتقاد بلاده أنه «لا يمكن للنظام السوري إنهاء المظاهرات بالقوة، والوقت ليس من صالح النظام»، لكن من دون معرفة متى يمكن أن ينهار.

وتبقى المخاوف الأميركية من تبعات توغل «جبهة النصرة» في سوريا وتحالفها مع «القاعدة في العراق» قائمة، بل تعتبر عاملا أساسيا في اتخاذها قرارات حول سوريا. وأوضح المسؤول الأميركي «نحن لا نسأل المجموعات الأخرى الإدانة العلنية لجبهة النصرة، لكن عليها أن تكون حريصة جدا في التعامل مع أجندة جبهة النصرة السياسية.. والربط بين جبهة النصرة و(القاعدة في العراق) والدولة الإسلامية في العراق أمر واضح جدا». لكنه أردف قائلا «لا يمكننا العمل مع مجموعات تساعد جبهة النصرة»، موضحا أن هناك «أسبابا كثيرة لذلك، من بينها حدود قانونية»، بعد أن اعتبرت الولايات المتحدة جبهة النصرة «جماعة إرهابية».

ولفت المسؤول الأميركي المطلع على الملف السوري إلى أن «غالبية السوريين لا يريدون دولة إسلامية، والقضية هنا ليست متعلقة بطبيعة الدولة، بل كيف تقام، أي لا تكون مفروضة على الشعب السوري». ولفت إلى أن «قيادات من الجيش السوري الحر تقلل من أهمية جبهة النصرة، إذ يعتبرون أنه لا يوجد لديهم أكثر من ألف مقاتل، وهؤلاء لا يمثلون الأغلبية؛ أو حتى أقلية كبيرة». لكنه أقر بأن جبهة النصرة «تمثل وجودا أكبر الآن مما كانت قبل 6 أشهر»، مشيرا إلى أن «المتطرفين سيواصلون القتال»، إذا لم يغلب صوت المعتدلين. وأضاف أن «النزاع يفيد المتطرفين على كلا الجانبين»، مما يعني ضرورة «التوصل إلى حل سياسي بأسرع وقت ممكن». وأوضح «منذ يناير (كانون الثاني) 2012 ونحن نقول إننا نعتقد أن هناك عناصر من (القاعدة) في سوريا، إنه الأمر الوحيد الذي اتفقنا مع (الرئيس السوري بشار) الأسد عليه».

ولفت إلى أنه «على المعارضة إقناع الكثير من السوريين القلقين من المستقبل - وهم أقلية كبيرة - بأن هناك خيارا أفضل بدلا من الأسد، وليس لتكوين دولة متطرفة». وأضاف «هناك جهات لن تتخلى عن الأسد لأنها مستفيدة أو تخشى على حياتها، لكن من المهم أن تفسر المعارضة موقفها للمعارضة الأوسع». وتابع «مخاوف العلويين حقيقية ويجب أن تعالج».

وبينما أكد المسؤول الأميركي أن «خيار التدخل العسكري ما زال على الطاولة»، فإنه شدد على عدم اتخاذ قرار التدخل العسكري. وقال «الولايات المتحدة ما زالت تؤمن بحل سياسي للبلاد»، مؤكدا أن ذلك الحل لا يمكن أن يشمل بقاء الأسد في السلطة. وأوضح أن هناك شروطا عدة مهمة في تحديد قرار أي تدخل عسكري، على رأسها «اتفاق الجهات السورية المعارضة المختلفة على هذه القضية». وأضاف أن «أحد الدروس التي تعلمناها من العراق أنه من الخطأ التدخل العسكري من دون إجماع كبير من الشعب.. يجب أن يكون هناك اتفاق على الخطة على الأرض». وفي ما يخص نشر صواريخ «باتريوت» على حدود تركيا مع سوريا، قال المسؤول إن ذلك الإجراء ليس غطاء لفرض منطقة حظر جوي «بل لسد حاجة لحليف في الناتو للحماية من الصواريخ» التي أطلقها النظام السوري.

وأفاد مسؤول أميركي رفيع المستوى أمس بأن بلاده لم تكن جزءا من الصفقة التي أدت إلى إطلاق 48 رهينة إيرانية لدى المعارضة السورية مقابل إطلاق 2130 سجينا لدى النظام السوري، لكنه أوضح أنه على وعي بوجود اتصالات بين عناصر من المعارضة والنظام، موضحا «في الكثير من الأحيان هذه الاتصالات تكون بين أفراد عائلة واحدة، البعض مع المعارضة والبعض الآخر ما زال يعمل مع الحكومة». وأضاف «هناك أيضا اتصالات بين عناصر من الجيش السوري النظامي والجيش السوري الحر»، مشيرا إلى أن هذه الاتصالات «إنسانية» ومبنية على معارف خاصة؛ بدلا من الاتصالات الرسمية.