تصريحات هاغل المتعاطفة مع إيران تثير قلق السياسيين الأميركيين

خلال عمله بالكونغرس اعترض على العقوبات على إيران وطالب بالتفاوض المباشر بين واشنطن وطهران

الطفلة الإيرانية ريحانة (الثانية من اليمين) وشقيقتها زهرة تغني في وسط العاصمة طهران أمس (أ.ب)
TT

أثار تعيين الرئيس الأميركي باراك أوباما للسيناتور الجمهوري السابق تشاك هاغل وزيرا للدفاع كثيرا من الجدل والتناقضات المثيرة للاهتمام. وسارعت وسائل الإعلام الأميركية إلى وضع كثير من علامات الاستفهام والتساؤلات على مواقف هاغل السياسية من إسرائيل وإيران وحزب الله وحماس وكثير من القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط. فوزير الدفاع الأميركي الجديد (67 عاما) المنتمي إلى الحزب الجمهوري له آراء لا تنسجم مع الفكر الجمهوري السائد، وخلال اثني عشر عاما من عمله في مجلس الشيوخ كسيناتور عن ولاية نبراسكا (منذ عام 1997 إلى عام 2009) أثار هاغل خلافات حادة وجدلا ساخنا ليس فقط داخل حزبه، لكن أيضا مع الديمقراطيين بسبب مواقفه وآرائه السياسية.

ويعد تشاك هاغل من أشد المدافعين عن فكرة التفاوض المباشر مع حركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة كحركة إرهابية، ومن أشد منتقدي إسرائيل، ووجه هاغل انتقادات حادة لحرب العراق وأفغانستان. وفي عام 2002 (في أعقاب هجمات 11 سبتمبر)، إن على الولايات المتحدة تحسين علاقاتها مع العراق وإيران وكوريا الشمالية وهي الدول التي وصفها الرئيس جورج بوش حينذاك بمحور الشر. وخلال عمله بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ولجنة الاستخبارات كان كثيرا ما يشتبك مع زعماء الحزب بشأن السياسة الخارجية والدفاعية وشارك في رعاية تشريع للحد من القيود التجارية الأميركية على كوبا، ورفض فرض عقوبات على إيران وليبيا. وخلال المحادثات الصعبة بين الإدارة الأميركية والكونغرس حول سقف الديون وجه هاغل انتقادات حادة لحزبه الجمهوري وقال إنه يشعر بالاشمئزاز من الممارسات غير المسؤولة التي صدرت عن الجمهوريين خلال الجدل حول سقف الديون.

ومنذ طرح اسمه في أواخر العام الماضي كمرشح محتمل لمنصب وزير الدفاع عبر الجمهوريون عن معارضتهم للقرار ولوحوا بمعركة حامية من أجل عدم تعيينه؛ حيث يستلزم موافقة الكونغرس على ترشيحات الرئيس الأميركي للمناصب السياسية. وتأخذ قيادات الحزب الجمهوري على هاغل عدم إظهاره الدعم لإسرائيل واعتراضاته على العقوبات المفروضة على إيران، وأنه صوت ضد العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة ضد إيران وأدلى بتصريحات تستخف باللوبي اليهودي في واشنطن، كما طالب بتخفيض نفقات الجيش الأميركي ووصف في تصريح لـ«فايننشال تايمز» عام 2011 وزارة الدفاع بأنها «مترهلة» وأن الميزانية المخصصة لها في حاجة إلى تقليمها.

وقال السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل إنه ينتظر جلسة استماع الكونغرس حول الموافقة على تعيين هاغل وزير للدفاع والاستماع إلى آرائه حول الأمن القومي والسياسة الخارجية قبل أن يقرر ما إذا كانت آراء تشاك تتفق مع المنصب الذي سيعين له أم لا. فيما أوضح السيناتور الجمهوري جون كورنين أنه سيعارض تعيين هاغل لأن تعيينه سيكون أسوأ رسالة يمكن أن ترسلها الولايات المتحدة إلى حليفتها إسرائيل وبقية الحلفاء في الشرق الأوسط.

وبعد إعلان الرئيس أوباما ترشيحه لهاغل رسميا في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض الاثنين قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام لشبكة «سي إن إن» إن هاغل سيكون وزير الدفاع الأكثر عداء لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة واعتبر ترشيحه مثيرا لجدل سياسي كبير. وأبدى غراهام مخاوفه من مواقف هاغل تجاه إيران وحماس وقال، «هاغل لم يقل فقط إنه يجب التفاوض مباشرة مع إيران وأن العقوبات لا تعطي نتيجة وإنما قال أيضا إن إسرائيل يجب أن تتفاوض مع حماس، وإنه رفض توقيع رسالة موجهه إلى الاتحاد الأوروبي من أجل إدراج حزب الله اللبناني على لائحة المنظمات الإرهابية».

أبرز المواقف التي أثارت مخاوف الساسة الأميركيين هي مواقف هاغل من إيران، فخلال عمله بالكونغرس كان معترضا على العقوبات المفروضة على إيران ويؤمن بأهمية التفاوض المباشر مع إيران وفي عام 2007 صوت هاغل ضد تعديل مهم في مشروع قانون يضع الحرس الثوري الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية على الرغم من دور الحرس الثوري في توفير الأسلحة والتدريب والتمويل لقتل الأميركيين في العراق وأفغانستان. وفي عام 2008 قال هاغل أمام معهد بروكنغز بواشنطن إن في مصلحة الولايات المتحدة إقامة قسم لرعاية المصالح في طهران باعتبارها وسيلة لتحقيق مصلحة واشنطن، موضحا أن النظام الإيراني يسعى لكسب الاحترام والاعتراف الدبلوماسي.

وقد سارعت وزارة الخارجية الإيرانية الثلاثاء وأعربت عن أملها في أن يحدث تعيين تشاك هاغل وزيرا للدفاع في الولايات المتحدة «تغييرا عمليا» في سياسة واشنطن الخارجية.

ونقل موقع إذاعة الجمهورية الإسلامية عن رامين مهمان باراست المتحدث باسم الخارجية الإيرانية قوله خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي: «نأمل أن تحدث تغييرات عملية في السياسة الخارجية الأميركية وأن تصبح واشنطن أكثر احتراما لحقوق الأمم». وكان مهمان باراست يرد على سؤال بشأن وجهة نظر هاغل - الذي رشحه الرئيس الأميركي باراك أوباما لتولي منصب وزير الدفاع - بشأن إسرائيل والعقوبات الأميركية على إيران. وهددت إسرائيل بالقيام بعمل عسكري ضد المواقع النووية الإيرانية إذا فشلت الدبلوماسية المصحوبة بالعقوبات في كبح النشاط النووي لطهران. ولم يسهب مهمان باراست في تصريحاته. وتختلف إيران والولايات المتحدة وهما خصمان منذ أكثر من ثلاثة عقود حول قضايا مهمة منها البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية الذي تقول دول غربية إن الهدف منه هو تطوير قدرات لامتلاك أسلحة نووية. وتنفي طهران هذه المزاعم. وتعد الآراء التي أبرزها هاغل في مواقف مختلفة خلال عمله بمجلس الشيوخ لا تتفق مع وجهة نظر أوباما التي أكدها في مناسبات كثيرة أنه لن يسمح لطهران بتطوير أسلحة نووية وأنه سوف يستخدم القوة العسكرية إذا لزم الأمر لمنع ذلك.

بعض المحللين يرى أن ترشيح هاغل قد يرسل رسائل مختلطة إلى طهران واحتمال أن يتم تفسيره أن الضوء الأميركي الأحمر قد تغير إلى الأصفر أو الأخضر فيما يتعلق برغبتهم في تطوير أسلحة نووية وهو أمر خطر إذا أخطأت إيران في حساباتها مما يتطلب الخيار العسكري الذي لا أحد يريده.

ويقول المحلل السياسي فيليب كلاين إن من أكثر الأسئلة أهمية وإلحاحا على الأمن القومي للولايات المتحدة على مدى السنوات الأربع الماضية هو ماذا سنفعل مع إيران وكانت رسالة واحدة متسقة تخرج من مسؤولي إدارة أوباما أننا لا نريد الحرب، ومع اختيار هاغل ليكون وزيرا للدفاع فإن ذلك يشير إلى اتخاذ خطة لينة للتعامل مع إيران لأن هاغل الذي حارب في فيتنام ولديه خبرة قتالية واسعة لا يعتقد أن الحرب يجب أن تكون الجواب الأول ويقول المحللون إن هاغل سيكون لديه الفرصة لتوضيح مواقفه وآرائه وتفسير تصريحاته السابقة بشأن إيران والعقوبات والخيار العسكري وأمن إسرائيل وعليه أن يقنع الجميع أنه لا يوجد مسافة بين وجهات نظره ووجهة نظر الرئيس أوباما بشأن تلك القضايا والتزامه باستخدام القوة العسكرية إذا لم تعمل العقوبات .