أردوغان يطالب هولاند بتفسير للقائه ناشطة في «بي كي كي» اغتيلت لاحقا بباريس

آلاف من الأكراد في أوروبا يتظاهرون احتجاجا على مقتل 3 ناشطات كرديات

تركية كردية تحمل صورة الناشطة سكينة سانكيز خلال مظاهرة احتجاجا على اغتيالها ورفيقتيها.. في مدينة ديار بكر جنوب تركيا أمس (رويترز)
TT

بينما تظاهر آلاف من الأكراد في أوروبا أمس في العاصمة الفرنسية باريس بعد اغتيال 3 ناشطات في حزب العمال الكردستاني التركي المحظور (بي كي كي) تعبيرا عن ألمهم وغضبهم، طالب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى تقديم تفسير للقائه بإحدى الناشطات قبل مقتلها ورفيقتيها في باريس الأسبوع الماضي، كما دعا السلطات الفرنسية إلى أن تكشف «فورا» عن كل ملابسات الحادث.

وألقى مقتل النساء الثلاث في وسط باريس يوم الخميس بظلاله على مبادرة جديدة أطلقتها حكومة أردوغان لبدء عملية سلام تهدف إلى إنهاء تمرد حزب العمال الكردستاني المستمر منذ 28 عاما والذي قتل فيه 40 ألف شخص.

وقال أردوغان في تصريح نقله التلفزيون أمس: «يتعين على فرنسا أن تكشف فورا كل ملابسات هذا الحادث»، مضيفا: «أيضا، يتعين على رئيس الدولة الفرنسية (هولاند) أن يفسر حالا للجمهور الفرنسي والتركي وللعالم لماذا (...) يقيم اتصالات مع هؤلاء الإرهابيين».

وسبق لأنقرة أن طالبت باريس بكشف ملابسات مقتل الناشطات الثلاث اللاتي قتلن برصاصات في الرأس، وهن بحسب المحققين سكينة كانسيز (55 عاما) التي تعتبر قريبة من عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، وفيدان دوغان (32 عاما) التي كانت ناشطة معروفة في خدمة القضية الكردية وممثلة سياسية للأكراد لدى السلطات الفرنسية والأوروبية. أما الناشطة الثالثة فهي ليلى سويليميز (24 عاما) وكانت عضوا في مجموعة شبابية كردية وتعيش بين فرنسا وألمانيا حيث تقطن عائلتها.

وكان هولاند وصف الخميس مقتل الناشطات الثلاث بأنه أمر «فظيع»، مضيفا أنه يعرف إحداهن، وقال على هامش زيارة لجنوب غربي فرنسا: «الأمر فظيع ويمس مباشرة ثلاث نساء إحداهن أعرفها شخصيا ويعرفها الكثير من السياسيين لأنها كانت تأتي بانتظام للقائنا»، وأضاف: «حاليا بدأ التحقيق وأعتقد أنه من الأفضل الانتظار حتى نعرف بشكل جيد الأسباب والفاعلين».

وفي إشارة إلى الرئيس الفرنسي، قال أردوغان أمس: «كيف يمكنه أن يلتقي باستمرار هؤلاء الأشخاص الذين هم أعضاء في حركة وضعت على قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية والتي أصدرت الشرطة الدولية (إنتربول) بشأنها مذكرة بحث (بطاقة حمراء). أي سياسة هذه؟».

ويتهم أردوغان دولا أوروبية خصوصا فرنسا وألمانيا بعرقلة جهود تركيا في مقاتلة المقاتلين الأكراد من خلال السماح لهم بالتنقل بحرية على أراضيها.

وقال أردوغان: «سكينة كانسيز أوقفت في 2007 في ألمانيا. ثم أطلق سراحها على الرغم من طلب تركيا تسليمها»، وأضاف «أبلغنا مكتب الإنتربول الفرنسي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 أثناء وجودها في باريس. للأسف لم تتخذ فرنسا أي تدبير» لتسليمها لتركيا. وجدد أردوغان أمس اعتباره أن الخلافات الداخلية هي التي تقف على الأرجح وراء اغتيال الناشطات. وقال: «طبيعي أن أطرح السؤال. هل هذه المنظمة الإرهابية بريئة حقا؟ ألم ترتكب مثل هذه الأفعال؟». وأفادت الصحف التركية أمس أن الاستخبارات التركية فتحت تحقيقا حول مقتل الناشطات الذي يشبه عملية تصفية.

وكتبت صحيفة «حرييت ديلي نيوز» نقلا عن مصدر في الاستخبارات: أن «الأجهزة المختصة تحقق في القضية. علينا أن ننتظر يومين حتى تتكون لدينا فكرة أوضح».

واعتبر أردوغان أن الجريمة قد تكون ارتكبت بهدف تقويض المفاوضات بين أنقرة وأوجلان، وقال في إشارة إلى القضية الكردية «بمشيئة الله، ستحل هذه المشكلة، اليوم أو غدا، عاجلا أم آجلا»، وأضاف: «نعمل بكل تصميم. كلنا أمل ومتفائلون وننظر للعملية بطريقة إيجابية، ولكننا أيضا محترسون وحذرون».ويشير حزب العمال الكردستاني إلى احتمال تورط تركيا في هذا الهجوم بينما لم يستبعد المحققون الفرنسيون أي فرضية من تصفية الحسابات إلى الخلافات الداخلية أو عملية للمجموعة التركية اليمينية المتطرفة «الذئاب الرمادية».

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس شكوك بعض من أنصار بي كي كي أن إيران ربما تكون قد مولت الهجوم كوسيلة لزعزعة الاستقرار في تركيا، التي تقف ضد الرئيس السوري بشار الأسد، حليف طهران.

ويأتي مقتل النساء الثلاث بينما ذكرت وسائل إعلام تركية أن أنقرة وأوجلان المسجون في جزيرة أيمرالي اتفقا من حيث المبدأ على وقف القتال المستمر منذ 1984 والذي أسفر عن سقوط أكثر من 45 ألف قتيل.

وفي غضون ذلك، تظاهر آلاف من أكراد أوروبا في العاصمة الفرنسية تعبيرا عن ألمهم وغضبهم من الاغتيال. وتدفق الأكراد من نحو 10 مدن أوروبية كبرى - خصوصا من ألمانيا التي يعيش فيها 800 ألف كردي حسب الأرقام الرسمية - بحافلات تم استئجارها، على حد قول درويش شيميم من مركز المعلومات حول كردستان الذي يتخذ من فرانكفورت مقرا له.

كما تظاهر نحو 2300 شخص معظمهم من الأكراد أمس في مدينة هانوفر بغرب ألمانيا احتجاجا على مقتل الناشطات. وقالت الشرطة الألمانية إن المظاهرة التي اتسمت بالسلمية جابت وسط المدينة. كما تظاهر أكراد في مدينتي إسطنبول وديار بكر التركيتين أمس احتجاجا على مقتل الناشطات.