الجزائر تبلغ رئيس وزراء مالي خشيتها من «حرب استنزاف» على حدودها

مخاوف جزائرية من نزوح الآلاف من المدنيين الماليين خارج الحدود

TT

قالت مصادر سياسية جزائرية، إن الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، أبلغ نظيره المالي ديانغو سيسيكا، مخاوف بلاده من «حرب استنزاف» على حدودها الجنوبية. ونقلت المصادر عنه قوله إن التدخل العسكري الأجنبي في مالي «يمنح مبررا للجهاديين للزحف إلى المنطقة بحجة مقاومة الغزاة الأجانب».

وبدأ الوزير الأول المالي، أمس، زيارة للجزائر تدوم يومين، بدعوة من سلال لبحث الاضطرابات التي تعيشها المنطقة، والتي ازدادت خطورة بشن القوات الفرنسية ضربات جوية ضد مواقع الإسلاميين المسلحين، لمنع تقدمهم نحو العاصمة باماكو، انطلاقا من الشمال.

وذكرت نفس المصادر لـ«الشرق الأوسط»، نقلا عن سلال قوله، إن الجزائر «لا تعارض طلب مالي المساعدة من حليفتها (فرنسا)، لمواجهة التهديد الإرهابي، ولكنها تحذر من إفرازات تدخل عسكري أجنبي بالمنطقة»، مشيرا إلى «حق مالي في الدفاع عن نفسها لاستعادة سيادتها على كامل ترابها، غير أن شن حرب في الظروف التي تمر بها المنطقة لا أحد بإمكانه أن يتنبأ بما ستنتهي إليه».

ويفهم من كلام سلال، حسب المصادر، أن العملية العسكرية الجارية غير محسومة سلفا لصالح فرنسا ضد الجماعات الإسلامية المسلحة، التي يتحدر الكثير من عناصرها من بلدان الساحل وحتى من أوروبا. وأكثر ما تخشاه الجزائر أن تتحمل عبء أزمة إنسانية بنزوح الآلاف من المدنيين الماليين إلى مدنها الجنوبية القريبة من الحدود مع مالي، ومن تسرب أسلحة، وتسلل إرهابيين إلى ترابها.

ونقلت المصادر ذاتها عن سيسيكا قوله، إن «الإرهابيين فرضوا علينا خوض هذه الحرب، ولم يكن أمامنا خيار غير طلب العون من فرنسا».

وجاء في بيان لرئاسة الحكومة الجزائرية، أن «وفدا مهما» تنقل مع رئيس الوزراء المالي يضم وزراء الدفاع والإدارة الإقليمية (الداخلية) والتجهيز والنقل، إلى جانب مسؤولين ساميين مدنيين وعسكريين.

وأفاد البيان بأن الزيارة «تندرج في إطار المشاورات السياسية المنتظمة بين البلدين، وستسمح باستعراض مستوى التعاون الثنائي، وكذا آفاق تعزيزه وتوسيعه. كما ستكون هذه الزيارة فرصة للطرفين لتبادل وجهات النظر حول الوضع في شمال مالي والجهود الجارية لتسوية الأزمة المتعددة الأبعاد التي يواجهها هذا البلد».

وجمعت السلطات الجزائرية مساء الخميس، بمدينة أدرار الواقعة في أقصى الجنوب، زعماء قبائل طرقية من مالي، وشيوخ دين بهدف إطلاق مبادرة تتضمن البحث عن حل سلمي في مالي، يقوم على التفاوض بين الحكومة والجماعات الإسلامية في الشمال، التي تتعهد بنبذ الإرهاب. لكن التطورات السريعة على الأرض أنزلت لقاء أدرار إلى درجة دنيا من اهتمام الأوساط السياسية والإعلامية بالجزائر وبالمنطقة.

وذكر بيان رئاسة الحكومة الجزائرية، أن سلال وسيسيكا «سيبحثان سبل وإمكانيات تعزيز التعاون بين بلدان الميدان (أربعة بلدان في الساحل تجري تنسيقا أمنيا منذ 2010 لمحاربة الإرهاب)، والشركاء غير الإقليميين للقضاء على الإرهاب والجريمة المنظمة، اللذين يشكلان تهديدا للاستقرار والأمن في منطقة الساحل».

يشار إلى أن «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» العلمانية الانفصالية، وقعت مع حركة أنصار الدين المتشددة «تصريحا مشتركا» بالجزائر الشهر الماضي، تعهدتا فيه بـ«الامتناع عن كل عمل من شأنه التسبب في إثارة مواجهة بيننا وكل شكل من أشكال العدوان في المناطق التي تسيطران عليها، وبتأمين المناطق الواقعة تحت مراقبتهما والعمل بما يسمح بإطلاق سراح كل شخص محتجز لدى الإرهابيين في المنطقة»، زيادة على توحيد مواقفهما وأعمالهما في إطار كل مسعى يرمي إلى البحث عن وضعية سلمية ودائمة مع السلطات المالية الانتقالية. وتملصت «أنصار الدين» من هذه الوثيقة بعد الزحف على منطقة موبتي، وهي أقرب مدينة إلى باماكو، مساء الأربعاء الماضي.