وكالة الطاقة الذرية تستأنف المحادثات مع إيران حول البرنامج النووي

طهران مستعدة لاعتبار فتوى لخامنئي تصف السلاح النووي بأنه «حرام» «وثيقة دولية» واعتمادها

TT

تشهد العاصمة الإيرانية طهران اليوم الأربعاء جولة جديدة من المحادثات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران. وتستهدف المحادثات التوصل إلى اتفاق يمكن الوكالة من تفتيش بعض المواقع الإيرانية التي يشتبه في أن إيران تجري فيها عمليات لإنتاج قنبلة نووية.

وقال هيركان ناكيرتس نائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية للصحافيين أمس: «نحن نهدف إلى وضع اللمسات النهائية لنهج عمل يقوم على أسس فيما يتعلق بالبعد العسكري المحتمل للملف النووي الإيراني، وتحديد المسموح وغير المسموح في عمل الوكالة»، مشيرا إلى أنه يتمنى أن تسمح طهران لمفتشي الوكالة بزيارة موقع بارشين العسكري. وأضاف نائب مدير الوكالة: «إننا نقترب من هذه المحادثات بروح بناءة، ونحن على ثقة أن إيران سوف تعمل معنا بنفس الروح». وفي الجانب الآخر، تطالب طهران بالتوصل إلى إطار مع الوكالة بشأن الكيفية التي تسير عليها تحقيقات الوكالة قبل السماح بزيارة موقع بارشين.

وتعد موافقة طهران على السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة موقع بارشين قضية خلافية ساخنة في المحادثات، حيث رفضت طهران مرارا طلبات الوكالة للسماح للمفتشين بزيارة هذا الموقع، وهو موقع عسكري جنوب شرقي طهران، وتشتبه الوكالة الدولية في أن إيران تدير فيه الاختبارات اللازمة لعمليات التفجير النووية العسكرية.

وتستند الوكالة في شكوكها إلى تقارير استخباراتية أميركية وأوروبية وإسرائيلية.

في الوقت نفسه يقول دبلوماسيون غربيون إن إيران عملت على مدى العام الماضي لتطهير موقع بارشين من أي آثار لأنشطة نووية غير مشروعة، فيما يؤكد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أن السماح لمفتشي الوكالة بزيارة الموقع سيظل أمرا مفيدا.

وتأتي جولة المحادثات الجديدة بعد ما يقرب من عام من توقف المفاوضات والمحادثات بين الوكالة والجمهورية الإسلامية. وتتهم واشنطن وحلفاؤها الغربيون إيران باستخدام برنامجها النووي المدني كستار لتطوير أسلحة نووية، فيما تنفي إيران تلك الاتهامات وتقول إن برنامجها مخصص للأغراض السلمية، وتوليد الكهرباء، وإنتاج نظائر مشعة، واستخدام الطاقة النووية في علاج مرض السرطان.

وترسل إيران برسائل تشير إلى استعداداتها للحوار والتجاوب مع مطالب الوكالة، وتصر على نفي وجود أي نشاط يتعلق بتصنيع أسلحة نووية. وفي محاولة لإثبات حسن نيتها، أكدت إيران أمس استعدادها لتسجيل تصريحات قدمت على أنها «فتوى» للمرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي، تصف السلاح النووي بأنه «حرام»، على أنها «وثيقة دولية».

وفيما يعتبر الغربيون أن هذه التصريحات لا تلزم الحكومة رسميا، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست أن «لهذه الفتوى أهمية كبرى، تظهر التزام المؤمنين والمسلمين بمنع استخدام أسلحة الدمار الشامل». حيث استبقت وزارة الخارجية الإيرانية انعقاد جولة المحادثات بالإعلان أمس عن فتوى صادرة من الزعيم الروحي الإيراني آية الله خامنئي يقول فيها إن حظر الأسلحة النووية هو ملزم للحكومة الإيرانية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست: «على الغرب أن يفهم أهمية فتوى آية الله خامنئي لأنه لا يوجد شيء أعلى من فتوى المرشد الأعلى لتحديد إطار أنشطتنا في المجال النووي». وأضاف: «عندما تصدر فتوى من أعلى فقيه وأعلى سلطة دينية في إيران، فإنها تكون ملزمة لنا جميعا». وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن إيران مستعدة لتوضيح أي سؤال للوكالة، وقال: «إذا كان هناك أي غموض أو استفسارات فنحن على استعداد لإزالة تلك الالتباسات ووضع إطار نهج منظم». وانتقد ما سماه «الادعاءات المزعومة لسعي إيران لامتلاك أسلحة نووية التي يطلقها أعداء إيران».

ووصف مهمان باراست المفاوضات السابقة بين طهران والوكالة بأنها كانت إيجابية وبناءة، وأكد أن الجولة الجديدة ستناقش المواضيع القانونية والتقنية للتوصل إلى اتفاق بحقوق إيران النووية وتهدئة المخاوف الدولية. كان خامنئي الذي يملك القول الفصل في جميع شؤون الدولة بإيران، قد أوضح العام الماضي أن طهران لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، ووصف السعي لامتلاك تلك الأسلحة بأنها «خطيئة» و«أمر غير مجدي وضار وخطير».

وبحسب النتائج التي ستخرج بها هذه الجولة من المحادثات بين الوكالة وإيران سيتحدد مسار المحادثات التي ستعقدها إيران مع مجموعة «5+1» في نهاية الشهر الجاري التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا وبريطانيا؛ للوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة النووية الإيرانية. وترغب الدول الست في التوصل إلى اتفاق لتقليص برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني.

وتقول واشنطن إن إيران لا تملك الحق في تخصيب اليورانيوم بشكل تلقائي بموجب القانون الدولي؛ لأنه طهران قامت في الماضي بإخفاء أنشطة نووية حساسة، بما ينقض اتفاقاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويستخدم اليورانيوم المخصب كوقود لمحطات الطاقة النووية السلمية، لكنه أيضا يوفر المواد اللازمة لصنع قنبلة نووية إذا تمت تنقيته بتكنولوجيات محددة، ويشتبه الغرب في أن إيران تهدف إلى تحقيق طموحها بتصنيع قنبلة نووية بنهاية المطاف.

من جانب آخر قال تقرير لمجموعة من الخبراء بمجال الأسلحة النووية إن إيران يمكن أن ينتج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لإنتاج واحدة أو أكثر من القنابل النووية بمنتصف عام 2014، وطالب التقرير الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات عسكرية لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي.

ورصد التقرير الواقع في 154 صفحة تحت عنوان «استراتيجية الولايات المتحدة لمنع انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط»، المحاولات التي تقوم بها إيران لتصل إلى «القدرة الحرجة»، وهي النقطة التي ستكون عندنا قادرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في الأسلحة النووية. ويوصي التقرير الولايات المتحدة وحلفاءها بتشديد العقوبات والضغط لوقف البرنامج النووي الإيراني قبل تمكن طهران من الوصول إلى تلك النقطة.

ويقول التقرير إن على الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يعلن صراحة أنه سوف يستخدم القوة العسكرية لتدمير برنامج إيران النووي إذا أقدمت إيران على اتخاذ خطوات حاسمة لإنتاج القنبلة النووية. وقال ديفيد أولبرايت أحد الخبراء المشاركين في التقرير «إنه بحلول منتصف عام 2014 سيكون لدى إيران ما يكفي من الوقت لتخصيب اليورانيوم بشكل سري وزيادة أجهزة الطرد المركزي المطلوبة في البرنامج النووي».