البنتاغون يقدم مساعدات لوجيستية واستخباراتية لفرنسا

وزير الدفاع الأميركي يتعهد بملاحقة الإرهابيين في كل مكان في شمال أفريقيا

TT

وجه وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، أمس (الجمعة)، في لندن تحذيرا إلى الإسلاميين الذين هاجموا منشأة عين أمناس للغاز في الجزائر في الصحراء الجزائرية، مؤكدا أن «الإرهابيين لن يجدوا مكانا آمنا».

وقال بانيتا الذي يزور لندن في إطار جولة أوروبية: «أيا كانت دوافع خاطفي الرهائن، لا مبرر لخطف أبرياء وقتلهم».

وأضاف: «على الإرهابيين أن يعرفوا أنهم لن يجدوا أي مكان آمن، أي ملجأ. لا في الجزائر ولا في شمال أفريقيا ولا في أي مكان آخر».

وأكد بانيتا أن الولايات المتحدة تعمل مع الحكومتين البريطانية والجزائرية لتقييم ما يحدث على أرض الواقع وضمان إطلاق سراح الرهائن وعودتهم سالمين. وتشير معلومات إلى أن القوات الجوية الأميركية تدرس القيام بعملية إخلاء جوية لإنقاذ الرهائن الأميركيين (الذي يقدر عددهم بنحو 10 أميركيين أو أكثر) وغيرهم من الرهائن ونقلهم إلى قاعدة أميركية في أوروبا.

وناشد بانيتا حلف شمال الأطلسي ليواصل الضغط دون هوادة على تنظيم القاعدة، وأن يكون حلف شمال الأطلسي أكثر ابتكارا ومرونة للاستجابة لمجموعة واسعة من التهديدات الأمنية في المستقبل.

وكانت الولايات المتحدة قد وافقت على تقديم معدات وقوات جوية لمساعدة فرنسا في مالي للسيطرة على المتطرفين الإسلاميين في الشمال.

وأشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي تومي فيتور إلى أن الرئيس أوباما يتابع مع فريق الأمن القومي الوضع في الجزائر عن كثب، وأن الأولوية الأولى هي سلامة وأمن الرهائن.

لكن لم تتخذ الإدارة الأميركية قرارا حتى الآن بشأن توفير طائرات استطلاع من دون طيار، أو طائرات تزود بالوقود الجوي لفرنسا، أو إرسال قوات أميركية وتواجه الولايات المتحدة مأزقا قانونيا حيث لا يسمح القانون الأميركي بتقديم مساعدات عسكرية لحكومة غير شرعية، وقد شهدت مالي انقلابا، العام الماضي، أدى إلى قيام إسلاميين متشددين بفرض سيطرتهم على الشمال وتقييد الحريات والقيام بأعمال قتل واعتقال وتعذيب. وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأميركية «لسنا في وضع يسمح لنا بتدريب الجيش في مالي حتى نحصل على قادة منتخبين بشكل ديمقراطي، لكن ليس هناك ما يمنع من مساعدة الحلفاء والشركاء في محاولة استعادة الأمن في هذا البلد». وأكد مسؤول بالبيت الأبيض أنه يوجد بالفعل تعاون بين الحكومة الأميركية والفرنسية يتعلق بتبادل المعلومات الاستخباراتية، بينما أشار مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية إلى أن الإدارة الأميركية لم تحسم قرارها بشأن الطلب الفرنسي حول خدمات إعادة التزود بالوقود. وقال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي إن فرنسا لم تطلب مساعدة الولايات المتحدة في عمليات قتالية، وإنما الحصول على الدعم والتمكين والمساعدات اللوجيستية. وقال ديمبسي: «سوف نقدم ما في وسعنا».

وأضاف ديمبسي في تصريحات للصحافيين مساء الخميس: «ما تقوم به فرنسا في مالي مهم للغاية، لأن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يمثل تهديدا، ليس فقط لمالي، وإنما للمنطقة. وإذا ترك الأمر دون معالجة يمكن أن يصبح تهديدا عالميا».

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية خلال لقائها مع الرئيس الصومالي مساء الخميس: «إن عدم الاستقرار في مالي قد خلق فرصة واسعة لتنظيم القاعدة للانطلاق واتخاذ ملاذات آمنة للإرهابيين» وقال مسؤول أميركي إن سلاح الجو قد يبدأ في غضون 24 ساعة في إرسال طائرات، ومن المرجح أن تكون «سي 17» وطائرات «سي 5» التي تعد من طائرات الشحن الكبيرة وتستخدم في نقل الجنود والمعدات. وتشير المعلومات إلى أن العقل المدبر للهجوم لاحتجاز رهائن هو مختار بلمختار قائد مجموعة متطرفة مقرها مالي، طالب بتبادل الرهائن الأميركيين مقابل الإفراج عن عمر عبد الرحمن الشيخ الضرير، الذي أدين في تفجير مبنى التجارة العالمي عام 1993، وعافية صديقي، وهو عالم باكستاني أدين بإطلاق النار على جنود أميركيين في أفغانستان.

وقال غريغوري مان أستاذ التاريخ بجامعة كولومبيا إن «التنظيمات الجهادية الإسلامية التابعة لتنظيم القاعدة تعمل منذ سنوات في مساحة واسعة في الشمال الغربي الأفريقي، ولديها سيطرة واسعة على مساحات واسعة، لذا فإن فرنسا لا تستطيع سياسيا أو اقتصاديا الاستمرار في حملة عسكرية طويلة المدى في مالي، لأن ذلك يعرضها لمخاطر سياسية خطيرة، وعليها أن تبدأ التفكير في مساعدة مالي بصورة أخرى».

ويضيف مان: «إنهم يريدون أن تشارك الولايات المتحدة في هذه الحملة، وبعض تلك الدعوات تأتي من الإسلاميين أنفسهم هناك». وأشار إلى أن التدخل العسكري لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور، وقد يأتي بنتائج عكسية وتصبح مالي هي أفغانستان الثانية، مؤكدا الحاجة إلى الجهود الدبلوماسية.

وأوضح أن التدخل الأجنبي من المرجح أن يثير هجمات انتقامية، مثلما حدث في احتجاز عشرات الرهائن الأجانب في الجزائر. ومع تزايد سيطرة المقاتلين الإسلاميين في شمال مالي، وهم منظمون جيدا، ومدججون بالسلاح، فإنهم قد يستخدمون مالي كقاعدة لشن هجمات ضد فرنسا وأوروبا.

وأشار أستاذ التاريخ إلى أنه لم تعلن أي جماعة في مالي نيتها لتنفيذ هجمات في الولايات المتحدة، لكن هناك صلة بين تلك الجماعات في مالي وتنظيم القاعدة، ويعتقد أن أعضاء من تلك الجماعات في مالي كانوا ضالعين في قتل السفير الأميركي كريس ستيفنز في بني غازي.