وزير خارجية فرنسا يرى أن سقوط نظام الأسد «ما زال بعيدا»

باريس تدعو لعدم تضخيم قوة الجهاديين في سوريا وأهميتهم

TT

بعد أن كانت فرنسا من بين أوائل الدول التي تعتقد أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد ذاهب إلى الانهيار سريعا، بسبب الضغط الشعبي من جهة وضربات المعارضة والانشقاقات في الجيش والأجهزة الأمنية من جهة أخرى، يبدو أنها اليوم غيرت حساباتها وأصبحت أكثر ميلا للتشاؤم.

وفيما تستمر باريس في التحضير لمؤتمر دعم الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة الذي تستضيفه خارجيتها يوم الاثنين القادم بحضور ممثلي نحو خمسين دولة ومنظمة دولية، لم يتردد وزير الخارجية في التعبير بصراحة كاملة عن حالة التشاؤم التي أخذت تغزو البلد الذي كان أول من اعتبر أن الأسد فقد الشرعية وأنه يتعين عليه أن يرحل.

وفي كلمة للصحافة بمناسبة العام الجديد، قال لوران فابيوس في حديثه عن سوريا إن «آخر المعلومات تبين أن الأمور لا تتحرك وأنه لا تتوافر مؤشرات حديثة إيجابية تبين أن الحل الذي نأمله أي سقوط نظام بشار الأسد ووصول تحالف المعارضة السورية إلى السلطة أصبح وشيكا». وما يزيد من تشاؤم فابيوس عنصران: الأول، أن الملف السوري «تراجع إلى الصف الثاني بسبب التطورات وقيام أزمات جديدة فيما يسقط كل يوم ضحايا وترتفع أعداد اللاجئين وتستمر الفظاعات». والثاني، أن الاتصالات الدولية «لا تتقدم هي الأخرى» في إشارة إلى الطريق المسدود الذي وصلت إليه مهمة المبعوث العربي - الدولي الأخضر الإبراهيمي واستمرار الانقسامات بين الدول الكبرى تجاه طريقة التعاطي مع الأزمة السورية. رغم ذلك، فابيوس أكد أن بلاده «مستمرة في العمل هي وآخرون، للوصول إلى حل يقوم على استبدال الأسد وقيام سوريا موحدة تحترم كافة مكوناتها». غير أنه أضاف: «لكننا ما زلنا بعيدين عن هذا الهدف». وأوضح الوزير الفرنسي أن الغرض من اجتماع الاثنين الذي ستحضره غالبية قيادة الائتلاف هو «السعي لأن تنفذ الوعود التي أغدقت على الائتلاف» والتي بقيت حتى الآن حبرا على ورق، خصوصا في اجتماعي الدوحة ومراكش أوساط نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول).

غير أن مصادر دبلوماسية سعت أمس إلى تصحيح الصورة المتشائمة إذ اعتبرت أنه إذا كانت الأمور «صعبة ميدانيا»، وإذا كان النظام حقق عددا من المكاسب، إلا أن هيمنته «تتراجع» وتحكمه بمناطق سوريا «آخذ بالتقلص» حيث إنه اليوم لم يعد يبسط سيطرته إلا على ثلث سوريا. وبحسب هذه المصادر، فإن من الصحيح القول إن وضع المعارضة «صعب» لكنه ليس ضد الوضع (صعب لكنه ليس غير موات) للأهداف التي تسعى إليها وعلى رأسها الإطاحة بالرئيس السوري.

وتعترف المصادر الفرنسية أن دخول الجهاديين أمثال جبهة النصرة وغيرها قد «عقد الوضع»، غير أنه دعا إلى «عدم المبالغة» في تقدير أعدادها وتأثيرها. فمن جهة لا يزيد عددها وفق باريس على 2000 عنصر ومن جهة أخرى «هي أعجز من أن تسيطر على سوريا أو أن تحولها إلى أرض جهادية على الطريقة الأفغانية»، فضلا عن أن «المزاج العام السوري لا يتوافق مع الروح الجهادية». ونبهت هذه المصادر إلى خطورة الوضع الإنساني ونتائجه على بلدان الجوار وعلى رأسها لبنان حيث هناك 221 ألفا من اللاجئين المسجلين فضلا عن غير المسجلين مؤكدة أن «أولوية فرنسا هي مساعدة لبنان على تحمل هذا العبء لأن من شأنه تهديد استقرار لبنان خصصوا اقتصاديا. ونفت المصادر الفرنسية أن تكون مهمشة في موضوع الاجتماعات الأميركية - الروسية بحضور الأخضر الإبراهيمي وهي تعتبر أنه إذا استطاع الطرفان إقناع روسيا بتغيير موقفها وبعبثية رهانها على الأسد، فإن ذلك شيء جيد».

أما في موضوع تسليح المعارضة وتحديدا توفير السلاح المتطور لها لوقف هيمنة النظام على الأجواء، فقد اعتبرت المصادر الفرنسية أن المسألة «معقدة» وما يزيد من تعقيدها وجود المجموعات الجهادية والمخاوف من وصول السلاح إليها الأمر الذي يدعو إلى «الحذر». غير أنها رأت بالمقابل أن تشكيل حكومة انتقالية وإعادة تشكيل بنى المعارضة من شأنه أن يسهل على الدول الراغبة تلبية حاجة المعارضة من السلاح المتطور فضلا عن أن تطورا كهذا «سيزيد من شرعية الحكومة في الداخل». وبأي حال، لا تتمنى باريس أن تقوم حكومة في الخارج بل أن تكون موجودة ميدانيا، ومن أهداف مؤتمر باريس يوم الاثنين هو مساعدتها ماديا وسياسيا وقانونيا حتى تتمكن من التواجد والتأثير وزيادة مصداقيتها وشرعيتها.