مالي: «أزواد الإسلامية» تنشق عن «أنصار الدين» وتدعو لـ«حل سلمي»

بقيادة كبير المفاوضين المقرب من إياد أغ غالي

جنود فرنسيون يفحصون مدرعة تابعة للجيش المالي في ثكنة عسكرية شمال العاصمة باماكو كان المسلحين الاسلاميين قد احتلوها (أ.ف.ب)
TT

أعلنت مجموعة جديدة تضم شخصيات مدنية ومقاتلين انشقاقها عن جماعة أنصار الدين الإسلامية التي تسيطر على مناطق واسعة من شمال مالي، حيث أعلنت المجموعة الجديدة رغبتها في «حل سلمي» لتجاوز الأزمة في مالي.

وشكلت المجموعة المنشقة تنظيما جديدا يحمل اسم «حركة أزواد الإسلامية»، يتمركز في منطقتي كيدال ومانيكا القريبتين من الحدود مع الجزائر، حيث أشار المنشقون إلى أن حركتهم تأسست بعد «عدة أيام من النقاشات والمشاورات» بين كوادر ووجهاء ومقاتلين «من الجناح المعتدل» من «أنصار الدين».

ويشغل منصب الأمين العام في الحركة الجديدة العباس أغ انتالا، الذي كان يعتبر الرجل القوي في «أنصار الدين»، والذراع اليمنى لزعيمها إياد أغ غالي، حيث سبق أن انتدبه للتفاوض مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد باسم «أنصار الدين» منتصف العام الماضي، في إطار مساعي توحيد جهود «الطوارق».

واستطاع أغ انتالا آنذاك أن يوقع اتفاقا مع الحركة الوطنية يقضي بتأسيس «دولة أزواد الإسلامية»، التي تطبق الشريعة، مع حصول الحركة الوطنية على بعض المطالب الأخرى التي اعتبرها بعضهم غير كافية مما عجل بفشل الاتفاق، وعودة الخلاف بين الحركتين لينتهي بتحييد الحركة الوطنية عن المشهد العسكري في أزواد.

وعاد أغ انتالا إلى الواجهة مرة أخرى عندما احتاج إليه إياد أغ غالي نهاية العام الماضي، ليمثله على رأس وفد من «أنصار الدين» في مفاوضات ترعاها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من خلال وساطة رئيس بوركينافاسو، بلييز كومباوري، بين «أنصار الدين» والحركة الوطنية لتحرير أزواد من جهة، والحكومة المالية من جهة أخرى.

وفي تلك الأثناء عرض أغ انتالا باسم «أنصار الدين» الهدنة على الطرف المالي، قبل أن يحمل طلب «أنصار الدين» في الحصول على حكم ذاتي في أزواد مع تمكينهم من تطبيق الشريعة في الإقليم، وهي المطالب التي تتهم الحركة الطرف المالي بعدم التجاوب معها.

وفي انتظار جولة أخرى من المفاوضات في وغادوغو يوم العاشر من يناير (كانون الثاني) الحالي، اندلعت المواجهات بين المقاتلين الإسلاميين والجيش المالي، لتتدخل القوات الفرنسية من أجل دعم الجيش المالي، بينما ظلت أصوات أفريقية تدعو إلى مواصلة المفاوضات بين أطراف الأزمة.

ويأتي انشقاق أغ انتالا، كبير مفاوضي «أنصار الدين»، في وقت تتعرض فيه الجماعات الإسلامية المسلحة لضربات جوية قوية تنفذها الطائرات الحربية الفرنسية، بينما بدأت أصوات دولية تتحدث عن مجازر ارتكبها الجنود الماليون في حق مدنيين من العرب والطوارق.

وأعلنت حركة أزواد الإسلامية الجديدة في بيان وزعته أمس أنها عازمة على «المضي نحو حل سلمي»، قبل أن تضيف: «حركة أزواد الإسلامية تؤكد رسميا أنها تبتعد كليا عن أي مجموعة إسلامية، وتدين وترفض أي شكل من أشكال التطرف والإرهاب وتتعهد بمكافحتها».

وفي نفس السياق وجهت الحركة الجديدة «نداء إلى السلطات المالية وفرنسا لوقف الأعمال الحربية في منطقتي كيدال وميناكا (شمال شرقي مالي)، من أجل خلق جو سلام سيتيح لنا المضي نحو إجراء حوار سياسي شامل».

وقال أغ انتالا أمس في اتصال هاتفي مع «رويترز»، إنه شكل جماعة جديدة أطلق عليها اسم حركة أزواد الإسلامية وإنه مستعد للسعي إلى حل للصراع في مالي عبر التفاوض.

وأضاف أغ انتالا: «لا بد أن يكون هناك وقف لإطلاق النار حتى تجرى محادثات»، مضيفا أن «الهدف هو الحديث عن الوضع في الشمال»، مشيرا إلى أن الحركة الجديدة على اتصال بوسطاء في بوركينافاسو والسلطات الجزائرية.

وعن مطالب الحركة الجديدة، قال أغ انتالا: «مطالب المقاتلين ستكون إقامة حكم ذاتي أوسع نطاقا وليس استقلال الشمال»، ولم يذكر أغ انتالا رقما لعدد أنصاره، وقال إنه ما زال يجري إعداد قائمة، مشيرا إلى أن أغلب أبناء مالي في صفوف «أنصار الدين» انضموا إلى الجماعة الجديدة، إضافة إلى بعض المنضمين من الحركة الوطنية لتحرير أزواد.

ويعتبر تشكيل الحركة الجديدة وانشقاقها عن «أنصار الدين» هو أول عملية من نوعها تحدث في صفوف الجماعات الإسلامية المسلحة منذ اندلاع العملية العسكرية التي تخوضها فرنسا في مالي قبل أسبوعين.