الجزائر تبدأ تنفيذ خطة أمنية جديدة لحماية منشآت النفط والغاز

مصدر أمني: توجه لسحب رخص الحراسة من الشركات الخاصة وتكليف الجيش بالمهمة

TT

قال وزير الطاقة الجزائري يوسف يوسفي إن السلطات بدأت تنفيذ خطة أمنية جديدة لتعزيز مراقبة المنشآت النفطية والغازية في كامل البلاد، خاصة في الصحراء حيث استهدف إرهابيون منشأة غازية في 16 يناير (كانون الثاني) الحالي، في حادث خلف عدة قتلى وجرحى. وتعرض خط أنابيب غاز بالشرق لعمل إرهابي، قبل يومين، خلف مقتل شخصين وسبعة جرحى.

وأوضح يوسفي أمس لصحافيين بمقر «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، أن إجراءات أمنية خاصة اتخذت في محيط منشآت المحروقات «بعد التوجه الجديد للمجموعات الإرهابية»، في إشارة إلى العمليتين الإرهابيتين اللتين وقعتا في ظرف أقل من أسبوعين، وكان لإحداهما صدى عالمي. وأضاف أن الهدف من ذلك «هو منع الإرهابيين من الوصول إليها».

ووصف يوسفي استهداف خط أنابيب الغاز بمنطقة البويرة (90 كلم شرق العاصمة)، ليل الأحد الماضي بـ«العمل الإجرامي الجبان.. يفرض علينا إعداد تدابير إضافية، وأن نكون يقظين أكثر من أي وقت مضى».

وسئل يوسفي عن تأثير الهجوم على المنشأة الغازية في عين أميناس (1300 كلم جنوب)، على المناخ الاقتصادي في البلاد، فقال إن السلطات «تعمل حاليا، مع شركائها النشطين بمركب إنتاج الغاز، على تقييم حجم الخسائر التي تعرض لها». ورجح استئناف الإنتاج به «في وقت قريب وبشكل طبيعي»، دون أن يحدد آجالا لذلك.

وبخصوص الموضوع نفسه، أعلن عبد الحميد زرقين، رئيس مجموعة «سوناطراك» للمحروقات المملوكة للدولة، للإذاعة الحكومية صباح أمس، أن مسؤولي المجموعة بصدد دراسة إجراءات أمنية جديدة لحماية منشآتها البترولية والغازية، بعد الاعتداء الإرهابي الذي وقع في عين أميناس، وأضاف: «التقييم الجاري حاليا داخل الشركة يتعلق بالجوانب الأمنية في مواقع (سوناطراك) وشركائها الأجانب، وأكيد أنه يتم بالتعاون مع مصالح الأمن، كما ستتم إعادة النظر في كل المنظومة الأمنية لهذا النشاط الحيوي».

وطلب من زرقين تفسير لـ«الثغرات الأمنية» التي كانت سببا في تعرض منشآت الغاز لتهديد الإرهاب، فقال: «(سوناطراك) ليست إلا منفذا لقوانين الدولة الجزائرية التي صدرت في عقد التسعينات من القرن الماضي، بخصوص التدابير الأمنية»، في إشارة إلى أن المجموعة التي تضمن مداخيل للدولة بقيمة تفوق 70 مليار سنويا، لا تتكفل بتأمين منشآتها بنفسها، وإنما مؤسسات أمنية خاصة تحرس المواقع البترولية والغازية، التي تعرضت لانتقادات شديدة بعد حادثة عين أميناس». وأشار زرقين أيضا إلى تكليف «جماعات الدفاع الذاتي» بتأمين منشآت المحروقات، خلال الفترة نفسها. وتتكون المجموعات من آلاف المدنيين سلحتهم السلطات لصد اعتداء الإرهابيين على خطوط أنابيب الغاز، التي تنطلق من الصحراء وتمر بمناطق الوسط والشمال حيث توجد معاقل الإرهاب. وتبين أن «الدفاع الذاتي» لا يستطيع مواجهة الإرهابيين خاصة بعد حصولهم على أسلحة متطورة تسربت من ليبيا عام 2011.

ولم يوضح زرقين إذا ما كانت السلطات ستعيد النظر في القانون المتعلق بشركات الحراسة الخاصة، وذكر بهذا الخصوص: «إذا تمت مراجعته، فإن الحكومة ستسهر على تنفيذ الإجراءات الجديدة بكل صرامة»، مشيرا إلى أن «التحكم في الإجراءات الأمنية الجديدة يتطلب إرادة وتقنيات من نوع خاص».

وأفاد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن السلطات «تفكر جديا في سحب رخص تأمين منشآت النفط والغاز، من شركات الحراسة الخاصة»، التي أنشأها مسؤولون كبار في أجهزة الأمن بعد أن تقاعدوا. وغالبية هؤلاء مارسوا مسؤوليات كبيرة في الجيش والدرك، وخرجوا من المؤسسة الأمنية برتبة جنرال، وقال المصدر ذاته إن الكثير منهم «استعمل نفوذه وشبكة علاقاته في الدولة، للحصول على الرخص، لأن هذا النشاط يدر عليهم أموالا طائلة»، وأضاف المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه: «يوجد توجه جديد في الدولة بعد حادثة عين أميناس، يتمثل في تكليف الجيش بتأمين المنشآت الكبيرة خاصة التي تقع في الصحراء الكبرى، ولكن أيضا في الشمال حيث ما زالت بعض جيوب الإرهاب قادرة على إلحاق الضرر بأنابيب الغاز».

إلى ذلك، أعلن مشايخ وعلماء دين وأئمة من الجزائر والنيجر ومالي وموريتانيا وبوركينافاسو، بالجزائر أمس، تأسيس «رابطة العلماء المسلمين بالساحل». وأدان خمسة علماء دين، كل واحد يمثل بلدا من البلدان الخمسة، «تنامي الغلو والتطرف في هذه المنطقة الأفريقية باسم الدين الإسلامي، مما دفع بالشباب إلى التفكير في الجهاد وتكفير الناس بناء على مرجعيات جاهلة». وحضر الاجتماع من جانب الجزائر علماء معروفون مثل الشيخ الطاهر علجات، والشيخ أبو عبد السلام، مفتي الجمهورية غير الرسمي.

وانتقد العلماء «لجوء جماعات إلى الأخذ بالفتوى من أشخاص من غير أهل الاختصاص، والمصيبة أن فتاوى الجهلة تتعلق بالمواقف في الدماء والقتل وهو ما يعكس جهلا بالكتاب والسنة وأحكام التكفير والجهاد».

وأعلنت رئاسة الوزراء البريطانية، أمس، أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون سيزور الجزائر اليوم، بعد عشرة أيام على هجوم عين أميناس الذي أوقع 37 قتيلا بين الرهائن الأجانب، وبينهم عدد من البريطانيين. وأضافت أن كاميرون سيلتقي نظيره الجزائري عبد المالك سلال والرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وستشمل المباحثات تهديدات المتطرفين في شمال أفريقيا، والتدخل الفرنسي في مالي المجاورة.

ويزور كاميرون الجزائر في مستهل جولة تستغرق ثلاثة أيام، ويشارك خلالها في رئاسة مؤتمر حول التنمية الدولية في مونروفيا، عاصمة ليبيريا.

واحتج كاميرون وغيره من قادة العالم بسبب عدم إبلاغهم مسبقا بخطة تدخل الجيش الجزائري في المنشأة الواقعة شرق الجزائر بالقرب من الحدود مع ليبيا. وتأكد مقتل ثلاثة بريطانيين في عملية احتجاز الرهائن في المنشأة التي تشارك مجموعة «بريتش بتروليوم» في تشغيلها، ويعتقد أن ثلاثة آخرين قتلوا كذلك.

وطالب الخاطفون بالإفراج عن معتقلين إسلاميين وإنهاء الحملة الفرنسية لإخراج الإسلاميين المتطرفين من شمال مالي.