تأخير تشكيل الكتل النيابية يؤجل افتتاح البرلمان الأردني لأواخر فبراير

رئيس الحكومة يضع استقالته بين يدي العاهل الأردني

محتجون أمام لجنة الانتخاب في عمان أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

قدم رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبد الله النسور استقالة حكومته إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس. وأوضح بيان للديوان الملكي الأردني أن الملك عبد الله الثاني كلف الحكومة بالاستمرار في القيام بمسؤولياتها الدستورية إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة بعد اجتماع مجلس الأمة في دورته غير العادية المقبلة وانتهاء المشاورات النيابية لتشكيل الحكومة الجديدة.

في غضون ذلك هنأ الملك عبد الله الثاني شعبه بنجاح الانتخابات النيابية التي شكلت نقلة نوعية ومعلما مضيئا في تاريخ الأردن السياسي ومسيرته الديمقراطية. وقال الملك عبد الله الثاني في رسالة وجهها أمس إلى الأردنيين: «لقد سطرتم في ذاكرة الوطن صفحة مشرقة من خلال مشاركتكم في هذه الانتخابات بثقة وحماس، للتأسيس لحقبة جديدة، عنوانها المضي قدما بمسيرة التغيير والإصلاح المنشود، وتجذير التعددية السياسية والمشاركة الشعبية». وأكد أهمية مجلس النواب الجديد في التصدي للتحديات الوطنية من خلال إدامة التواصل والحوار مع المواطنين وجميع القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية، والمضي إلى محطات الإصلاح القادمة بأعلى درجات التوافق والمشاركة.

وأثنى العاهل الأردني على الأداء الوطني المتميز للهيئة المستقلة للانتخاب وموظفيها، وقال: «شكلت الهيئة، وهي إحدى ثمرات التعديلات الدستورية الرائدة، علامة فارقة في تاريخ إدارة الانتخابات والإشراف عليها، لإنجاز انتخابات نيابية نوعية، بشهادة جميع المراقبين المحليين والدوليين».

على صعيد متصل أكدت مصادر مطلعة أن تأخير إعلان التكتلات والائتلافات النيابية في مجلس النواب الجديد خفف من وتيرة الحراك السياسي الرسمي والاتصالات بين القصر ومجلس النواب الجديد، مما أضفى حالة من الهدوء النسبي على المشهد السياسي الذي كان قبل ثلاثة أيام يسابق الزمن من أجل التكيف مع موعد انعقاد جلسة مجلس النواب المقررة في الثالث من فبراير (شباط) المقبل. وأضافت المصادر أن الفتوى القانونية التي أصدرتها المحكمة الدستورية بجواز تأجيل الدورة غير العادية لمجلس النواب قد أعطى النواب فرصة ومساحة كبيرة من الحركة لبناء كتلهم وائتلافاتهم المزمعة من أجل التشاور مع مؤسسة العرش من أجل تسمية رئيس الحكومة القادم.

وأشارت المصادر إلى أن الملك عبد الله الثاني طلب من النسور الاستمرار في عملها بعد تقديم استقالة حكومته إلى حين وضوح المشهد السياسي لدى أعضاء مجلس النواب الجديد في تشكيل الكتل النيابية التي ستجري المشاورات بشأن الرئيس الجديد. وقالت المصادر إن هذا التريث قد يمد في عمر الحكومة عدة أسابيع إضافية، خصوصا أن هناك حديثا لتأجيل الدورة النيابية حتى الأسبوع الأخير من فبراير المقبل بعد أن تكون الكتل النيابية قد اتضحت وعرف حجم كل منها.

ورجحت المصادر أن تنسب الحكومة إلى الملك تأجيل انعقاد الدورة غير العادية لمجلس الأمة التي يستحق موعدها الدستوري قبل 4 فبراير المقبل بعدما طلبت الحكومة من المحكمة الدستورية بيان الرأي في شأن إمكانية تأجيل انعقاد الدورة، موضحة أن المحكمة الدستورية أفتت بجواز تأجيل انعقاد الدورة كون ما ينطبق على الدورة العادية ينطبق على الدورة غير العادية استنادا إلى نص الفقرة 1 من المادة 73 من الدستور الأردني. وبحسب المصادر فإن تأجيل انعقاد جلسة البرلمان سيمكن أعضاء المجلس من اكتساب الصفة القانونية النيابية بعد نشر الأسماء بالجريدة الرسمية. وترى المصادر أن ثاني الاستحقاقات يتمثل بتشكيل مجلس الأعيان، الغرفة الثانية لمجلس الأمة، الذي يجب أن يتم تشكيله قبل يوم 4 الشهر المقبل.

ويتوقع صدور مرسوم ملكي بحل مجلس الأعيان وتشكيل مجلس أعيان جديد برئاسة الرئيس الحالي طاهر المصري، ويكون عدد أعضائه 75 عضوا، نصف عدد أعضاء مجلس النواب (150)، بحسب أحكام الدستور.

وتعتقد المصادر أن مصير الحكومة الجديدة سيحدد لاحقا وأن الحكومة الحالية قد تدخل مع مجلس النواب الجديد إلى الدورة غير العادية لفترة قصيرة قبل أن تقدم استقالتها، موضحة أنه بعد انعقاد الدورة وأداء النواب القسم الدستوري إيذانا ببدء عملهم النيابي سيشرع حينها الملك بإجراء مشاورات مع الكتل النيابية بشأن الحكومة الجديدة، وأنه قبل ذلك سيكون من الصعب الإقدام على هذه الخطوة المهمة في مسيرة الإصلاح الوطني نتيجة عدم وضوح خريطة الكتل وتشكيلها حتى تاريخه، ولا يتوقع أن تتضح معالم المشهد السياسي إلا في أعقاب جلسة افتتاح الدورة غير العادية التي من المنتظر أن يحددها الملك عبد الله الثاني بمرسوم ملكي وفق صلاحياته الدستورية بتأجيل انعقاد الدورة وتشكيل الأعيان والحكومة.

وفي السياق منح تأجيل انعقاد الدورة فرصة جيدة للنواب لتعرف بعضهم على بعض جيدا وتوسيع دائرة المشاورات والاتصالات لتشكيل الكتل النيابية. وفي موضوع الكتل النيابية حافظ نواب على وتيرة حراكهم باتجاه تشكيل الكتل من جهة وتحديد مواقف أولية بشأن انتخابات رئاسة المجلس.

وشهد مجلس النواب اجتماعات بهدف بلورة صيغة لتشكيل كتلة باسم التجمع الديمقراطي تضم النواب اليساريين والقوميين والإصلاحيين، بينما التقى رئيس مجلس النواب السابق عبد الهادي المجالي مع عدد كبير من النواب وطرح عليهم التوقيع على ورقة تتضمن ميثاق شرف لائتلاف وطني برامجي.

ورفع النائب عبد الكريم الدغمي الرئيس السابق لمجلس النواب من وتيرة حراكه باتجاه التشاور مع النواب والتقى على مدى اليومين الماضيين أكثر من ثلثي أعضاء المجلس.

وما زالت كتلة حزب الوسط الإسلامي وتضم 16 نائبا الكتلة الوحيدة المعلنة في المجلس، أما بقية الكتل فإنها قيد المشاورات، إذ من المتوقع أن يعلن حزب الاتحاد الوطني عن كتلته في الأسبوع المقبل وفق أمين عام الحزب محمد الخشمان الذي فضل التريث بالإعلان عن كتلته من أجل بناء كتلة نيابية كبيرة متماسكة.