سعود الفيصل: السعودية تحرص على دعم المسار الانتقالي في تونس عبر توسيع الاستثمارات

رئيس الوزراء التونسي يؤكد حرص بلاده على تعزيز العلاقات الأخوية التي تربطها بالمملكة

حمادي الجبالي خلال لقائه الأمير سعود الفيصل في تونس أمس (واس)
TT

استقبل رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي، أمس، الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، الذي قام بزيارة استغرقت يومين لترؤس الجانب السعودي في أعمال الدورة الثانية للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية.

وفي بداية الاستقبال، رحب الجبالي بالأمير سعود الفيصل ومرافقيه في تونس، مؤكدا حرص بلاده على تعزيز العلاقات الأخوية التي تربط البلدين الشقيقين.

وجرى خلال الاستقبال بحث آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات، إضافة إلى مجمل الأحداث الراهنة على الساحة العربية.

حضر الاستقبال وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام، ووكيل وزارة الخارجية للعلاقات الثنائية الدكتور خالد بن إبراهيم الجندان، ومدير عام مكتب وزير الخارجية السفير حمد الفارس، ورئيس الدائرة الإعلامية بوزارة الخارجية السفير أسامة نقلي، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى تونس خالد بن مساعد العنقري.

كما استقبل رئيس المجلس التأسيسي التونسي مصطفى بن جعفر، الأمير سعود الفيصل. ورحب بن جعفر في بداية الاستقبال بالأمير سعود الفيصل ومرافقيه، منوها بدور المملكة في دعم الجمهورية التونسية في شتى المجالات، مؤكدا حرص بلاده على تطوير وتعزيز علاقاتها في كل الميادين والمجالات مع السعودية.

وأعرب الأمير سعود الفيصل عن الشكر للجمهورية التونسية على حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال، متمنيا للشعب التونسي التقدم والازدهار ومزيدا من الرخاء والاستقرار. وجرى خلال الاستقبال بحث سبل توسيع آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات.

يذكر أنه، وقبل مغادرته تونس، أمس، كان الأمير سعود الفيصل ونظيره التونسي رفيق عبد السلام رأسا أعمال الدورة الثانية للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية.

وألقى وزير الخارجية التونسي كلمة أكد خلالها حرص بلاده على تأسيس مرحلة جديدة في علاقاتها مع المملكة، هدفها الارتقاء بالمصالح المشتركة وتحقيق تطلعات البلدين لدعم علاقاتهما.

وأكد عبد السلام أن تونس تسعى لإقامة قواعد جديدة للتبادل التجاري وجلب الاستثمارات، خاصة للمناطق الداخلية المحرومة، مبينا أن بلاده تعد المملكة في طليعة البلدان التي تأمل تونس في مساعدتها. واستعرض مجمل القضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

ثم ألقى الأمير سعود الفيصل كلمة أكد فيها عمق العلاقات والروابط التي تجمع الجمهورية التونسية والمملكة العربية السعودية، واصفا إياها بأنها تبشر بالخير، في ظل الإرادة السياسية لقيادتي البلدين.

وقال: «كم كنت أتطلع لهذه الزيارة، لنتناقش حول ما يجري على أرض البلدين، وما يكون متوافقا مع الإرادة السياسية لدى قادة البلدين، والعلاقات بينهما لتصل إلى مستوى الكمال، ولو أن الكمال صعب.. إنما يستطيع البلدان أن يسيرا في طريق تنمية علاقاتهما إلى أن يصلا إلى مستوى قريب من الكمال».

وأضاف: «ولله الحمد، فقد بدأت العلاقات الآن بعد الأحداث التي حصلت في هذا البلد العزيز تبشر بكل خير، وسنتمكن إن شاء الله من الوصول إلى ما نصبو إليه، وإلى ما يكون من طموحات شعبينا وقيادتينا ونحن نرى في تونس دولة تاريخية متضامنة شعبها يحتوي على حضارة عريقة، وبالتالي فنحن لا نخشى في مستقبل الأيام على هذا البلد، وهو بلد محوري في الساحة العربية وفي الساحة الدولية، ومفتاح لعلاقات ليس فقط عربية – عربية، ولكن عربية - خليجية متينة وفي صالح جميع الدول العربية».

وتابع وزير الخارجية: «لا يوجد أي اختلاف بين البلدين في وجهات النظر حول القضايا الدولية». وقال: «إذا نظرنا إلى خريطة العالم العربي نرى عددا من المشاكل.. وما يحدث في سوريا وصمة في جبين الأمة العربية، وفي جبين المسؤولين في سوريا بشكل خاص.. هم الذين يقفون عقبة أمام وصول هذا البلد إلى الاستقرار والسلام الذي يتوق إليه، هم الذين يمنعون ويصرون على المأساة واستمرار الصراع واستمرار البحث عن حل عسكري.. وهذا لا يمكن حله عسكريا، وكل ما سيأتي منه هو الدمار والخراب».

وأكد الأمير سعود الفيصل أن القيادة السورية فقدت شرعيتها عربيا وإسلاميا ودوليا، و«أصبح لا مجال الآن إلا أن تتضافر جهود الدول العربية والإسلامية في دعم سوريا، ومطالبتنا بأن تتخذ الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشكل خاص الموقف الذي ينهي هذا النزاع، بالسرعة التي تحفظ بعض ما تبقى من إمكانيات البلد».

أما بالنسبة للشأن اليمني، فقد أشار إلى أن المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بالتعاون عملت جاهدة مع الأشقاء في اليمن لانتقال السلطة سلميا في البلاد، وهذا ما حدث.. معربا عن أمله في أن يكمل اليمن الخطوات التي بدأها في تنفيذ مقترحات دول مجلس التعاون بهذا الخصوص.

وتطرق إلى جملة من القضايا الإقليمية، قائلا: «بالنسبة للقضايا الأخرى فالنظرة متطابقة»، مشيرا إلى أن المملكة تشارك تونس في الدعوة لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.

وطالب إيران بالسعي إلى ذلك، وأن تطبق قرارات وتوصيات ومحاولات مجموعة «5+1» في هذا الخصوص، وقال: «إن إيران بلد كبير وجار لنا ونتمنى له كل الخير، وأن يكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية؛ سواء في الخليج أو غيرها، لأن العلاقات لا تبنى على التدخل في الشؤون الداخلية للجيران، بل ببناء الثقة وبالمصلحة المشتركة».ورأى في الشأن العراقي أن هناك مسؤولية كبيرة أمام العراقيين أنفسهم، داعيا الحكومة العراقية إلى أن تحكم بالعدل والإنصاف، وأن تحفظ الوحدة الترابية للعراقيين ووحدة أبنائه بجميع أطيافهم ومساواتهم.

وعبر عن الأمل في إدارة الأمور بحكمة من أجل وحدة العراق واستقلاله ورخاء أبنائه.

وعلى الصعيد الفلسطيني، رأى الأمير سعود الفيصل ضرورة الاتكال على النفس في معالجة هذا الملف، وقال: «إن هذه العقود التي ظلت فيها المشكلة قائمة تتطلب أن نسير بالاتكال على أنفسنا؛ فوجود هذه القضية طوال هذه العقود برعاية الأمم المتحدة لم توصلنا إلى أي نتيجة».. محملا المسؤولية لمجلس الأمن الدولي بشكل خاص في هذه القضية. وقال: «لا أذكر أن هناك قضية واحدة أحيلت إلى مجلس الأمن وحلت، وعلى رأسها أولى قضايا الأمم المتحدة، وهي القضية الفلسطينية، وبالتالي علينا أن ندعو إلى محاسبة مجلس الأمن على هذا الفشل طوال هذه السنين على الرغم من وجود قرارات ذهبت مع الريح.. واستمرت المذابح واحتلال الأراضي والتوسع الإسرائيلي». ودعا الفلسطينيين إلى أن يواجهوا أنفسهم وأن يوحدوا صفوفهم.

واختتم وزير الخارجية كلمته مزجيا الشكر للدكتور رفيق عبد السلام على كرم الضيافة وعلى حسن الاستقبال، معبرا عن تطلعه إلى مزيد من التعاون بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية، و«هو ما سيؤدي إلى مصلحة البلدين والشعبين بمشيئة الله».

وأشار بيان صحافي صادر عن وزارة الخارجية التونسية إلى أن زيارة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية تأتي تلبية لدعوة من وزير الشؤون الخارجية التونسية الدكتور رفيق عبد السلام لتعزيز علاقات الأخوة والتعاون التي تجمع الجمهورية التونسية والمملكة العربية السعودية، وتجسيد التشاور القائم بين البلدين الشقيقين.

وأوضح البيان أن أعمال الدورة الثانية للجنة المتابعة والتشاور السياسي السعودية - التونسية تناولت بالبحث مختلف أوجه التعاون وسبل تطويرها، وخاصة دعم المملكة لتونس في إنجاح المرحلة الانتقالية، من خلال توسيع الاستثمارات السعودية وتطوير المبادلات التجارية وإزالة العوائق التي تعترض الاستثمارات والتجارة البينية وتدعيم التعاون الفني بين البلدين، فضلا عن تنظيم عدد من الفعاليات الاقتصادية التونسية بالمملكة العربية السعودية خلال شهر مارس (آذار) 2013، والعمل على عقد الدورة التاسعة للجنة التونسية السعودية المشتركة. كما تم الاتفاق على الشروع في التفاوض حول اتفاقية قنصلية بين البلدين.