مرسي: مصر ستستند للقانون وليس الجيش أو رجال الدين

البرادعي دعا لحوار تشارك فيه القوات المسلحة.. وقيادات من التيار الإسلامي ترفض

مرسي ينظر إلى ساعته خلال مؤتمر صحافي مع ميركل في برلين أمس (إ.ب.أ)
TT

قال الرئيس المصري محمد مرسي، أمس، إن مصر ستستند إلى حكم القانون وليس الجيش ولا رجال الدين، وإن البرلمان الجديد الذي سينتخب بعد بضعة أشهر هو الذي سيقرر التشكيل الحكومي. جاء ذلك في كلمة للصحافيين أثناء زيارته لألمانيا، أمس، في وقت أثارت فيه دعوة أطلقها المعارض البارز الدكتور محمد البرادعي، بوجود الجيش والشرطة في أي حوار وطني مع الرئاسة، ردود فعل غاضبة من قيادات في تيار الإسلام السياسي، التي رأت في دعوة البرادعي، الذي يقود جبهة الإنقاذ الوطني، محاولة لـ«إقحام الجيش في السياسة».

وتشهد مصر مصادمات دامية بين محتجين على حكم الرئيس مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين والشرطة، خلفت عشرات القتلى منذ يوم الجمعة الماضي، مما أدى لفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال في مدن قناة السويس، والدعوة لحوار وطني قاطعته جبهة الإنقاذ، وشاركت فيه يوم أول من أمس أحزاب غالبيتها من التيار الإسلامي.

وقالت مصادر دبلوماسية في القاهرة إن العنف المتزايد في البلاد يقلق حلفاء مصر الغربيين. وأضاف مرسي، في مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن مصر في طريقها إلى «الحكم الرشيد ودولة القانون في إطار الدولة المدنية الحديثة التي نطمح كلنا إليها.. الدولة المدنية التي ليست دولة عسكرية ولا دولة ثيوقراطية (دينية) وإنما دولة مدنية بالمؤسسات»، وفقا لوكالة «رويترز».

وسُئل الرئيس مرسي عن استعداده لتشكيل «حكومة إنقاذ وطني» مع المعارضة، وهو أحد مطالب جبهة الإنقاذ، فأجاب قائلا إن مجلس نواب جديدا سينتخب في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر، وسيكون من مهامه اختيار حكومة جديدة.

من جانبها قالت ميركل إن ألمانيا تريد إجراء محادثات بين جميع القوى السياسية في مصر، وشددت على ضرورة احترام الحكومة المصرية لحقوق الإنسان، مضيفة أن «أحد الأمور المهمة لنا هو أن يكون خط الحوار مفتوحا دائما لكل القوى السياسية في مصر، وأن تتمكن كل القوى السياسية المختلفة من أداء مساهماتها، وأن يتم الالتزام بحقوق الإنسان في مصر»، كما شددت أيضا على أهمية أن «تُمارس الحرية الدينية».

وفي القاهرة، أكد الدكتور البرادعي أن وقف العنف هو الأولوية الآن، وأن بدء حوار جاد يتطلب الالتزام بالضمانات التي طرحتها جبهة الإنقاذ وفي مقدمتها تشكيل حكومة إنقاذ وطني ولجنة لتعديل الدستور، مضيفا في تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «نحتاج فورا لاجتماع بين الرئيس ووزيري الدفاع والداخلية والحزب الحاكم والتيار السلفي وجبهة الإنقاذ لاتخاذ خطوات عاجلة لوقف العنف وبدء حوار جاد».

وتأتي دعوة البرادعي بعد نحو ثلاثة أيام من تأكيد مجلس الدفاع الوطني الذي يرأسه الرئيس مرسي ويشغل عضويته كبار قادة الجيش والحكومة، على ضرورة اتخاذ إجراءات لحل الأزمة التي تمر بها البلاد من بينها «الدعوة إلى حوار وطني موسع تقوده شخصيات وطنية مستقلة لدراسة قضايا الخلاف السياسي»، و«التوافق على كل الآليات التي تضمن إجراء انتخابات برلمانية شفافة»، وهو أمر يقول المراقبون إنه لم يتحقق رغم الدعوة التي وجهها الرئيس مرسي لإجراء حوار سياسي، وترؤسه لجلسة الحور الليلة قبل الماضية. ويضيف مستشار سابق للرئيس قائلا إن جلسة الحوار الأخيرة (ليل الاثنين) لم تكن بقيادة «شخصيات مستقلة» كما جاء في إعلان «مجلس الدفاع الوطني»، بل ترأسها الرئيس.

وأثارت مبادرة البرادعي ردود فعل متباينة، وقالت مصادر من التيار الإسلامي (من جماعة الإخوان) إن دعوة البرادعي لاشتراك الجيش والشرطة في الحوار السياسي أمر مثير للريبة يمثل «محاولة لإدخال الجيش كشريك في القرار السياسي مع الرئيس مرسي، وانتقاص من قدر الرئيس، لأن الرئيس مرسي، في الحقيقة، يرأس السلطة التنفيذية بما فيها الجيش والداخلية».

وبدأت أحزاب من التيار السلفي، منها «النور» و«الوطن» (يرأسه مساعد للرئيس مرسي) تجري اتصالات مع جبهة الإنقاذ في محاولة على ما يبدو لرأب الصدع الذي تمر به البلاد على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية. لكن بعض الأحزاب المدنية المنخرطة في جبهة الإنقاذ تنظر بعين الريبة إلى التيار السلفي، بصفته حليف الرئيس مرسي منذ بدء ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أسقطت حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

من جانبه، أكد المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية العقيد أحمد محمد علي، أن الجيش ليست لديه رغبة في النزول للشارع مرة أخرى على غرار سيناريو أحداث يناير، مشيرا إلى أن المؤسسة العسكرية المصرية تقوم بالدور المنوط بها في حماية الأمن القومي لمصر وحماية وتأمين المنشآت العامة في الدولة.

وقال المتحدث العسكري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس حول الجدل الذي أثير في الفترة الأخيرة حول موقف القوات المسلحة من الصراع السياسي القائم «نحن أبناء الشعب المصري كله، لا ننحاز لطرف على حساب الآخر»، لافتا إلى أن القوات المسلحة موجودة في الشارع لحماية المنشآت العامة والحيوية في الدولة «وهو دور وطني لا تستطيع المؤسسة العسكرية أن تتأخر فيه أو تتراجع عنه تحت أي ظرف».

إلى ذلك، استمرت المواجهات الدامية بين محتجين ومجهولين مسلحين من جانب، ومحتجين والشرطة من جانب آخر، وهو أمر يبدو معه تزايد العنف في البلاد إلى حد غير مطمئن. وفتح 3 مجهولين على الأقل نيران أسلحتهم من سيارة مسرعة قرب ميدان التحرير بالقاهرة، مما أدى لمصرع شخص وإصابة أربعة آخرين، وفقا للمصادر الأمنية. كما تجددت الاشتباكات في وسط العاصمة قرب كوبري قصر النيل. وشهدت منطقة القائد إبراهيم بالإسكندرية مصادمات بين مناوئين للنظام ومجموعات من البلطجية باستخدام السيوف والأسلحة البيضاء.

وفي أحدث تعليق على الأحداث المتفاقمة في البلاد، دعا الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء (الحكومة المصرية)، القوى الوطنية لتغليب مصالح الوطن فوق أي اعتبارات أخرى. وقال عبر حسابه على «فيس بوك» إن الوطن «ملك للجميع».