الصوماليون يتابعون الانتخابات الأميركية ويفضلون بوش الابن على كلينتون

حسين فارح عيديد: نصيحتي لبوش أن تكون له أفكاره الخاصة بعيدا عن تقفي أثر ابيه

TT

رغم ان الصوماليين لا يجيدون الانجليزية، فانهم يتمتعون بعبارة «اقرأوا شفاهي» وهي العبارة الانتخابية التي اشتهر بها الرئيس الاميركي السابق جورج بوش. ورغم ان المشاعر ازاء الاميركيين في الصومال متضاربة، فان هناك حبا قويا لجورج بوش الأب ـ الذي حاول احلال السلام في الصومال، ويخوض ابنه الانتخابات الاميركية هذه السنة.

ويقول شعيب عبدي كريم (30 سنة) «نحن نتابع الانتخابات، ونؤيد بوش» او «بوش الصغير» كما يقولون.

كان كريم يقف في موضع يثير ذكريات اليمة للصوماليين والاميركيين، على حد سواء، هو موقع سقوط طائرة الهليكوبتر الاميركية من طراز هوك في اكتوبر (تشرين الاول) 1993، وحدوث معركة استمرت طوال الليل قتل فيها نحو 18 اميركيا و500 صومالي تقريبا. وقال كريم ان اخاه البالغ 18 عاما قتل في تلك المعركة برصاصة طائشة.

وشكلت تلك الواقعة بداية النهاية للتدخل العسكري الاميركي في الصومال، بل في عموم افريقيا، خلال عهد الرئيس بيل كلينتون. وعليه فان سبب التحمس لجورج بوش الابن في الصومال يكمن في ان الرجل قد يجد مصلحة شخصية في الا يقلب الموقف الاميركي، نظرا لأن أباه هو الذي ارسل القوات اصلا.

ويقول عبدي نيجييه (40 عاما) «اذا فاز الجمهوريون، فان مشكلة الصومال ستنتهي كما اعتقد. كل الصوماليين يعتقدون ذلك. لقد خسرنا الصومال بعد مجيء الديمقراطيين الى الحكم».

لكن الاميركيين لا ينعمون بذكريات طيبة عن الصومال، مثلما ان كثرة من الصوماليين يشعرون ان الجنود الاميركيين تجاوزوا الحدود كثيرا في مساعيهم لاحلال السلام في البلاد. ولم تبدر عن المرشح بوش اية بادرة تنم عن العزم على العودة الى واحدة من اكثر الزوايا اضطرابا في العالم، في حال فوزه في السباق الى البيت الابيض. لكن ذلك لم يقض على بصيص الامل الذي يرعاه الصوماليون في قلوبهم. ويزداد الامل قوة بذكرى الاموال التي تدفقت على الصومال خلال فترة عمليات الامم المتحدة هنا، لتخفف من وطأة الانهيار الاقتصادي الذي عمّ البلاد بعد سقوط حكومة الدكتاتور محمد سياد بري، وانهيار اية سلطة مركزية عام 1991.

كما ان مباحثات السلام الجارية الصومالية التي جرت في جيبوتي وأدت الى انتخاب رئيس، تثير شيئا من التفاؤل حول عودة الحكومة. ويقول العديد من الصوماليين ان اعطاء اية حكومة جديدة جرعة من الشرعية لن يحتاج الى اموال طائلة جدا مما ستتبرع به الولايات المتحدة على الارجح.

ولعل هذه هي الاسباب التي تحدو بالصوماليين الى متابعة التطورات السياسية الاميركية، وانتخابات هذه السنة، عن كثب.

وتحدث نيجييه، في حفل زفاف في احد فنادق مقديشو المحروسة حراسة مشددة، عن نظرته الى الجمهوريين باعتبارهم افضل من الديمقراطيين في مجال السياسة الخارجية. وقال احد الصوماليين انه يحب بوش لان الجنرال كولين باول قائد القوات الاميركية ورئيس الاركان السابق جمهوري ايضا.

والتقينا عبد الله احمد كورنتو (42 عاما) عند احد شواطئ مقديشو الجميلة، فقال انه يعتقد ان بوش سرق برنامج بيل كلينتون القديم، بوضع الحزب الجمهوري على سكة الوسط. وقال كورنتو، وهو مسؤول برامج سابق في احدى وكالات الغوث العالمية، لكنه عاطل حاليا «جورج بوش هو الرجل الذي انتزع قضايا السياسة من الديمقراطيين. وهو يبدو انسانا رحيما، مثل ابيه. كما انه مرن ايضا، اليس كذلك؟».

ويقول الصوماليون، وهم ابناء مجتمع يضع الانتماء العائلي فوق اي اعتبار آخر، انهم يعرفون «سرّ الابن على ابيه»، ابتداء من الصوت المألوف والملامح المألوفة.

ويقول محمد حسن كوليد (56 عاما) «انه يشبه اباه كثيرا». ويضيف مدير الميناء السابق هذا، الذي اقام حفلة الزفاف لابنه «ان اباه ترك له سمعة كبيرة، والعالم ينتظر منه الشيء الكثير».

ويحظى بوش بتأييد اشهر الابناء في الصومال وهو حسين عيديد، فهو ابن الجنرال محمد فارح عيديد، اكبر زعماء الميليشيات نفوذا في مقديشو الذي لقي حتفه في قتال شوارع عام 1996. وقد سعى الجنود الاميركيون الى القبض على عيديد الاب في اكتوبر (تشرين الاول) 1993، وهو السعي الذي ادى الى اسقاط طائرة الهليكوبتر، من طراز بلاك هوك. اما عيديد الابن (38 عاما)، فقد عاش في الولايات المتحدة 17 عاما، وحارب في صفوف مشاة البحرية (المارينز) الاميركية في حرب الخليج، ثم عاد الى الصومال ليتولى زعامة حركة والده. والمعروف انه سجل في عضوية الحزب الجمهوري في ولاية كاليفورنيا، لكنه، كما يقول، صوت لبوش مرة، ولكلينتون مرة اخرى. ويقول عيديد الابن ان لديه نصيحة لبوش الابن «لا يمكن لك ان تشغل نفس مكانه. ويجب ان تكون لك افكارك الخاصة».

ويبدو ان هذه النصيحة نابعة من القلب. ذلك ان عيديد الابن يعاني الأمرّين كي ما يخرج من ظلال شبح ابيه.

* «خدمة نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»