سلسلة تفجيرات تهز دمشق وتخلف عشرات القتلى.. والمعارضة تندد

إصابة زعيم الجبهة الديمقراطية بخدوش جراء تناثر زجاج مكتبه القريب وتدمير أكثر من 50 سيارة

آثار انفجار السيارة المفخخة قرب السفارة الروسية في قلب دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

أكثر من ستين قتيلا وعشرات الجرحى من بينهم نايف حواتمة زعيم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الذي أصيب بخدوش جراء تناثر الزجاج في مكتبه الذي لا يبعد كثيرا عن مكان الانفجار. سقطوا في سلسلة تفجيرات هزت قلب العاصمة دمشق صباح أمس الخميس، أكبرها كان انفجار سيارة مفخخة في شارع «الثورة» على أطراف حي المزرعة، أمام مشفى «الحياة» وقريبا من مقر لحزب البعث الحاكم. وبحسب سكان في العاصمة، بلغت ترددات صوت الانفجار ما يقارب مساحة أربعة كيلومترات، حيث تساقط زجاج منازل في شارع بغداد والسبع بحرات وحي المزرعة. كما سمعت أصداؤه في العدوي وأبو رمانة.

وكانت موسكو أولى العواصم المنددة بالانفجار، ودعت كل الدول التي لها تأثير على ما وصفته بـ«المتطرفين» في سوريا لمطالبتهم بالتوقف الفوري عن مثل هذه الأعمال الإرهابية. وشدد ألكسندر لوكاشيفيتش المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية في بيان نشر على الإنترنت على إدانة موسكو لهذه العملية الإرهابية. وقال «نجدد دعوتنا إلى كل الدول والأطراف التي بوسعها التأثير على المتطرفين والراديكاليين لتضغط عليهم وتطالبهم بالوقف الفوري لمثل هذه الأعمال الإرهابية والعنف المسلح كي تتوفر ظروف ملائمة لإجراء الحوار السوري الواسع على أساس بيان جنيف الصادر عن مجموعة العمل الدولية في يوليو (حزيران) عام 2012».

وفي تفاصيل التفجير، قالت وكالة الأنباء السورية «سانا» إن سيارة ملغومة انفجرت على طريق سريع مزدحم قرب مبنى تابع لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم ما أدى إلى مقتل 53 شخصا وإصابة ما لا يقل عن 200 شخص آخر.

وبثت قناة «الإخبارية السورية» صورا لمكان الانفجار ظهرت فيها سيارة محترقة بالكامل وعشرات السيارات الأخرى المحترقة. كما أظهرت الصور أشلاء بشرية ومصابين ممددين على العشب تجرى لهم الإسعافات الأولية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب أعمال العنف في سوريا إن سيارة ملغومة انفجرت بالقرب من مبنى تابع لحزب البعث الحاكم على بعد نحو 200 متر من مجمع السفارة الروسية. ونقلت وكالة إيتار تاس الروسية للأنباء عن دبلوماسي قوله إن الانفجار تسبب في تحطم نوافذ في مجمع السفارة الروسية التي تقع واجهتها على الطريق الذي شهد الانفجار لكن لم تقع إصابات بين العاملين.

وقال محافظ دمشق بشر الصبان في تصريح صحافي إن السيارة كانت تحمل ما بين طن و1.5 طن من المتفجرات. وأضاف بعد زيارته المكان أن العملية تعتبر «دليلا على إفلاس الإرهابيين». وأضاف «نقول لهم سنضربكم بيد من حديد ولن يستطيع أي إرهابي زعزعة عزيمة الشعب السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد ومن عزيمة الجيش السوري».

وأفاد شهود عيان أنهم رأوا 7 جثث في مكان الحادث. وأضافوا أنهم أحصوا 20 سيارة متفحمة وأكثر من 50 سيارة أخرى دمرت أو لحقت بها أضرار جسيمة بفعل قوة الانفجار الذي أحدث فجوة بلغ عمقها متران في الطريق.

وظل وسط دمشق بعيدا نسبيا عن الصراع الدائر منذ نحو عامين الذي أسفر عن سقوط نحو 70 ألف قتيل في أنحاء البلاد طبقا لإحصاءات الأمم المتحدة غير أن العنف دمر أطراف العاصمة وضواحيها.

وعلى الرغم من عدم تبني أي طرف لهذا التفجير، ربطت بعض وسائل الإعلام السورية المحسوبة على النظام بين التفجير وجبهة النصرة التي أعلنت في وقت سابق أنها نفذت 17 هجوما في أنحاء دمشق خلال النصف الأول من فبراير (شباط) منها سبعة تفجيرات على الأقل. وقال أحد سكان المنطقة وقد بدت عليه معالم الغضب للتلفزيون السوري «هذا ليس إجراما. هذا إرهاب. أهلنا ونساؤنا وأعراضنا هتكوها. هل تسمون هذا إسلاما؟». وقالت إحدى المصابات وقد بدت آثار الدماء على وجنتيها بصوت مرتجف «هذه هي الحرية التي ينادون بها، هذا هو الجيش الحر».

من جانبه، أدان الائتلاف السوري المعارض «التفجيرات الإرهابية» التي وقعت أمس في دمشق «أيا كان مرتكبها». وهذه هي المرة الأولى التي تتجنب فيها المعارضة توجيه الاتهامات في تفجير من هذا النوع لنظام بشار الأسد. لكن الائتلاف استدرك ذلك وقال في بيان ألقاه محمد قداح على هامش اجتماع الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري بالقاهرة إن التفجيرات «محاولة خبيثة من جانب النظام، لإدانة المعارضة وإلصاق التهمة بها».

وجاء في البيان الذي نشر على صفحة الائتلاف على موقع «فيس بوك» أن الائتلاف يدين ويندد بالتفجيرات الإرهابية التي استهدفت دمشق «ويؤكد أن أي أعمال تستهدف المدنيين بالقتل أو الانتهاكات لحقوق الإنسان هي أفعال مدانة ومجرمة أيا كان مرتكبها وبغض النظر عن مبرراتها».

وتقدم الائتلاف بالتعازي لأسر كل ضحايا التفجيرات في سوريا وتمنى للجرحى الشفاء العاجل. ومن ضمن الجرحى الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة، وقد أكد مسؤول المكتب الإعلامي للجبهة رشيد قويدر نبأ إصابة حواتمة بجروح طفيفة في وجهه ويديه نتيجة لتناثر شظايا الزجاج إثر ضغط الانفجار فيما كان يعمل في مكتبه، الواقع على بعد 500 متر من مكان الانفجار. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) اتصل بحواتمة، مطمئنا على صحته إثر إصابة مقر الجبهة الواقع في حي الأزبكية في دمشق بشظايا الانفجار.

وأشار المرصد السوري، الذي يتخذ من لندن مقرا له، إلى أن بين قتلى تفجير المزرعة «ما لا يقل عن تسعة عناصر من القوات النظامية»، موضحا أن معظم القتلى والمصابين من «المدنيين من سكان المنطقة أو مستقلي سيارات تزامن وجودها في المنطقة أثناء التفجير».

يشار إلى المنطقة المستهدفة تعبر تجمعا للميكروباصات المنطلقة باتجاه بلدات الغوطة الشرقية كحرستا وزملكا وعربين، وتكتظ في هذا الوقت من السنة بطلاب شهادة الثانوية العامة بسبب قربها من دائرة امتحانات دمشق واحتوائها الكثير من المدارس كابن الأثير وعبد الله بن الزبير للبنين وغسان عبود للإناث.

وبحسب مصادر معارضة، انفجرت لاحقا سيارتان ملغمتان أمام مركزين أمنيين في حي برزة بشمال شرقي العاصمة لكن لم ترد تفاصيل عن الضحايا. كما استهدفت ثلاث قذائف هاون مبنى الأركان في ساحة الأمويين، وهو قيد الصيانة بعد التفجيرين اللذين تعرض لهما في 26 سبتمبر (أيلول) وشوهدت سيارات الإسعاف تتجه إلى المنطقة في حين يتم إخلاء مكتبة الأسد القريبة من مبنى الأركان.

يذكر أن العاصمة السورية شهدت عددا من التفجيرات كان آخرها سيارة مفخخة استهدف فرعا للمخابرات أسفر عن مقتل 53 عنصرا من المخابرات العسكرية السورية بينهم ستة ضباط في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي.