مواجهات الضفة تتسع تضامنا مع الأسرى.. وإسرائيل تتأهب

إصابات في الأقصى والخليل ورام الله وجنين

جنود إسرائيليون يلاحقون مصلين في باحة الأقصى أمس (رويترز)
TT

تحول يوم أمس بعد صلاة الجمعة في الضفة الغربية إلى يوم من أيام الانتفاضة الشعبية، بعدما توسعت المواجهات بين متظاهرين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي إلى كل مدن الضفة تقريبا وفي القدس في يوم شهد الكثير من العنف والإصابات.

وتأتي المظاهرات العنيفة بعد أيام من مواجهات تركزت في رام الله والخليل احتجاجا على استمرار اعتقال 4 أسرى مضربين عن الطعام، وفي وقت تحذر فيه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من قرب اندلاع انتفاضة ثالثة إذا ظل الجمود مستمرا في عملية السلام ولم يتحسن الوضع الاقتصادي. وأعلن الجيش الإسرائيلي أمس حالة التأهب في مناطق الضفة، وعزز من وجوده في القدس وعلى مداخل المدينة.

وشهدت مدينة القدس مواجهات هي الأعنف منذ شهور من الهدوء النسبي، واقتحم الجيش ساحة المسجد الأقصى وأمطر المصلين بقنابل الغاز والرصاص المطاطي، واشتبك المصلون مع الشرطة في كل زاوية وساحة من ساحات المسجد قبل أن تنتقل المواجهات من داخل الأقصى إلى خارجه وتتركز في البلدة القديمة، وفي حي العيسوية، مما أسفر عن إصابة 10 فلسطينيين واغتيال آخرين. وبررت الشرطة الإسرائيلية اقتحامها لباحات الأقصى من بوابة المغاربة، بتعرضها للرشق بالحجارة.

وفي رام الله، تفجرت المواجهات الأعنف أمام سجن عوفر الإسرائيلي، وأصيب نحو 20 من المتظاهرين بعدما تحولت صلاة الجمعة التي أقيمت أمام بوابة السجن، إلى اشتباكات تخللها إطلاق رصاص مطاطي وقنابل غاز من حراس السجن.

وفي الخليل، تركزت المواجهات عند باب الزاوية وسط المدينة، بعد محاولة متظاهرين وناشطين إعادة فتح شارع الشهداء المغلق منذ سنوات. ورد الجنود فورا بإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع في محاولة لمنع المظاهرة من الوصول إلى الشارع الممنوع على الفلسطينيين وأصبح مخصصا للمستوطنين فقط. وسرعان ما امتدت المواجهات إلى شارع الشلالة وفي قلب البلدة القديمة، وقالت مصادر طبية إن بعض الإصابات صعبة.

وكان شباب ضد الاستيطان قد دعوا لمسيرة جماهيرية للمطالبة بفتح شارع الشهداء المغلق منذ عام 2000 بشكل كامل أمام الفلسطينيين، وفي ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي التي راح ضحيتها 29 مصليا فلسطينيا.

وفجرت هذه المواجهات، احتكاكات جانبية بين المتظاهرين والشرطة الفلسطينية التي حاولت منع الشبان من الوصول إلى حواجز الجيش الإسرائيلي. وأظهرت لقطات تلفزيون شرطيا يصفع متظاهرا فيرد له الصفعة قبل أن يتمكن المتظاهرون من اختراق حواجز الشرطة الفلسطينية التي انسحبت من المكان دون أن يتطور الموقف.

وفي جنين، استمرت المواجهات عند حاجز الجلمة شرقا وأصيب مواطنون بالاختناق. وفي طولكرم تفجرت مواجهات عنيفة عند حاجز عناب شرق طولكرم، وقالت مصادر إن متظاهرين أصيبوا نتيجة الغاز المسيل ورصاص المطاط، كما تفجرت مواجهات غرب المدينة وقمعها الجيش الإسرائيلي فورا. ووقعت مواجهات عند حاجز حوارة شرق مدينة نابلس، بعدما حاول فلسطينيون إغلاق طريق نابلس - رام الله، وتوسعت المواجهات لتشمل القرى المحيطة.

وشهدت معظم القرى الفلسطينية التي تتظاهر ضد الجدار الفاصل أسبوعيا مظاهرات أعنف هذه المرة، واشتبك المتظاهرون مع الجيش الإسرائيلي في قرية النبي صالح في رام الله ونعلين وبلعين، كما اشتبكوا معه في قرية المعصرة في بيت لحم وفي كفر قدوم في قلقيلية. وسجلت جميع المظاهرات بعد انتهاء صلاة الجمعة، تضامنا مع الأسرى المضربين عن الطعام وهم سامر عيساوي وأيمن شروانة وجعفر عز الدين وطارق قعدان.

وكانت محكمة الاحتلال، في القدس، قضت الخميس الماضي، بالسجن الفعلي لمدة ثمانية أشهر على الأسير عيساوي تبدأ من تاريخ اعتقاله، غير أن عيساوي واصل إضرابه، إذ إن القرار لا يعني إقفال قضيته، وإطلاق سراحه في 6 مارس (آذار) المقبل، فما زال العيساوي ينتظر حكما في قصية أخرى مفتوحة أمام محكمة «عوفر»، بعد اتهامه بمخالفة بنود صفة تبادل الأسرى الأخيرة التي تحرر بموجبها.

ويخوض عيساوي إضرابا عن الطعام منذ 215 يوما. أما قعدان وشراونة وعز الدين فيواصلون منذ نحو 3 شهور. وقالت مصلحة السجون إنها نقلت الشراونة إلى مستشفى «سوروكا» في بئر السبع بعد تدهور في حالته، كما نقلت عز الدين إلى مستشفى «آساف هروفيه» للسبب ذاته. وقال متحدث باسم مصلحة السجون إن حالة المعتقلين جيدة.

وترمي السلطة ومصر ودول أوروبية بثقلها للإفراج عن الأسرى المضربين، لكن إسرائيل لا تستجيب حتى الآن. وعبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومنسق الشؤون الإنسانية، عن قلقهما العميق جراء التدهور السريع لأوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية الذين ينفذون إضرابا عن الطعام. وشددوا على أهمية تقديم لوائح اتهام بحق السجناء الإداريين ومحاكمتهم محاكمات منسجمة مع المعايير الدولية، أو إطلاق سراحهم فوريا.

وسجل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، ارتفاعا ملموسا خلال هذا الأسبوع في عدد الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الاحتلال على خلفية مظاهرات تضامنية مع الأسرى المضربين عن الطعام.