إسلاميو مصر قد يواجهون مأزق خوض الانتخابات البرلمانية بمفردهم

ارتباك في أوساط قوى المعارضة الرئيسية وسط تصاعد دعوات المقاطعة > واشنطن ترحب بإجراء الانتخابات وتطالب بالمراقبة الدولية

متظاهرون مصريون يرفعون المصحف والصليب بوسط القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

بعدما لوح عدد من أحزاب المعارضة المدنية، التي تتجمع في إطار ما يعرف بـ«جبهة الإنقاذ الوطني»، بمقاطعتها، أصبح من المحتمل أن تخوض التيارات والأحزاب الإسلامية في مصر الانتخابات البرلمانية المقبلة بمفردها. ويتعزز موقف المعارضة بعدما رفض الرئيس محمد مرسي تأجيل الانتخابات. وقالت مصادر في المعارضة المصرية لـ«الشرق الأوسط» إن إصرار الرئيس مرسي على تجاهل مطالبنا سيدفعنا إلى اتخاذ قرار المقاطعة، لنزع الشرعية عن هذه الانتخابات.

وأصدر الرئيس مرسي، الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، مساء أول من أمس، قرارا دعا فيه المواطنين لانتخاب أعضاء مجلس النواب، على أربعة مراحل، اعتبارا من 27 أبريل (نيسان) المقبل، على أن تنتهي في أواخر يونيو (حزيران) المقبل، بحيث يعقد المجلس الجديد أولى جلساته في 7 يوليو (تموز).

واستحوذت القوى الإسلامية، وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، وحزب النور (السلفي)، على أغلبية مقاعد البرلمان السابق، بنسبة تخطت الـ70 في المائة، قبل أن يتم حله بقرار من المحكمة الدستورية العليا.

وتبحث الهيئات العليا للأحزاب الرئيسية في المعارضة، ومنها الوفد والدستور والمصري الديمقراطي، في اجتماعات طارئة متواصلة منذ الأمس وحتى اليوم، قرارها النهائي من المشاركة في الانتخابات من عدمه، في انتظار اجتماع موحد لها تحت راية «جبهة الإنقاذ الوطني» لحسم الأمر.

وقالت مصادر في حزب الوفد الليبرالي، إن الحزب سيعقد اجتماعا لبحث قرار مرسي، وأن الأغلب هو تصويت الأعضاء برفض المشاركة في الانتخابات ونزع غطاء الشرعية عنها، حتى يتم إرغام الرئيس مرسي على الاستجابة لمطالب المعارضة، ومنها تشكيل حكومة وحدة وطنية تدير العملية الانتخابية، ووضع إجراءات واضحة لضمان نزاهة الانتخابات.

ومن جانبه، قال الدكتور عماد جاد، القيادي بالحزب المصري الاجتماعي الديمقراطي، إن هناك انقساما داخل صفوف الحزب بشأن المشاركة، وهو ما سيتحدد عن طريق التصويت الداخلي، لكن في كل الأحوال فإن المشاركة ستكون مرتبطة بحزمة قرارات على الرئيس أن يتخذها الآن لتضمن نزاهة العملية الانتخابية.

وكان مجلس الشورى، الذي يتولى العملية التشريعية بشكل مؤقت، قد وافق الخميس الماضي على قانون الانتخابات البرلمانية، بعد أن أدخل تعديلات طالبت بها المحكمة الدستورية العليا.

وأعلن التيار الشعبي، وهو تجمع سياسي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي وأحد الأضلاع الرئيسية في جبهة الإنقاذ، مقاطعته للانتخابات رسميا في موقف منفرد.

من جهته، طالب الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور، والمنسق العام لـ«جبهة الإنقاذ الوطني»، بتأجيل إجراءات الانتخابات. وقال في تدوينة له أمس على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «محاولة إجراء الانتخابات مع استمرار الاحتقان المجتمعي وهشاشة مفاصل الدولة وقبل التوصل إلى توافق وطني، أمر غير مسؤول سيزيد الوضع اشتعالا». وأضاف البرادعي الذي التقى مؤخرا برئيس حزب الإخوان الدكتور سعد الكتاتني: «الإصرار على الاستقطاب والإقصاء والقمع مع غياب الرؤية والإدارة والمصداقية والعدالة، وما نراه من تدهور أمني واقتصادي هو طريقنا إلى الهاوية».

كما علق عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر، على قرار الدعوة للانتخابات بالقول: «الموعد يلتقي مع تواريخ متوقعة لانهيار الاحتياطي النقدي المصري، مما يتطلب التركيز على مواجهة الكارثة الاقتصادية ونتائجها الاجتماعية».

وأضاف موسى وهو أيضا أحد أقطاب جبهة الإنقاذ: «كان الأفضل إجراء تشاور بين القوى السياسية بشأن الموعد الأنسب للانتخابات ولا تنفرد به الرئاسة، وذلك في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها مصر».

فيما اعتبر الدكتور عمرو حمزاوي، عضو البرلمان السابق، أن إجراء الانتخابات البرلمانية وفقا للقواعد المعمول بها حاليا لن يرتب إلا المزيد من غياب العدالة عن السياسة وقد تتحول المعارضة إلى ديكور في مشهد معيب، مضيفا أن «قواعد العملية السياسية، من انتهاكات حقوق الإنسان والدستور المشوه وأخونة المؤسسات إلى الحكومة غير المحايدة وقانون الانتخابات، غير عادلة».

وانتقد رجل الأعمال نجيب ساويرس قرار مرسي باعتبار أن موعد الاقتراع في انتخابات البرلمان يوافق عيد الفصح عند المسحيين. وقال: «الموعد يعطي أمارة أخرى لتهميش الأقباط ومقاطعتهم الانتخابات»، مشيرا في تغريدة له على «تويتر» «بالنيابة عن الأقباط أشكر الرئيس على اختياره أحد الشعانين وعيد الفصح لإجراء الانتخابات الباطلة.. فلقد أعطانا أمارة أخرى على التهميش والمقاطعة».

في المقابل، قال الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، إن مجلس النواب القادم سيكون متنوعا، ويضم كل الأصوات الوطنية، الإسلامية بكل تنويعاتها، واليمينية والليبرالية بكل اختلافاتها، واليسارية أيا كانت صراعاتها.

كما أعلن حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، خوضه الانتخابات. وقال الحزب في بيان له أمس: «إنه كان يتمنى أن تتوافق كل القوى السياسية على موعد واحد للانتخابات، لكن ما دام الموعد الذي حدده رئيس الجمهورية في صالح الوطن فلا مفر من خوض الانتخابات».

وكشف عاصم عبد الماجد، عضو مجلس شورى الجماعة، عن وجود مشاورات مستمرة مع أحزاب الأصالة والفضيلة والوطن والشيخ حازم أبو إسماعيل لخوض الانتخابات ضمن تحالف انتخابي.

وبينما تحفظ حزب مصر الذي يرأسه الداعية الإسلامي عمرو خالد على قرار الرئيس بتحديد موعد الانتخابات، مؤكدا أنه غير مناسب في ظل حالة عدم التوافق الوطني. وقال وليد عبد المنعم، المتحدث الرسمي باسم الحزب إنه «رغم التحفظ على موعد إجراء الانتخابات لكننا سنستعد لخوضها عن طريق تجهيز القوائم عبر التشاور مع جميع الأحزاب».

من جهة أخرى، خرج آلاف المتظاهرين أمس في مسيرات إلى دار القضاء العالي، وسط القاهرة، تحت شعار «محاكمة النظام»، للمطالبة بمحاكمة النظام الحالي بسبب سقوط عشرات القتلى في احتجاجات منذ بدء ولاية مرسي، بالإضافة إلى المطالبة بإقالة النائب العام، شارك في المسيرات 24 حزبا وحركة ثورية منها رابطة ألتراس ثورجي، وحركة شباب 6 أبريل، ورددوا هتافات تطالب بعودة الجيش مرة أخرى لإدارة البلاد، ورحيل حكم المرشد.

وفي مدينة المحلة، وسط الدلتا، تجمع المئات من المتظاهرين في ميدان الشون للدعوة لمحاكمة نظام الإخوان، ودعا المشاركون جميع أبناء المدينة للعصيان المدني حتى إسقاط النظام.

وفي مدينة الإسكندرية الساحلية هتف نحو ألفي متظاهر «يسقط يسقط حكم المرشد» في إشارة إلى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع. ورفع متظاهرون صورا لمرسي جعلوا في بعضها يديه ملطختين بالدماء وجعلوا رقبته ملفوفة بحبل المشنقة في أخرى.

من ناحية أخرى رحبت الخارجية الأميركية بإعلان الحكومة المصرية إجراء الانتخابات البرلمانية في مصر خلال أبريل (نيسان) المقبل وطالبت الحكومة المصرية بالسماح للمراقبين الدوليين والمحليين بمراقبة الانتخابات، كما دعت التيارات السياسية لحل الخلافات مع الحكومة من خلال الحوار.

وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، أمس: «إننا نشجع الحكومة المصرية على إجراء الانتخابات البرلمانية في أجواء شفافة وحرة وأن تسمح الحكومة المصرية للمنظمات الدولية والمحلية بمراقبة الانتخابات».

وأضافت نولاند أن «المصريين لهم الحق في تطبيق المعايير الدولية لمراقبة الانتخابات وضمان أن تتم بشكل ديمقراطي وأن تتمتع بالشفافية والحرية، ونطالب الحكومة المصرية أن توفر الجو الملائم لإجراء الانتخابات، كما نشجع المصريين على التعبير عن آرائهم في عملية ديمقراطية».

وحول اعتراضات المعارضة المصرية لإجراء الانتخابات في أجواء مشحونة بالتوتر ومطالبتها بشروط لضمان نزاهة الانتخابات، قالت نولاند «إننا نشجع كافة التيارات السياسية في مصر على المشاركة في الانتخابات، وهي عملية ديمقراطية يجب أن تتم ونريد أن نراها تتم في جو من الشفافية والنزاهة، وإذا كان لدى المعارضة المصرية مخاوف حول العملية الانتخابية فهذا يجب حله من خلال الحوار».