سعود الفيصل لأصدقاء سوريا: التاريخ لن يغفر لنا تهاوننا في مساعدة الشعب السوري

وزير الخارجية السعودي: نأسف لقيام بعض الدول بتزويد النظام السوري بالسلاح والعتاد

الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي
TT

أكد الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، أن الواقع الذي وصفه بـ«المرير» في سوريا «لن يتغير، بل قد يزداد سوءا ما لم يحسم المجتمع الدولي أمره في التحرك الجاد والسريع في وضع حد لهذه المأساة». وقال: «إن عدم التحرك الآن لن ينتج عنه سوى إراقة المزيد من الدماء البريئة والدمار المنافي لكل القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية».

وبين وزير الخارجية السعودي خلال كلمته أمام مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد أمس في العاصمة الإيطالية روما، أنه لم يعد هناك أي خيار أمام المجتمع الدولي سوى مساعدة الشعب السوري وتمكينه من الدفاع عن نفسه.

وأعرب الفيصل عن أسفه لكون بعض الدول تقدم المساعدة، وتزود النظام الأسدي بالسلاح والعتاد «الذي يمكنه من الاستمرار في المذابح ضد الشعب السوري»، في حين هناك اعتقاد سائد بوجود انقسام داخل المعارضة السورية، مشيرا إلى أن الائتلاف باعتراف دولي واسع على المستويات العربية والإسلامية والدولية، يتمتع بأهلية كممثل شرعي للشعب السوري «في الوقت الذي فقد فيه النظام السوري شرعيته وأهليته في الاستمرار في السلطة»، وفيما يلي نص الكلمة:

«يطيب لي في مستهل كلمتي أن أتقدم بالشكر والتقدير لجمهورية إيطاليا الصديقة على التهيئة لاستضافة هذا الاجتماع المهم لمجموعة الاتصال الدولية المعنية بمتابعة مستجدات الأزمة السورية.

إن اجتماعنا اليوم يتسم بأهـمية خاصة، ويجب أن يكون حاسما بالنظر لما تعكسه المرحلة الراهنة للأزمة السورية من تفاقم في الأوضاع، مع استمرار نهج النظام السوري في تعطيل وإفشال أي محاولة لتحقيق تسوية سياسية للأزمة والإصرار على المضي في فرض الحل العسكري بكل ما ينطوي عليه ذلك من سفك للدماء البريئة وتدمير للبلاد، ويكفي أن أشير إلى لجوء النظام السوري لاستخدام أنواع الأسلحة المدمرة كافة بما في ذلك صواريخ سكود ضد المدنيين ودون تفرقة، الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع مخيف في عدد الضحايا اقترب من معدل مائة ضحية في اليوم، في الوقت الذي تعمقت فيه المأساة الإنسانية ونتائجها على الدول المجاورة جراء تدفق اللاجئين إليها وانعكاسات ذلك على أمن واستقرار المنطقة عموما، وأنه مما يدعو للأسى، أن بعض الدول تقوم بالمساعدة في تزويد النظام بالسلاح والعتاد الذي يمكنه من الاستمرار في المذابح ضد الشعب السوري.

هذا الواقع المرير لن يتغير - بل قد يزداد سوءا - مالم يحسم المجتمع الدولي أمره في التحرك الجاد والسريع في وضع حد لهذه المأساة، ولم يعد هناك أي خيار أمام المجتمع الدولي سوى مساعدة الشعب السوري وتمكينه من الدفاع عن نفسه، غير أننا وللأسف الشديد نواجه بموقف دولي - خصوصا من الدول الفاعلة - ما زال يحجم عن توفير الحاجات الضرورية للشعب السوري لتمكينه من ممارسة حق الدفاع المشروع عن نفسه الذي تؤكد عليه الشرائع والقوانين كافة، وقد استند هذا الموقف على فرضية لا أساس لها حول إمكانية أن ينتهي السلاح المقدم لعناصر المقاومة في سوريا إلى فئات ذات توجهات متطرفة أو متشددة مما يترتب عليه التمهيد لاعتلاء هؤلاء سدة السلطة.

وحقيقة الأمر أن مثل هذا يفتقر إلى المنطق، فمن ناحية فإن حجم المتطرفين في ساحة القتال السورية ليس بالمستوى الذي يصوره الإعلام الغربي، ومن ناحية أخرى فإن هذه الفئات تتلقى - على أي حال - حاجتها من المعونات العسكرية من عدة مصادر، وهو الشيء الذي لا يتوفر لغالبية أفراد المقاومة السورية. ومن الطبيعي أن يؤدي هذا الأمر إلى توسيع رقعة التطرف على حساب رقعة الاعتدال بخلاف ما ترمي إليه الدول الغربية في هذا الصدد من خلال سياسة منع وصول السلاح إلى المقاومة السورية المشروعة.

أضف إلى ذلك أن الاعتقاد السائد بوجود انقسام داخل المعارضة السورية، لا يتفق مع واقع نشوء الائتلاف السوري، الذي أسهم في بلوغ قدر كبير من الاتفاق والتلاقي، وأدى إلى توحيد في الرؤية والاستراتيجية بين جل فئات المعارضة السورية. ويكفي أن أشير إلى الملاحظات التالية في ما يتعلق بوضعية ائتلاف المعارضة السورية:

أولا: يحظى هذا الائتلاف باعتراف دولي واسع على المستويات العربية والإسلامية والدولية.

ثانيا: يتمتع الائتلاف بأهلية كممثل شرعي للشعب السوري في الوقت الذي فقد فيه النظام السوري شرعيته وأهليته في الاستمرار في السلطة.

ثالثا: تحرص قيادات الائتلاف على التأكيد في كل مناسبة وموقف على أهـمية الحفاظ على وحدة سوريا الوطنية والترابية، وتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الشعب السوري بمكوناتهم كافة، وبذل كل ما من شأنه التهيئة لسوريا جديدة تتحقق فيها التطلعات المشروعة لجميع فئات الشعب السوري على أساس من التعددية والعدل والمساواة. وهو الشيء الذي تضمنته وثائق القاهرة واتفاق الدوحة والتي شارك في صياغتها جميع أطياف المعارضة السورية.

رابعا: يحرص الائتلاف على بناء صلات مباشرة بين المقاومة في الداخل بكافة شرائحها وتوجهاتها والمعارضة السياسية بكافة تياراتها.

خامسا: إن الدول المساندة للائتلاف على استعداد من جانبها للمشاركة في ضمان وفاء الائتلاف السوري بالتزاماته وواجباته التي أعلن عنها في جميع المناسبات.

وإذا لم تكن هذه العناصر جميعها في ما يتعلق بتوجهات الائتلاف السوري ومقاصده سببا كافيا لدعم هذا الائتلاف والوقوف إلى جانبه من قبل المجتمع الدولي، فإننا نكون حينها قد أتحنا للنظام السوري من الأسباب ما يجعله يمضي في سياسة القتل والإبادة والقضاء على الأخضر واليابس في سوريا، مما يهدد بزعزعة أمن واستقرار الدول المجاورة والمنطقة برمتها.

إن مصير القضية السورية يتوقف على جديتنا وعزمنا في اتخاذ موقف صلب وصريح يعكس وحدة المجتمع الدولي. وعلى نحو خاص يستوجب علينا إنهاء حالة التصدع الحاصل في أطراف المجتمع الدولي.

في الختام، أناشد ضمائركم، حيث إن الوقت يداهـمنا جميعا، أنه لا يمكن للمجتمع الدولي التسويف أكثر من ذلك، ويتعين علينا التحرك فورا لمساعدة الشعب السوري لتمكينه من الدفاع عن نفسه من نظام بلغ حدودا قصوى في الطغيان والشراسة.

إن عدم التحرك الآن لن ينتج عنه سوى إراقة المزيد من الدماء البريئة والدمار المنافي لكل القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية. إن التاريخ لن يغفر لنا، كما أننا لن نغفر لأنفسنا تهاوننا في هذا الأمر».

وكان اتفاق المشاركين في مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» في روما، نص على تقديم المزيد من الدعم السياسي والمادي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وجاء في البيان الختامي للمؤتمر «إن المشاركين من ممثلي الولايات المتحدة والدول العربية والأوروبية من أصدقاء الائتلاف الوطني السوري وعدوا بمزيد من الدعم السياسي والمادي للهيئة المعترف بها باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري».

وأكدوا على ضرورة تغيير ميزان القوى على الأرض في سوريا، مشيرين إلى أنه جرى في هذا الإطار إعادة النظر بخطط الدعم الحالية والمستقبلية، التي سيتم من خلالها تنسيق الجهود المبذولة لدعم الشعب السوري.

ووعد المؤتمر بـ«دعم القيادة العليا للجيش السوري الحر، الملتزمة بالدفاع عن نفسها»، وفي الوقت نفسه «دعم الائتلاف في مجال إنشاء نظام ديمقراطي يتمتع فيه جميع المواطنين بالمساواة أمام القانون بغض النظر عن أي تمييز جنسي أو عرقي أو ديني أو سياسي».

وشدد الوزراء الذين حضروا الاجتماع على ضرورة الحفاظ على «وحدة أرض سوريا»، مناشدين «نظام دمشق لاغتنام الفرصة وتقبل هذه الشروط المناسبة لبدء مسيرة تفضي إلى حل الأزمة، بما في ذلك مسألة استقالة الرئيس الأسد، ووضع حد للمجازر وتحرير السجناء».