رئيس تشاد: أبو زيد قيادي «القاعدة» قتل في اشتباكات بين الجيش ومتشددين في مالي

مهرب سابق تحول إلى جهادي واشتهر بخطفه للغربيين

عبد الحميد أبو زيد قيادي القاعدة في المغرب الاسلامي الذي قتل الأسبوع الماضي
TT

أكد الرئيس التشادي إدريس ديبي، مقتل القيادي في «القاعدة»، الجزائري عبد الحميد أبو زيد في اشتباكات اندلعت قبل أيام بين الجيش التشادي ومقاتلين متشددين في شمال مالي. وذكرت وسائل الإعلام الجزائرية، أن الرئيس التشادي أعلن بعد مراسم تشييع جنود تشاديين قتلوا في الاشتباكات في مالي أن القوات التشادية هي من قتلت اثنين من قادة الجهاديين، من بينهم أبو زيد. وجاء هذا في أعقاب رفض فرنسا ومالي تأكيد نبأ مقتل أبو زيد، الذي أعلنته الخميس وسائل إعلام جزائرية، وأكدته مصادر قريبة من المقاتلين المرتبطين بتنظيم القاعدة وزعماء القبائل في شمال مالي، وكانت تقارير صحافية قد ذكرت أن أجهزة الأمن الجزائرية أجرت اختبارات حمض نووي (دي إن إيه) على عينات أخذت من أفراد أسرة القيادي عبد الحميد أبو زيد، للتأكد من هويته، بعد تردد أنباء حول مقتله في غارات شنها الطيران الفرنسي على شمال مالي.

وقال ديبي لسياسيين معارضين في حضور صحافيين بعد مراسم تشييع جنود تشاديين قتلوا في الاشتباكات في مالي: «القوات التشادية هي من قتلت اثنين من قادة الجهاديين من بينهم أبو زيد». وتتعقب القوات التشادية بدعم من القوات الفرنسية الخاصة والطائرات المقاتلة جيوب المتمردين المرتبطين بالقاعدة في المنطقة الحدودية مع الجزائر، بعدما كسرت حملة استمرت 7 أسابيع، بقيادة فرنسا، هيمنة الإسلاميين على شمال مالي. ويكتسب مقتل أبو زيد أهمية، لكن لن يوجه ضربة قاضية للجماعة. وأدخل أبو زيد عشرات الملايين من الدولارات لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي عبر موجة من خطف الغربيين في منطقة الصحراء خلال السنوات الـ5 الماضية.

ولا يزال مختار بلمختار العقل المدبر لعملية احتجاز رهائن جماعية في مجمع عين أميناس للغاز بالجزائر طليقا، وكذلك الزعيم الإسلامي للطوارق إياد أغ غالي، الذي وضع هذا الأسبوع على القائمة الأميركية للإرهاب العالمي.

وكانت مصادر مقربة للإسلاميين المتشددين وشيوخ القبائل قد قالوا في وقت سابق إن أبو زيد الذي ينحى عليه باللائمة في مقتل ما لا يقل عن 20 غربيا في منطقة الصحراء من بين 40 متشددا قتلوا في الأيام القليلة الماضية في سفوح جبال إدرار دي افوغاس.

وكان تلفزيون «النهار» الجزائري، الذي له صلات جيدة بأجهزة الأمن الجزائرية قد أورد نبأ مقتله يوم الخميس، لكن لم يكن هناك تأكيد رسمي.

ويعتبر أبو زيد الجزائري المولد، وهو مهرب سابق تحول إلى جهادي، أحد أهم عناصر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. ويعتقد أنه أعدم الرهينة البريطاني ادوين داير في 2009، والفرنسي ميشال جيرمانو الذي كان يبلغ من العمر 78 عاما. ويحتل «عبد الحميد أبو زيد» قائد كتيبة «طارق بن زياد» أو «الفاتحين» المرتبة الثالثة من الهرم القيادي لتنظيم القاعدة ويقود أبو زيد واسمه الحقيقي أديب حمادو، الذي يوصف بالرجل القاسي والعنيف والمتعصب، الجناح الأكثر تطرفا في «القاعدة»؛ فجماعته كانت أول جماعة أعدمت رهينة هو البريطاني أدوين دير في يونيو (حزيران) 2009، وكانت عملية الإعدام هذه الأولى لأجنبي منذ اختطاف وقتل رهبان تبحرين في عام 1996 في الجزائر. ويعود أول أعمال أبو زيد المسلحة إلى عام 2003، حين وجهت إليه وإلى عماري صايفي الملقب بـ«عبد الرزاق أل بارا» اتهامات باختطاف مجموعة من السياح الأجانب ثم اتهم باختطاف نمساوي وزوجته في الجزائر في فبراير (شباط) 2008 وأيضا اختطاف سياح أوروبيين بمالي في عام 2009، كما أن الرهينة الفرنسي ميشال جيرمانو الذي أعدم في يوليو (تموز) 2010 كان في قبضته.

وأصبح أبو زيد زعيما من زعماء «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» بعد إلقاء القبض على عدد من مسؤولي التنظيم وإبعاد عدد آخر منهم عن مراكز القيادة.

وقال مسؤول أميركي لوكالة الصحافة الفرنسية طالبا عدم كشف هويته: «نعتبر أن هذه المعلومات تتسم بمصداقية كبيرة». وأضاف: «إذا كان ذلك صحيحا فسيشكل ضربة كبيرة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وقال الباحث الفرنسي جان بيار فيليو مؤلف عدة كتب بينها «الحيوات التسع للقاعدة»، إن «أبو زيد وسع بشكل مثير للدهشة نطاق عمله بقدرة حركية كبيرة، عبر خطف سياح في جنوب تونس وفتح جبهة النيجر التي لم يكن لها وجود قبله». وعبر الرهينة الفرنسي بيار كامات الذي كان يعمل في المجال الإنساني وخطفه التنظيم في نهاية 2009 في مالي، عن ارتياحه بعد الإعلان عن مقتل أبو زيد. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن النبأ يشكل «مصدر ارتياح». وأضاف كامات الذي أفرج عنه في فبراير 2010 بعد ثلاثة أشهر على خطفه في صحراء مالي إن «مقتله مع جزء من العاملين معه يدل على أن قيادة المنظمة قوضت». وأبو زيد 46 عاما واسمه الحقيقي محمد غديري، ولد في واحة توقورت التي تبعد 600 كلم جنوب العاصمة الجزائرية وأصبح في سن الرابعة والعشرين عضوا في جبهة الإنقاذ الإسلامية التي انتقلت إلى العمل المسلح في نهاية 1991 عندما منعها الجيش الجزائري من تولي السلطة بعد فوزها في أول انتخابات تشريعية تعددية في البلاد. وقد ظهر أبو زيد للمرة الأولى في 2003 مساعدا لعبد الرزاق البارا المعتقل حاليا في الجزائر، في عملية خطف 32 سائحا أوروبيا في جنوب الجزائر تقف وراءها الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي أصبحت القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وذكر المصدر نفسه المطلع على شبكات الجهاديين الجزائريين أن الصور الأولى له، التقطها هؤلاء الرهائن نشرت في وسائل إعلام ألمانية بعد إطلاق سراحهم. ويبدو في هذه الصور رجلا قصير القامة ونحيلا وملتحيا. وفي فيلم لهواة صوره أحد أعضاء القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في 2007 وتمكنت وكالة الصحافة الفرنسية من مشاهدته في موريتانيا، ظهر أبو زيد لفترة وجيزة يبدو عليه الاستياء، مع جهاديين آخرين حول سيارة «تويوتا» يملكونها.