الصين: ميزانية لمواجهة الاضطرابات الداخلية تفوق الإنفاق على الدفاع

انطلاق أعمال المؤتمر السنوي للبرلمان تمهيدا لنقل السلطة إلى تشي وفريقه

الرئيس المنتهية ولايته جينتاو (الثالث يسارا) وخلفه تشي (الرابع يسارا) أثناء وصولهما برفقة مسؤولين آخرين إلى مؤتمر الجمعية الوطنية في بكين أمس (أ.ب)
TT

كشفت الصين، أمس، عن زيادة كبيرة جديدة في ميزانيتها العسكرية، إلا أن إنفاقها على الأمن الداخلي سيتجاوز ميزانية الدفاع للعام الثالث على التوالي، مما يبرز قلق بكين إزاء المخاطر الداخلية.

وأظهرت الميزانية التي أعلن عنها رئيس الوزراء المنتهية ولايته وين جياباو في افتتاح المؤتمر السنوي للبرلمان، أن الإنفاق على جيش التحرير الشعبي سيزيد بنسبة 10.7 في المائة ليصل إلى 740.6 مليار يوان (119 مليار دولار) بينما ستزيد ميزانية الأمن الداخلي بنسبة 8.7 في المائة إلى 769.1 مليار يوان.

وتبرز الأرقام أن اهتمام الحزب الشيوعي الحاكم لا ينصب على النزاعات الإقليمية مع اليابان وجنوب شرقي آسيا وعودة تركيز الولايات المتحدة على المنطقة فحسب، بل وعلى الاضطرابات الشعبية الناجمة عن الفساد والتلوث وإساءة استغلال السلطة، على الرغم من النمو الاقتصادي القوي وارتفاع مستوى الدخل.

وكانت عدة دراسات دعمتها الحكومة قد أظهرت أن عدد وقائع الاضطرابات الشعبية التي سجلتها الحكومة الصينية زاد من 8700 واقعة عام 1993، إلى 90 ألفا في 2010. وأوردت بعض التقديرات أرقاما أعلى، ولم تصدر الحكومة بيانات رسمية منذ أعوام. وقال نيكولاس بيكلين الباحث بمنظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية: «هذا يظهر أن الحزب مهتم أكثر بمخاطر اضطراب الاستقرار المحتملة النابعة من داخل البلاد أكثر من تلك النابعة من الخارج، وهو ما ينبئنا بأن الحزب أقل ثقة بكثير».

وأضاف: «الحكومة الواثقة التي لا تخشى شعبها ليست بحاجة لميزانية أمن داخلي تفوق الإنفاق الدفاعي». ولا يزال الإنفاق الدفاعي بالصين يمثل نحو 5.4 في المائة من إجمالي الإنفاق، ارتفاعا من 5.3 في المائة العام الماضي.

وقدم جياباو هذه الأرقام خلال افتتاحه للمرة الأخيرة، أمس، أعمال جمعية الوطنية الشعبية (قبل) أن يسلم مهامه إلى لي كيكيانغ. وعرض جياباو على مندوبي جمعية الوطنية الـ3 آلاف تقريبا المجتمعين في قصر الشعب ببكين التقرير التقليدي لعمل حكومته، فقدم في هذه الوثيقة المؤلفة من 32 صفحة حصيلة «المرحلة الاستثنائية» الأخيرة من 5 سنوات ورسم آفاق ثاني اقتصاد في العالم. وستصادق الجمعية الوطنية الشعبية في دورتها السنوية هذا العام على تعيين القيادة الجديدة التي تم اختيارها خلال المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني المنعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ومن المقرر تثبيت الأمين العام للحزب الشيوعي شي جينبينغ (59 عاما) رسميا رئيسا للبلاد خلفا لهو جينتاو، ولي كيكيانغ، 57 عاما، على رأس الحكومة خلفا لجياباو. وهذا الفريق الجديد سيقود الصين مبدئيا للعقد المقبل.

وان كانت مكافحة الفساد المنتشر داخل الحزب والدولة تشكل أولى أولويات القيادة الجديدة، فإن جياباو لم يتطرق إليها إلا بشكل عابر في إعلان نية مقتضب في نهاية خطابه، قال فيه: «سنعزز الكفاح ضد الفساد ومن أجل نزاهة الموظفين». وأثارت صحيفة «نيويورك تايمز» فضيحة العام الماضي حين كشفت أن عائلة رئيس الوزراء تملك ثروة طائلة تقدر بـ2.2 مليار دولار عام 2007. غير أن الصحيفة لم تذكر أي اختلاس أموال من قبل جياباو نفسه. وقال رئيس الوزراء المنتهية ولايته: «سنواصل بناء دولة قانون»، مقرا في الوقت نفسه بأنه يترتب على السلطات «توطيد علاقاتها مع الجماهير الشعبية». وتحدث عن «نظام توازن بين السلطات، بحيث يتمكن الشعب من مراقبة السلطة وتعمل السلطة بشفافية».

وأشاد جياباو بالنجاحات التي حققتها الصين في السنوات الأخيرة، ذاكرا من بينها «الخروقات الكبرى في الرحلات الفضائية المأهولة، واستكشاف القمر، والغطس المأهول إلى عمق البحار، ونظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية، وإطلاق كومبيوتر فائق القوة»، وإطلاق حاملة طائرات وخط قطارات فائقة السرعة، فضلا عن تنظيم دورة بكين للألعاب الأولمبية عام 2008. ثم عدد جياباو بشكل مفصل «التناقضات» التي تواجهها الصين، لا سيما التناقض «بين النمو الاقتصادي والبيئة والموارد الطبيعية»، الذي «يتفاقم» برأيه. وقال: «سنعمل على تشجيع نمو أخضر دائري ذي انبعاثات كربون منخفضة»، مبديا «تصميما قويا على تسوية مشكلات تلوث الجو والمياه والأرض الكبرى».

ولم يلمح إلى أي تعديل لسياسة الطفل الوحيد، على الرغم من ارتفاع معدل الشيخوخة بين السكان، وقال: «سنبقي على سياسة التخطيط العائلي». وتنتهي أعمال الجمعية الوطنية الشعبية في 17 مارس (آذار) الحالي.