ريف اللاذقية: متنفس المعارضين للنظام في مناطق الساحل السوري

تتمركز فيه مجموعات مقاتلة.. بينها 3 تابعة لـ«النصرة»

TT

استطاع النظام السوري عبر قبضته الأمنية الصارمة أن يمنع استمرار الحراك الثوري في مدينة اللاذقية الساحلية منذ ما يقارب السنة، وذلك بعد حملات ممنهجة قامت بها أجهزة الأمن وعناصر «الشبيحة» ضد المعارضة السلمية، وأدت هذه الحملات إلى سلسلة مجازر دموية إضافة إلى هروب عدد كبير من الناشطين. لكن ريف المدينة كما يؤكد ناشطون «بقي عصيا على النظام السوري وتحول بسبب القمع الذي مورس على المدينة إلى معقل (للجيش السوري الحر) يتوافد إليه أبناء المدينة المعارضين للانضمام إلى الكتائب المقاتلة التي يصل عددها إلى 400 مجموعة تتكون كل واحدة منها من حوالي 40 عنصرا, مسلحة بينها ثلاث تتبع جبهة النصرة الإسلامية».

وتتوزع قرى ريف اللاذقية حيث يسيطر «الجيش الحر» بين جبل التركمان القريب من الحدود التركية – السورية والذي تقطنه غالبية تركمانية، وجبل الأكراد الممتد إلى بداية مشارف مدينة إدلب، شمال البلاد. ويؤكد أحمد وهو ناشط معارض، يقيم في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن «ريف اللاذقية بات ملاذا للمعارضين الذين يسكنون في مدن الساحل الموالية مثل بانياس وجبلة وطرطوس وكذلك اللاذقية. هؤلاء لا يستطيعون تقديم أي شيء للثورة نتيجة الحصار الأمني الشديد الذي يفرضه النظام عليهم» وبحسب الناشط المعارض: «فإن الكثير من الشباب في اللاذقية من الذين كانوا يشاركون في المظاهرات مع البدايات الأولى للثورة ذهبوا إلى الريف وتحولوا إلى العمل العسكري ضد النظام».

وكان ريف اللاذقية قد ظل هادئا نسبيا في بداية «الثورة»، ليتحول لاحقا إلى معقل للجيش الحر حيث سيطرت عليه كتائب المعارضة في مطلع شهر يونيو (حزيران) 2012، ولم يستغرق الأمر أكثر من أربعة أيام من المعارك قبل أن يتمكن «الثوار» من السيطرة على مدينة «ربيعة»، وهي المدينة الأكثر أهمية في هذه المنطقة. وبعد إحكام كتائب «الحر» سيطرتها على عموم قرى الريف، باتت هذه القرى هدفا لطائرات النظام السوري يقوم بقصفها بشكل شبه يومي، وفقا لناشطين.

وتكشف مصادر ميدانية، أن القوات النظامية قامت منذ أيام بتنفيذ هجوم بري على الريف مستعينة بمجموعات كبيرة من «الشبيحة»، لكن هذه الهجوم تم التصدي له عبر محور قرية الخضرا من قبل كتائب «الجيش الحر»، ويقول أبو الحارس، أحد القادة العسكريين في هذا المحور لـ«الشرق الأوسط»: «إنه قد تم حشد عدد كبير من المقاتلين والاستعانة بعدة كتائب لصد الهجوم الضاري من قبل نظام الأسد، فقمنا بحركة التفافية عليهم، مكبدين إياهم خسائر فادحة».

ويظهر شريط فيديو قام ناشطون معارضون ببثه على مواقع الإنترنت جثث عدد من الأشخاص يقول معارضون إنهم من «الشبيحة» تم قتلهم خلال المعارك مع كتائب «الجيش الحر» في ريف محافظة اللاذقية. ويشير أبو الحارس إلى «أن التصدي للهجوم شمل محاور عدة في قرية غمام وقريتي الزويك والدغمشلية، لكن محور قرية الخضرا بقي أساسيا لصدّ الهجوم المباغت»، مشيرا إلى أن «هدف الحملة التي يشنها النظام على ريف اللاذقية هو إعادة إخضاعه وفتح الطريق الدولي بين اللاذقية وحلب، والذي أغلقه الثوار منذ ما يزيد عن أربعة أشهر وحرموا قوات النظام من نقل إمداداته القادمة من البحر إلى حلب وجسر الشغور وأطراف الغاب». ويكشف أبو الحارس أن «الجيش الحر» يستعد لشن هجوم عسكري للسيطرة على مناطق البسيط والفرلق وكسب التي يتواجد فيها معبر كسب الحدودي الواقع تحت سيطرة القوات النظامية، ويضيف «في حال سقوط هذه المناطق سنصبح في مأمن من هجومات الجيش النظامي».

ويؤكد أبو الحارس «وجود أكثر من 400 كتيبة مقاتلة في ريف اللاذقية ثلاث منها تتبع جبهة النصرة الإسلامية» مشيرا إلى «وجود تنسيق كبير بين هذه الكتائب، لأن ما يجمعها هو إسقاط نظام بشار الأسد». وعن مصادر تمويل السلاح يقول: «معظم الأسلحة التي نملكها من بنادق ومضادات طيران ودبابات هي غنائم من الجيش النظامي إضافة إلى مساعدات من المجالس العسكرية» إلى ذلك نقلت وكالة رويترز عن مصادر الحكومة السورية كشفها منظومة تجسس إسرائيلية تراقب «موقعا حساسا» قبالة الساحل السوري على البحر المتوسط. ونقل التلفزيون الرسمي عن مصدر مسؤول قوله «إن معدات اكتشفت في الأيام القليلة الماضية في موقع على الساحل»، مشيرا إلى أن «هذه المعدات تسلط الضوء على الدور الذي لعبته إسرائيل في الانتفاضة على حكم الرئيس بشار الأسد».

وأشارت رويترز أن «المعدات التي عرضها التلفزيون السوري قريبة الشبه من معدات ضبطت في لبنان في السنوات القليلة الماضية وقالت السلطات اللبنانية أيضا إن إسرائيل استخدمتها لمراقبة التحركات داخل لبنان».